احزم حقائبك
الثلاثاء - 28 نوفمبر 2023
Tue - 28 Nov 2023
نظر إلى صاحبه متسائلا: هل خالجك ذات يوم إحساس بالحاجة الملحة إلى التنائي عن عملك والابتعاد عن عالمك المعهود؟ وهل شعرت يوما من الأيام أن هناك المزيد لتتوصل إلى معرفة ما كان خافيا أو غامضا أو مجهولا عن الحياة اليومية؟ فأجابه: إن العناية والاعتناء التام بالمسؤولية اليومية أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح في الحياة، ومع ذلك قد لا يكون هناك وعي بالنتيجة التي يمكن أن يسببها العمل المستمر دون توقف، وقد لا يكون هناك إدراك لأهمية التخلص من الفتور الذي يتعرض للإنسان من كثرة المداومة على فعل أو عمل بشكل يومي والذي قد يسبب الكلال والسأم والضجر والتعب والإعياء الذهني والملل والحياة الروتينية النمطية، وذلك من خلال التزود بكمية من الاستقرار والارتياح النفسي الذي يساعد فيما بعد في العودة إلى الحياة الطبيعية والعمل بقوة، وغالبا ما يكون تغيير النظرة السلبية للحياة والنظر للأحداث من جانبها المظلم إلى نظرة إيجابية في كل مناحي الحياة هو كل ما يحتاجه الإنسان لإعادة إشعال الرغبة بالتعديل والتطوير والتحسين إلى ما هو أفضل في جميع مناحي حياته، وقد يكون البقاء على حدة والابتعاد بعيدا عن مكان المشكلة حلا مناسبا لتغيير الرتابة وتعزيز مستويات السعادة والتي تؤثر على صحته الجسدية والنفسية والنظر إلى المستقبل بشكل إيجابي ولا يضيع وقته في التفكير الزائد، وقد ينغمس الإنسان في العمل لعدة أشهر وربما لسنوات لا يتمتع فيها بإجازة أو بسفرة؛ فيظن الكثيرون أن السفر ليس إلا أمرا هامشيا ويحسبون أنه غير ضروري ولا يتصورون أن أحدا في حاجة ماسة إليه لكن الأمر قد لا يبدو صحيحا.
يعتبر قضاء الإنسان بعض الوقت بعيدا عن الشعور بأنه تحت ضغط غير طبيعي عاملا مساعدا في التخلص من رد الفعل النفسي والجسدي تجاه متطلبات الحياة والشعور بالضيق وبالتالي سيشعر بالاسترخاء وبسكون البال، وسيمر بحالة من الصفاء لا تشوبها حركة ولا تعكرها جلبة نتيجة لتخفيف الضغوطات سواء أكانت في العمل أو في المنزل والتي هي – بلا شك – تؤثر على طاقاته وقدراته العقلية وعلى التوازن بين العمل والحياة من خلال عدم وجود تعارض بين أدوار الحياة المختلفة وبين مهام العمل.
يحتاج الإبداع والتفكير من منظور جديد وبطرق غير تقليدية إلى صفاء الذهن ووضوحه وجلائه وراحة البال والارتياح الداخلي والرضا النفسي والطمأنينة، وكلما زادت الأفكار زادت الأهداف وكلما زادت الأهداف زاد الاستمتاع، ولا شك أن السفر يحرر من قبضة الضغوطات التي يتعرض لها الإنسان بشكل يومي والتي تختلف تأثيراتها عليه، كما يساعد على رؤية المشاكل من منظور آخر والتحلي بالإيجابية وحل المشكلات بصورة أفضل.
السفر كلمة لطالما حسنت المزاج، ويعتبرها البعض فترة راحة وتوقفا قصيرا وفاصلا من الوقت بينما يحددها آخرون نقطة لبداية جديدة أو علاجا لمرحلة صعبة جسدية أو نفسية، وبالرغم مما يسببه السفر من مشقة وعناء وإنهاك وتعب مفرط إلا أنه له فوائد عديدة سواء من الناحية الجسدية أو النفسية أو العقلية؛ فهو لا يقل شأنه في الأهمية عن باقي العوامل الأخرى التي تسبب سعادة للإنسان وتحسنا في مزاجه؛ فاحزم حقائبك.