لم ينجح أحد
السبت - 18 نوفمبر 2023
Sat - 18 Nov 2023
كان ـ وكان فعل ماض ـ للاختبارات المدرسية هيبة ترهق نفوس الدارسين، فأسئلة الامتحان تأتي موحدة الصيغة، ومحددا وقت تنفيذها من وزارة التعليم (المعارف سابقا)، ويروي من عاصر هذا الجيل العجب، أقلها زلزالا جملة (لم ينجح أحد) الذي يضرب كل كيانات المجتمع الأسر والحيّ والقرية وربما المدينة، دون أن يخدش طوبة في حائط المدرسة، أو يرف له شارب المدير أو حتى يسيل له كحل عين المديرة، بل لا ترتعد فرائص طاقم معلميها من الوطنيين على ندرتهم أو المتعاقدين من الوطن العربي بمختلف جنسياتهم وأجناسهم كما هو حال اليوم.
هذه الكارثة تنقلها الإذاعة عبر أثيرها، وتستقبلها الجموع الغفيرة حول المذياع كشهود إثبات، دون أن يجرؤ أحدهم على السؤال عن سبب ذلك!
ودارت الأيام وتمرد الطالب على المعلم والمدرسة والمنهج والامتحانات بقوة التعاميم المفسرة للنظام. وللإنصاف، فإن فئة قليلة جدا منهم حولت هذا التمرد إلى إبداع يفوق الوصف، والبقية استطاعت أن تكيف النظام وتعاميمه مرة تلو المرة، ولك أن تكررها كثيرا لأنه من الصعب حصر عددها في العقود الثلاثة الماضية، فقد تلاشت دقة قياس الاختبارات التحريرية رغم أهميتها، لأسباب أهمها تقادم زمنها مع ثورة التعلم الالكتروني التي نعيشها حديثا، أو لضعف معدها أكاديميا وتربويا في ظل تغاضي المسؤول في إدارة المدرسة أو في مكاتب الاشراف التعليمية ومكاتبها عن هذا العبث، تحت ذريعة (ما دام تمشي؛ مشها!).
وقد يكون السبب هو التناقض الذي تعيشه وزارة التعليم في وضع معايير دقيقة للاختبارات، فمن يرى ويسمع ما تفعله وزارة التعليم في منسوبيها من المعلمين والمعلمات، خلال اختبارات قياس للحصول على رخصة التعليم، سيدرك أن هناك خللا كبيرا بين معايير هذه الاختبارات التي اعتمدت على أساليب التذاكي، للإيقاع بهم في مستنقع الأخطاء، باستعادة نظريات الحفظ والتلقين والنبش في تعاريف ومقدمات لاستراتيجيات التعلم منتهية الصلاحية منذ الثورة الصناعية في الصين؛ ومع ما تطلبه الوزارة من تطبيق لضوابط الاختبارات المقننة من الفئة نفسها التي كانت تختبرها بدون ضوابط واضحة ولا تقنين عادل، ومن التناقض العجيب أن تنص التعاميم على ضرورة الالتزام بما ورد في دليل الاختبارات لعام كذا؛ ثم تأتي خوارم هذه التعليمات في الفقرات التي تليها بضرورة تبسيط الأسئلة، وألا تخرج عن الأسئلة التي ذيل بها كل درس، بل إن الأعجب أن ينص الدليل التنظيمي على منع التصوير داخل المدارس، وعدم تشتيت انتباه الطلاب أو الطالبات، واستبعاد كل ما يسبب توترهم قبل وأثناء تأدية الامتحان، وفي الوقت نفسه نجد أن إحدى (مسؤولات) التعليم تقتحم قاعة لطلاب مراهقين يؤدون الامتحان، وهي برفقة حاشية كبيرة من المرافقين والمصورين والإعلاميين، غير مهتمين بكل ما بعثت به وزارة التعليم من أدلة تنظيمية أو تعاميم تفسيرية، ولعل هذا لكون (الفلاشات) هي الأهم فهي الإنجاز الحقيقي، والسبيل الهادي للكراسي ذات القوائم المرتفعة، ولا أعلم متى سنخرج من دائرة هذه التناقضات في التعليم.
أخيرا، واقع التعليم المدرسي يحتاج إلى إعادة نظر، وما نعيشه كواقع نلمس فيه قصورا يحتاج إلى حل عاجل، من أهم بنوده ـ في وجهة نظري ـ رفع الحصانة عن عقليات (مشها)، لأني أخشى أن تكون النتيجة (لم ينجج أحد).
hq22222@
هذه الكارثة تنقلها الإذاعة عبر أثيرها، وتستقبلها الجموع الغفيرة حول المذياع كشهود إثبات، دون أن يجرؤ أحدهم على السؤال عن سبب ذلك!
ودارت الأيام وتمرد الطالب على المعلم والمدرسة والمنهج والامتحانات بقوة التعاميم المفسرة للنظام. وللإنصاف، فإن فئة قليلة جدا منهم حولت هذا التمرد إلى إبداع يفوق الوصف، والبقية استطاعت أن تكيف النظام وتعاميمه مرة تلو المرة، ولك أن تكررها كثيرا لأنه من الصعب حصر عددها في العقود الثلاثة الماضية، فقد تلاشت دقة قياس الاختبارات التحريرية رغم أهميتها، لأسباب أهمها تقادم زمنها مع ثورة التعلم الالكتروني التي نعيشها حديثا، أو لضعف معدها أكاديميا وتربويا في ظل تغاضي المسؤول في إدارة المدرسة أو في مكاتب الاشراف التعليمية ومكاتبها عن هذا العبث، تحت ذريعة (ما دام تمشي؛ مشها!).
وقد يكون السبب هو التناقض الذي تعيشه وزارة التعليم في وضع معايير دقيقة للاختبارات، فمن يرى ويسمع ما تفعله وزارة التعليم في منسوبيها من المعلمين والمعلمات، خلال اختبارات قياس للحصول على رخصة التعليم، سيدرك أن هناك خللا كبيرا بين معايير هذه الاختبارات التي اعتمدت على أساليب التذاكي، للإيقاع بهم في مستنقع الأخطاء، باستعادة نظريات الحفظ والتلقين والنبش في تعاريف ومقدمات لاستراتيجيات التعلم منتهية الصلاحية منذ الثورة الصناعية في الصين؛ ومع ما تطلبه الوزارة من تطبيق لضوابط الاختبارات المقننة من الفئة نفسها التي كانت تختبرها بدون ضوابط واضحة ولا تقنين عادل، ومن التناقض العجيب أن تنص التعاميم على ضرورة الالتزام بما ورد في دليل الاختبارات لعام كذا؛ ثم تأتي خوارم هذه التعليمات في الفقرات التي تليها بضرورة تبسيط الأسئلة، وألا تخرج عن الأسئلة التي ذيل بها كل درس، بل إن الأعجب أن ينص الدليل التنظيمي على منع التصوير داخل المدارس، وعدم تشتيت انتباه الطلاب أو الطالبات، واستبعاد كل ما يسبب توترهم قبل وأثناء تأدية الامتحان، وفي الوقت نفسه نجد أن إحدى (مسؤولات) التعليم تقتحم قاعة لطلاب مراهقين يؤدون الامتحان، وهي برفقة حاشية كبيرة من المرافقين والمصورين والإعلاميين، غير مهتمين بكل ما بعثت به وزارة التعليم من أدلة تنظيمية أو تعاميم تفسيرية، ولعل هذا لكون (الفلاشات) هي الأهم فهي الإنجاز الحقيقي، والسبيل الهادي للكراسي ذات القوائم المرتفعة، ولا أعلم متى سنخرج من دائرة هذه التناقضات في التعليم.
أخيرا، واقع التعليم المدرسي يحتاج إلى إعادة نظر، وما نعيشه كواقع نلمس فيه قصورا يحتاج إلى حل عاجل، من أهم بنوده ـ في وجهة نظري ـ رفع الحصانة عن عقليات (مشها)، لأني أخشى أن تكون النتيجة (لم ينجج أحد).
hq22222@