عمر عدنان أسرة

الارتقاء بالمشهد العمراني للمدن السعودية القائمة

الاثنين - 27 نوفمبر 2023

Mon - 27 Nov 2023

مع تسارع معدلات النمو السكاني والتحضر داخل المدن السعودية، أولت الحكومة الرشيدة اهتماما كبيرا بتحسين المشهد العمراني لهذه المدن، خلال طرح كثير من المبادرات والبرامج النوعية التي رسمت الرؤية السعودية 2030 خارطة الطريق لتحقيقها، وتهدف هذه البرامج إلى رفع كفاءة المدن القائمة خلال مراعاة أرقى المعايير العالمية للتخطيط والتصميم الحضري، لتحسين البيئة العمرانية وتعزيز تجربة السكان وتحقيق الاستدامة.
الرؤية الواضحة للحكومة الرشيدة، والفهم العميق لاحتياجات السكان، والرغبة الجادة في إحداث نقلات نوعية وتغيرات جذرية في المدن القائمة، أسهمت ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ في إنشاء وحدات سكنية بجودة عالية وأسعار مناسبة للأسر السعودية، وتطوير مناطق حضرية أكثر ملاءمة للعيش والاستخدام، وتوفير البنية التحتية الملائمة والخدمات الأساسية داخل الأحياء السكنية ذات الجودة العالية. كل هذه الجوانب مجتمعة ستسهم في زيادة مؤشر ازدهار المدن السعودية وتحسين جودة الحياة وتشكيل بيئة عمرانية آمنة تراعي الاحتياجات المادية والنفسية للسكان، وتواكب تطلعاتهم وآمالهم.
الاهتمام بهذه الجوانب في الارتقاء بالمشهد العمراني داخل المدن من القيادة الرشيدة يأتي نتيجة إدراك واضح لطبيعة العلاقة بين السكان والمدن التي يعيشون بها، فهم يؤثرون ويتأثرون بالبيئة المحيطة بهم.
فعلى سبيل المثال، توفير الوحدات السكنية ذات الجودة العالية وبسعر مناسب، سيسهم بشكل فاعل في الحد من التمدد العشوائي للمناطق غير المخططة داخل المدن، وتلبية احتياجات السكان المادية والنفسية في الحصول على سكن ملائم. وفي هذا السياق تعد نماذج المشاريع السكنية المصممة مسبقا والمقدمة من وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، من التجارب الناجحة التي يجب الإشارة إليها، لأنها تقدم وحدات سكنية مصممة بشكل مميز ومتكاملة الخدمات والمرافق، وبنمط عمراني متناسق، وتحيط بها ممرات المشاة الآمنة والطرق التي تحقق السلامة المرورية، والمساحات الحضرية والمسطحات الخضراء الملائمة لاحتياجات السكان من مختلف الفئات العمرية.
وفي السياق ذاته، يعد استحداث ساحات حضرية عامة ومسطحات خضراء وملاعب رياضية داخل الأحياء السكنية القائمة، أمرا مهما جدا في تحسين جودة الحياة، وتعزيز الروابط الاجتماعية بين السكان، خلال خلق فرص للقاء والتفاعل الاجتماعي الآمن. كما سيسهم وجود المسطحات الخضراء داخل هذه الأحياء في خفض درجة الحرارة والتعرض لأشعة الشمس الحارقة وتحسين جودة الهواء، ومع خلق مزيد من هذه المسطحات في الأحياء السكنية ستتحسن المؤشرات البيئة للمدن بشكل واضح وملموس.
من ناحية أخرى، أولت الحكومة الرشيدة اهتماما بالغا بتوفير البنية التحتية الملائمة، والخدمات الأساسية ذات الجودة العالية خلال تطوير شبكة الطرق القائمة داخل المدن، واستحداث الجسور والأنفاق وتطوير التقاطعات المروية، لحل معضلة الاختناقات المرورية في المدن الكبرى. كما تم استحداث شبكات للنقل العام داخل المدن للحد من استخدام المركبات، وتقليل الأثر السلبي على البيئة الناتج من عوادم المركبات. إضافة إلى ذلك تم إيلاء أهمية قصوى لاستكمال المرافق العامة داخل الأحياء السكنية من مراكز صحية ومدارس ومساجد ودورات مياه، تتماشى مع أفضل المعدلات والمعايير الوظيفية التي يجب مراعاتها عند تصميم هذه المرافق، لضمان جودة المبنى وكفاءة التشغيل وإثراء تجربة المستخدمين.
هذه التحولات النوعية في الارتقاء بالمشهد العمراني للمدن السعودية، ستسهم بالقفز بتصنيف هذه المدن إلى المراتب الأولى كأفضل مدن للعيش في العالم، من ناحية جودة التخطيط وكفاءة التشغيل، ومراعاة مبادئ الاستدامة وتلبية احتياجات المستخدمين. جهود تذكر فتشكر من القيادة الرشيدة التي لا تتوانى في بذل الغالي والنفيس للمواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية.