حنان درويش عابد

عندما تختفي جودة الحياة الوظيفية في وقت الأزمة!

السبت - 25 نوفمبر 2023

Sat - 25 Nov 2023


عندنا تقع الأزمات تختلط الأوراق، وتبدو معايير الإدارة السليمة عصية على الحضور في الأذهان بقوة، كقارب قد انهمك كل من فيه بمحاولة سد الثغرة التي يتسرب منها الماء، فهل ستكون الحياة الوظيفية في وقت الأزمة ذات أولوية عند قائد المؤسسة أم أن إيقاف غرق القارب سيكون العمل الأوحد فوق كل عمل آخر، وسيمثل القيمة الأشد تطلبا فوق كل قيم العمل الأخرى؟
لفهم هذه المعادلة الصعبة، علينا أن ندرك أن الأزمات تفرض نفسها على الجميع وظيفيا، ومن الطبيعي أن تتسرب الأزمة إلى عمق التقاليد المؤسسية التي لطالما كنا نحافظ عليها من أن تمس بسوء، ليس فقط من أجل صورة المؤسسة وإنما أيضا لكي تسير الأعمال في اتجاه ترضى عنه الضمائر.

ومع ذلك، تأتي الأزمات لتصيب أصحاب القرار في كثير من الأحيان بحالة من عدم الاتزان، تتطلب لمواجهتها قدر أكبر من الهدوء والتأني والحكمة وضبط النفس، وهذه صفات قيادية وليست إدارية، وهنا يحتاج الفريق إلى قائد وليس إلى مدير.

جودة الحياة الوظيفية قيمة عليا عند القادة، وقيمة قابلة للاهتزاز والتراجع لدى كثير من الإداريين، ولذا فإن كنا هنا نتحدث عن قيادة حقيقية تقود الأزمة المؤسسية، فإننا ومن دون شك نتحدث عن فكر قيادي سيحافظ حتى في أحلك اللحظات على قيمة جودة الحياة الوظيفية.

تواجه المؤسسات الأزمات عبر مجموعة من الاستراتيجيات التي توضع موضع التنفيذ الفوري، والمنفذون في نهاية المطاف هم موظفون، ولئن كانت قيمة الموظف الأعلى هي الولاء الحقيقي للمؤسسة، وهي بالفعل تعين على تحمل الموظف لضغوط الأزمة، إلا أن القيادة المؤسسية في نهاية المطاف ستتذكر دائما أن الولاء الحقيقي للمؤسسة لا يمكن أن يؤخذ به إلى اتجاه فرض ضغط كامل على فريق الأزمة وتناسي حقيقة أنهم بشر لهم احتياجات ربما الأهم منها حاجة الموظف إلى القسط الكافي من الراحة الجسدية والذهنية.

جودة الحياة الوظيفية حق للموظف في وقت الأزمات كما في بقية الأوقات، والرهان على ولاء الموظف الحقيقي للمؤسسة في وقت الأزمة بتحميله ما لا يطيق كبشر رهان لا يقوم به قائد مؤسسي يمتلك صفات القائد الحقيقي، أما الرهان الأكبر الذي يجب أن يوضع نصب أعيننا عندما تتعرض المؤسسة لأزمة هو أن يشعر فريق إدارة الأزمة أن ولاءهم للمؤسسة تم النظر إليه في وقت الأزمة بحكمة وتوازن من قبل قائدها، وفقط من خلال احترام قيم العدالة في توزيع الجهد يمكن لفريق الأزمة أن يدير شراع القارب بلطف فلا ينكسر لتعبر المؤسسة منطقة العاصفة بأمان ويبلغ الجميع مبتغاه على خير ما يرام.




hananabid10@