يمنح المدينة رونقاً إبداعياً وروحاً إنسانية..ويضيء شوارعها ثقافةً ويعمّر بنيانها ضياءً، وينثال على سكانها بالوعي ويرسل إليهم أطيب الأفكار، لا سيما أن الإلهام يتطاير في أركانهويذكي همة النفس، وفي ارتياده شفاء للنفسوبوح ثقافي ذو شجون، وفي ذاكرته مخطوطة أولى وأرشيف أحاديث ولقاء عابرين.. ها هوالمقهى الثقافي الوضيء في مناحي الأمكنة..
كانت وما زالت المقاهي منعطفاً مؤثراً في التاريخ الثقافي، وامتازت بذلك لأنها في نظر الأدباء والمفكرين مستضيفة معطاءة ومثوى سخي، وهم وقتذاك يكشفون عن رؤاهم ويناقشون نظرائهم ويطرقون شتى العلوم، ويجتمع في فضائها أصناف البشر وطبقات اجتماعية متفاوتة، تتجسر بينهم الهوة فيجلسون على ذات المقاعد وأمام ذات المناضد.
ويحفل سجل المقاهي في العالم بكوكبة أدباءأثروا في مناخها وأنتجوا روائع بفضلخصوصيتها، منهم الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، إذ شرعت مسيرته الأدبية من مقهى "الطاحونة"، وقد لجأ آنذاك إلى مرافقةالنادل كي يوفر له منضدة مجاورة لابن جلدته الشاعر ليون دي غريف. بينما الفيلسوف بول سارتر داوم على زيارة مقهى فلور في باريس.
ولم يمتنع بورخيس حين ذهب بصره من التردد على مقهى "تورتوني" في بيونس آيرس، وكذلك حال مقهى إيرونيا بإسبانيا المؤسس سنة 1888م، الذي احتضن الروائي الأميركي إرنست هيمنغواي حتى أنه ذكره في رواية "الشمس تشرق أيضاً".
ولم يكن مثقفي المملكة في منأى عن هذه العادة الثقافية، فأوجدوا لهم مساحة من خلال المنتديات والملتقيات التي مثلت متنفساً لهم، منها صالون عبد المقصود خوجة في عام 1982م، وخميسية الشيخ حمد الجاسر الثقافية التي أقيمت بالرياض في عام 1983م. وفي عام 1976م دشن الشاعر الأديب الدكتور عبد الله محمد باشراحيل منتدى باشراحيل الثقافي، فيما أسس الأديب عبد العزيز الرفاعي الندوة الرفاعية عام 1962م.
ولهذا الغرض السامي صاغت هيئة الأدب والنشر والترجمة من خلال مبادرة "الشريك الأدبي" أسلوباً ونهجاً منبثقان من بريق المقاهيومكانتها في المسيرة الثقافية، حيث تتجسد المبادرة في عقد شراكات أدبية مع المقاهي التي تعمل على ترويج الأعمال الأدبية بطريقة مبتكرة،لتثري تجربة الحضور إلى المقهى وتمد أواصر الثقافة بينهم.
وبدوره، "رصد تقرير الحالة الثقافية 2022" الصادر من وزارة الثقافة مؤخراً، نمو عدد المقاهي الأدبية المشاركة في المبادرة، لتبلغ 46 مقهى العام الماضي، في إشارة إلى زيادة ملحوظة مقارنة مع عام 2021 الذي شهد 20 شريكاً أدبياً.
وتصدرت منطقة الرياض قائمة المقاهي الأدبية بـ 12 مقهى، أما منطقة الشرقية جاءت ثانياً عبر 11 مقهى، ومكة المكرمة والمدينة المنورة بخمسة مقاهٍ لكل منهما.
الأكثر قراءة
الأحساء تعزز مكانتها كوجهة سياحية رئيسية بـ 5 مناطق مميزة
شركة إيديكس تفوز بعقد تطوير البنية التحتية للمرحلة الأولى من المنطقة اللوجستية بميناء جدة من شركة DP World Logistics
النصر عاد للواجهة والشباب بطلا لبراعم التايكوندو
مبدعون سعوديون يعرضون قصصهم المُلهمة نحو منصات الأزياء العالمية
شركة سامي نافانتيا تُطلق نظام حزم الجديد HAZEM Lite CMS
السعودية تخطو خطوات ثابتة نحو الاستدامة البيئية ومكافحة الانبعاثات الكربونية