علي المطوع

إكسبو 2030 طموح قيادة وفرحة شعب

الأربعاء - 29 نوفمبر 2023

Wed - 29 Nov 2023


فرحة غامرة تغشت السعوديين لحظة إعلان فوز بلدهم بتنظيم معرض إكسبو 2030، فرحة عكست مستوى الوعي لدى الناس وتفاعلهم مع مستجدات العصر وقدرتهم على فهم المتغيرات الاقتصادية الحديثة وتأثيراتها الداخلية والخارجية.

للحدث المنتظر أبعاد اقتصادية كثيرة ناهيك عن الأبعاد السياسية والفكرية والثقافية، فمعرض مثل إكسبو ليس حدثا عاديا، بل هو درة الأحداث التي تجمع العالم بالنخبة العلمية والاقتصادية والفكرية، ليتعاطوا مستجدات العصر من مخترعات واكتشافات، والتي ستعيد تشكيل خارطة الفكر الإنساني وتبعثه من جديد، في صور من القفزات العلمية التي ستنقل الإنسان من مدار تقني ضيق إلى مدارات أرحب وأكمل من الجديد والمفيد الذي سيعيد تموضع الإنسان في كونه الفسيح ليعمر وينتج ويعيش.

المعرض ليس حدثا عاديا وبداياته في أزمان بعيدة نسبية تؤكد أن كل دورة من دوراته كانت تمثل منعطفا مهما في تاريخ البشرية، والدليل أن ما قبل كل دورة كان شيئا وما بعدها كانت أشياء أعادت تشكيل خارطة الوعي الإنساني من جديد بما يتواءم مع المستجدات العلمية التي تبدأ في هذا المعرض وتنتهي بالإنسان، الذي ما زال يبحث عن الجديد من خلال المخترعات والتقنيات التي أضحت تنافس هذا الإنسان في الحضور والتأثير.

بالنسبة لنا كسعوديين فلنا مع هذه التظاهرة العلمية العالمية عدة وقفات:
1 - إن توقيت هذه التظاهرة العالمية سيكون في غاية الأهمية فهو يأتي متوافقا مع قطف ثمار رؤية المملكة 2030 بمعنى أن الرؤية ستكون قد اكتملت، وأن أبعادها الأساسية قد تشكلت وفق محاورها أو ركائزها الرئيسة الثلاثة والمتمثلة، في المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح، فالأخيرة تجسدها النقلات الحضارية المتتابعة ومنها إكسبو 2030 وباقي مشاريع الرؤية، والمجتمع ستزداد حيويته تبعا لهذا المتغير الجديد الذي سيضفي أبعادا إبداعية على حراكات النخب وبقية الناس، أما الاقتصاد فهو البعد الأهم الذي سوف يؤثر في هذه التظاهرة ويتأثر بأحداثها وتبعات تنظيمها كحدث علمي له جوانبه الاقتصادية المربحة.

2 - فرصة لبعث قيمنا وتاريخنا وحضارتنا العربية والإسلامية الأصيلة والصحيحة، من خلال إيجاد برامج مصاحبة وفعاليات ترسخ هذا الجانب، وتصحح مفاهيم الآخرين عن الإسلام والمسلمين عموما وعن هذه البلاد تحديدا كمركز إشعاعا وركيزة للإسلام وأهله، والتي شابها الكثير من التشويش والفهم الخاطئ من الآخرين، مما يجعل هذا الحدث فرصة سانحة لإعادة تشكيل الصورة وترسيخها في وجدان الآخرين؛ صورة صحيحة تعكس الواقع وتجسده وتجسره في صور إيجابية حضارية مع الضيوف القادمين.

3 - جيل قادم ستصافحه هذه التظاهرة العالمية وستجعله أسيرا لمفاهيم العصر من تقنيات ومخترعات، هذا الجيل سيجد أن بلاده قد أصبحت مهيأة للدخول في أتون الجديد والمفيد على الصعيد الإنساني، هذا الجيل سيكون الجيل الذي سيرعى الرؤية العشرية القادمة 2040 وستكون تجربته أكثر نضجا كونه قد عاش الرؤية الأولى وسيكون في ذلك التوقيت شريكا فاعلا وصانعا لرؤية وطن جديدة بخطط طامحة وبمفاهيم أكثر عصرية.

4- السعودية الجديدة تأخذنا إلى منعطفات حضارية مهمة، وإعادة تقييم التجارب والاستفادة من المنجزات العظيمة وتجاوز الأخطاء الطبيعية التي تعترض أي عمل إنساني، هو الأساس المهم في المراحل القادمة، فطموح السعودي يتجاوز حدود تجاربه السابقة، مع أن تلك التجارب قد جعلت من هذا الإنسان نسقا مختلفا في محيطه القريب والبعيد والأبعد، فخطط التنمية بدأت مبكرة، والتعليم النوعي آتى أكله؛ مجسدا في مستويات تعليمية عالية لشبابنا وبناتنا، ليست موجودة في كثير من الدول التي سبقتنا تجاربها بعشرات السنين، واقتصادنا يعيش بدايات مراحل التنوع والتي ستغير وجه البلد من كيان مهم لإنتاج النفط ليصبح مكانا مهيأ لإنتاج العلم والثقافة والتقنية، والتي هي اليوم أساس الاقتصاد المزدهر الذي تطمح له قيادتنا الرشيدة وتعمل من أجله وينتظره شعبها الوفي.


alaseery2@