مندوبو التوصيل بالدراجات النارية

لا يكاد يخلو شارع أو طريق سريع هذه الأيام إلا وتجد فيه مندوب توصيل يسير معك بدراجته النارية حاملا بعض الطلبات للعملاء، وهو حق من حقوقهم ولكن المصيبة الكبرى عند "بعضهم" هي طريقة القيادة الخطرة التي ينتهجها قائدو هذه الدراجات في السرعة وعدم الالتزام وخطورة التنقل بين المسارات بعشوائية ودون تركيز أو انتباه أو على الأقل احترام الأنظمة المرورية في ذلك باستخدام المسار الأيمن وإتاحة الفرصة للمركبات في التجاوز المسموح لهم، أو الدوران الخاطئ، أو بالدخول في الأماكن الضيقة بين المركبات وخدشها أو الاصطدام بها أو استخدام الهاتف الجوال عند القيادة، وغير ذلك من الممارسات الخاطئة والفوضوية التي تشكل خطورة بالغة على قائد الدراجة أولا لعدم التزامه بقيادة منضبطة أو إتباع قوانين السير، بسبب رغبته الجامحة في إنجاز مهمة التوصيل بأسرع وقت ممكن وتحقيق معدل يومي عالٍ لعدد وافر من الطلبات وبعض الحوافز المالية من قبل الشركات.
أبلغني أحد الزملاء الذين أثق في مصداقيته بأنه شاهد في فترة وجيزة بأم عينه أكثر من حادث مروري لهم، كانت حصيلتها حالتي وفاة وعدة إصابات، أما عن نفسي أنا شخصياً فأحرص كل الحرص على البعد عن المسارات التي يتواجد فيها أصحاب الدراجات خشية وقوع أي تصرف أرعن منهم قد يؤدي لحادث لا سمح الله وتكون عواقبه وخيمة، ومع كثرة السلبيات والمشاكل والشكاوي، بدورنا نؤكد على المسؤولين عن نشاط توصيل الطلبات للمنازل والمكاتب وجود حالة مَاسة لمراجعة هذا النشاط وفرض قوانين جديدة واشتراطات وضوابط مُنظمة له تسهم في القضاء على هذه السلبيات والمخالفات من هؤلاء المندوبين، خاصة بعد توسع النشاط بشكل ملموس مما شجع كثيرا من المستثمرين الدخول فيه، والذي أثبت أهميته وجدواه خلال فترة جائحة كورونا وما بعدها وأسهم في تخفيف الازدحام المروري وتسهيل العمل في المكاتب أو في المنازل عن بعد وتوفير الوقت.
من المقترحات التي قد تسهم في تطوير هذا النشاط المهم:
- إصدار قائمة واضحة ومكتوبة لقائدي الدراجات النارية من إدارة المرور في طريقة القيادة واستخدام المسارات والسرعة القانونية وكل ما يتعلق بأنظمة سير الدراجات وما يترتب عليها من مخالفات قد تستدعي إيقاف رخصة قائدها حفاظا على السلامة العامة.
- تشديد الرقابة على قائدي الدرجات النارية وفرض العقوبات والغرامات عليهم وعلى الشركة المنفذة للطلبات حتى تكون مسؤولية الرقابة من الجهتين وتسهم في القضاء على السلبيات والمخالفات الصادرة من المندوبين.
- التأكد من السلامة الصحية لمندوب التوصيل وخلوه من الأمراض التي قد تسبب هبوطا أو إغماءات أثناء القيادة كمرض السكري أو القلب مثلا لتفادي وقوع حوادث مرورية لا سمح الله.
- التأكد من سلامة الدراجات النارية التي يستخدمها مندوبو التوصيل وأن يكون هناك رقابة دورية عليها من رجال المرور أو فحص فني دوري لها كما يحدث للمركبات لتلافي وقوع الحوادث.
- عمل دورات تأهيلية لمقدمي هذا النشاط ومندوبيهم بشكل دوري يشمله تقييم دقيق للأداء وتحفيز مادي أو معنوي للمنضبطين والملتزمين بالأنظمة يسهم في التنافس على تقديم خدمة أفضل للعملاء.
- الحرص على وضع ملصقات بها أرقام تواصل على الدراجات النارية للشكاوى والمخالفات والاهتمام بها من مقدمي الخدمة حتى يتم معرفة السلبيات والمخالفات وتطوير الخدمة والارتقاء بها في سوق العمل.
- الاهتمام بنظافة مندوب التوصيل وارتدائه زيا موحدا لمقدم الخدمة يَتسم بحسن الشكل والهندام وإلزامه بالعمل لجهة واحدة فقط للتركيز وعدم السرعة والتهافت على توصيل طلبات فوق طاقته قد تسبب الحوادث لا قدر الله.
- تخصيص مواقف خاصة للدراجات النارية عند التوصيل خاصة في الأماكن المزدحمة تلافيا لوقوع حوادث أو وقوف خاطئ من المندوبين أو صراعات شخصية بسبب وقوف الدراجات النارية العشوائي.
- حرص مدارس تعليم قيادة الدراجات النارية على رفع الثقافة المرورية للمقبلين على الرخص وحثهم على تفهم واتباع القوانين المرورية من أجل الحفاظ على حياتهم أولا ثم حياة مرتادي الطرق ثانيا.
وأختم بأن النمو السريع في التجارة الالكترونية والخدمات الالكترونية في الفترة الأخيرة أسهم وبشكل كبير في زيادة الطلب على استخدام الدراجات النارية التي تعتبر أقل تكلفة من المركبات، خاصة للشركات المتوسطة والصغيرة التي تهتم بتقديم خدمة التوصيل من حيث الجهد والوقت المناسب، وأسهم ذلك في التوجه وانتعاش الطلب على الدرجات النارية المستعملة، ناهيك عن بعض المطاعم ومنافذ البيع التي تسعى للتوسع وزيادة أسطول الدراجات النارية لديها وتغطية الطلبات الخارجية وطلبات التوصيل للعملاء، وهو ما يثبت التزايد المستمر في هذا النشاط والذي يجبرنا على التفكير في تطوير وتحديث آلية هذا النشاط بما يناسب المرحلة القادمة والمهمة جدا في حياتنا.