عبدالله أحمد الزهراني

الرعاية الصحية بين الاهتمام والإهمال

الاثنين - 27 نوفمبر 2023

Mon - 27 Nov 2023


ما أقصده بالعنوان رعاية الدولة وإهمال القطاع الخاص، ومن المعلوم، ولله الحمد، أن الدولة لم تأل جهدا لرعاية أبناء هذا البلد المعطاء على مختلف أعمارهم، وتأمين الرعاية الصحية المجانية لهم سواء الوقائية أو العلاجية، وهذا حق مشروع تحث عليه الشريعة السمحة وتكفله المواطنة وتطالب به المنظمات الدولية، وحيث إن الدولة تبذل قصارى جهدها في هذا الخصوص فتقدم رعاية طبية ممتازة ومجانية للمواطن من قبل حتى الشيخوخة، وكل هذا يقدم بدون فضل أو منه فذلك من واجباتها ومن حق مواطنيها، وما إقرار التأمين الطبي والشامل المجاني الذي اعتمد مؤخرا إلا إحدى الشواهد على هذه الرعاية.

إلا أن ذلك يجب ألا يعفي الشركات، المصانع، المؤسسات الكبرى والمصارف من المساهمة، ولو بجزء بسيط من أرباحها، في سبيل تعزيز ما تقدمه الدولة من رعاية لا حدود لها، ولا مزايدة عليها.

وبما أننا ولله الحمد والمنة دولة قوية اقتصاديا، غنية بمواردها، يسكنها مجتمع مسلم تربطه روابط اجتماعية ودينية قوية، تحتم التكاتف والتعاون بين أفراده، ورغم كل ذلك، إلا أننا لا نزال نلمس قصورا واضحا في مساهمات القطاع الخاص أفرادا، مؤسسات، مصانع، شركات أو مصارف عن الاضطلاع بما يجب عليهم من المساهمات الاجتماعية والإنسانية، إلا من رحم الله وقليل ما هم.

لو نظرنا في لمحة سريعة للغرب لوجدنا أنه بلغ شأوا كبيرا في هذا الخصوص، فهناك مستشفيات، مدارس، معامل أبحاث ومشاريع صحية، تعليمية وتنموية كثيرة يسهم بها القطاع الخاص تطوعا لخدمة البلد التي يجني منها مكاسبه، ومن أموال دافعي الضرائب فيها ينمي ثروته.

وللأسف الشديد نحن لا نزال متأخرين كثيرا في هذا المجال، وتنقصنا ثقافة الإنفاق في مجالات الرعاية الصحية، والتعليم والأبحاث وغيرها من المجالات الأخرى.

والسؤال الذي يطرح نفسه، أو الأسئلة التي تطل برؤوسها متلهفة لإجابات كافية كثيرة، ولعلي أورد بعضها: هل سنسمع يوما أن معمل الأبحاث هذا تموله أحد المصارف المحلية؟ أو ستقوم إحدى شركات النقل بالتكفل بتنقلات المرضى من المناطق النائية إلى المدن الكبيرة حيث يتلقون العلاج؟ أو أن فندقا بأحد المدن الكبرى سيستضيف مجانا المرضى القادمين من خارج تلك المدينة؟ أو هل ستجعل إحدى شركات الاتصالات الاتصال مجانا بين المرضى المنومين وذويهم في المناطق النائية؟ أو هل ستوفر مجانا خدمة الاستشارات الهاتفية بين المستشفيات التخصصية والمستشفيات العامة والمستوصفات في كافة أرجاء البلد؟
أو هل ستتكفل بعض القنوات الفضائية ببث المؤتمرات والندوات الطبية لكافة المستشفيات والمستوصفات ليتسنى لكافة المختصين متابعتها والاستفادة منها؟ أو هل ستتولى إحدى الشركات البترولية أو الكيمائية أو الصناعية تأمين الأدوية اللازمة لمرض معين؟ أم هل سنجد معهدا أو جامعة أهلية تقدم منحا دراسية مجانية للمرضى المعافين؟
أو هل ستقوم جهة ما بتبني مريض مصاب بالسرطان ويرعاه في مراحل علاجه منذ البداية وحتى الشفاء بإذن الله، ويقال: يتم علاج هذا المريض برعاية....؟
ومتى ستمتد أيادي الخير في بلد الخير لرعاية والعناية بذوي الظروف المعيشية الصعبة من المرضى وأسرهم؟
قد لا تعدو كل هذه الأسئلة كونها محض خيال، أو أماني صعبة التحقيق، وربما لو طالبت بتحقيق بعضها، أو أحدها لقيل إنني أبحث عن المستحيل.

ولكن على أية حال، يجب أن نحسن الظن بمجتمعنا وبمؤسساتنا وشركاتنا ومصانعنا ومصارفنا الوطنية العملاقة، وربما أنها تتحين الفرص للمساهمة والقيام بدورها في خدمة المجتمع ورد جزء من فضل الوطن عليها، أقول ربما، والله من وراء القصد.


raheenalzain@