خالد العويجان

نصر الله تاجر الحرب وسيد الأغبياء

الاثنين - 06 نوفمبر 2023

Mon - 06 Nov 2023


للحروب أسبابها ومبرراتها.

قد يقنعني البعض منها، ولا يقبله الآخر.

وهذا طبيعي.

يمكن أن أتعاطف مع من يرفضه الملايين؛ والعكس جائز.

وقد أجد طرفا معتديا، يراه غيري مُعتدى عليه وله حق الدفاع عن النفس.

هذا أيضا طبيعي.

وللحروب رجالها.

وهم أصناف وأشكال.

منهم من يقف في الصف الأول حاملا بندقيته، أو يقود دباباتها، وفي السماء يحلق بطائرته.

لكن هناك أحد الأنواع من أولئك الرجال – أي رجال الحروب – يملكون مبادئا تدعو للاشمئزاز.

شخصياتهم تقوم على فكرة النفعية والارتزاق وقيادة الجماهير بالتزييف. وتضرب بنتائج تلك الحروب، من قتل وسفك للدماء وتهجير وتنكيل عرض الحائط.

صديقنا هذا اليوم الذي أريد أن أسلط سيفي عليه هو السيد حسن نصر الله الأمين العام لميليشيات حزب الله الإرهابية في لبنان.

– هذا إن تبقى هناك ما يسمى لبنان - كتبت عنه عشرات المقالات، ولم تنضب بعد الأفكار.

خرج السيد قبل أيام، للتهديد والوعيد؛ كعادته، قال في خطاب كانت تنتظره الأوساط، لا سيما التابعة له؛ «لن نكتفي بما يحصل على الحدود، كل احتمالات التصعيد مفتوحة، التدحرج لحرب واسعة أمر واقعي».

ماذا يعني ذلك؟ يعني أن نصر الله بحزبه المتطرف؛ جزء من المشكلة في الحرب التي يدور رحاها منذ قرابة الشهر ضد قطاع غزة، هذا أولا.

ثانيا، ما لم يكن طرفا؛ فيجوز وصفه بـ»المؤجج» للصراع، الذي ذهب ضحيته الآلاف.

السؤال الأكثر أهمية؛ هو ما فائدة الحزب ونصر الله على الصعيد الشخصي، من الدخول في تلك الحرب غير المتكافئة؟ الجواب: استغلال الفرصة لتكريس مفهوم المقاومة، المزيف. ثم؛ التلاعب بعواطف قواعده الشعبية، التي تقتنع بمفهوم ذلك المحور.

وللعاقل عديد الأسباب التي تؤكد زيف تلك الشعارات، بعد أن حولت «المقاومة» بنادقها تجاه صدور الشعب السوري، وكرست للطائفية في العراق، ودعمت جماعة الحوثي المتطرفة والانفصالية في اليمن.

والنقطة التي يجب النظر لها بعمق في خطاب نصر الله؛ هو إطلاقه وعودا بدخول مقاتلين فلسطينيين، من خلال الحدود الجنوبية للبنان.

وهذا انقلاب من الحزب، على فكرة رفض تحويل لبنان منطلقا لأعمال عدائية؛ وهو بالمناسبة يشبه إلى حد كبير، فسح المجال لمقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، أن يتخذوا لبنان منصة لأعمالهم العسكرية، الذي تسبب باجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، الذي استمر حتى 1985، وهي العملية التي أطلقت عليها تل أبيب اسم «عملية الصنوبر»، وقد حولت لبنان وقتذاك، إلى ساحة معركة أحرقت الحرث والنسل، وانتهت بوضع اليد على جزء من الجنوب اللبناني، وتحولت عقب ذلك بوصلة منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس.

أعتقد أن خطاب نصر الله، الذي مهدت له آلته الإعلامية، وتصور مؤيدوه أن يكون خطابا ناريا، يؤكد أن «حسن» يجيد الضحك على الذقون، وتعبئة الجماهير والجموع. ويملك فنون التلاعب على البسطاء والمعدومين والسذج من الأقوام، بدليل أنه عطل البلاد والعباد في لبنان؛ وزج بالدولة الهشة – وهي بالمناسبة لا يعترف بها كوطن – في أتون صراعات المنطقة، وجلب لها النيران بعد أن حولها إلى شبه مزرعة؛ تتسيد بها لغة السلاح والنار؛ فيما لا يزال يجد شريحة كبرى من المؤمنين بمشروعة الهُلامي.

ما لفتني أكثر مما سبق؛ إشارة حسن نصر الله إلى أنه لم يعلم باندلاع الحرب الدائرة بين قطاع غزة وإسرائيل، إلا كما علم الآخرون، أو طبقا لما قال «علمنا بعملية حماس مثلنا مثلكم».

ولي تفسيري الخاص بهذا القول، أولا؛ هذا يثبت أن أعمدة محور المقاومة، تفتقد لعامل الثقة ببعضها البعض. إن آمنا بأنه محور حقيقي، يفترض أن يكون واقعيا مقابل الدعاية التي تم تكريسها لعقود.

ثانيا؛ فإن تلك إشارة، تؤكد فراغ مشروع المقاومة من أصلة وعن بكرة أبيه، وأن الأمر لا يتجاوز كونه شعارات تعبئة، للحصول على أكبر قدر من البقاء والاستمرارية، لتحقيق النفعية السياسية؛ التي يجنيها ذلك التكتل بالعموم، ونصر الله بالخصوص.

أجزم أن الخطابات الرنانة كخطاب حسن نصر الله؛ تضع أهدافا مبطنة من ناحية حزبية في النطاق الضيق، ومن أخرى تستهدف الرأي العام العربي في إطار أوسع من ذلك.

فقد حاول زعيم الميليشيات الإرهابية، رفع العتب «العربي» عن حزبه؛ حين أشار إلى عدم علمه بالعملية، وسعى للاستعراض – وهذه عادته – من خلال استغلال الجبهة اللبنانية المفتوحة مع إسرائيل، وهي إلى حد كبير محدودة، ولا تستحق النضال.

إن تهييج الشارع العربي، والتهديد والوعيد، والإعلان عن جهوزية حربية، ورفع السقف لمواجهة عواصم عالمية، هي لعبة يجيدها نصر الله، لاكتساب الشرعية لحزبه وشخصه، بينما تلك أوراق مكشوفة، قرأها كثير من العقلاء، ممن يرونه شخصا خارجا عن السياق العربي من ناحية، ومن أخرى، يعون أنه تاجر حرب؛ يرى نفسه ذكيا، بينما هو في حقيقة الأمر، هو ليس كذلك؛ إنما غالب قواعده الشعبية «أغبياء».

ويقتات على ذلك.

صحتين خيي حسن.