حسن علي القحطاني

استراتيجية الدجاج

الأحد - 05 نوفمبر 2023

Sun - 05 Nov 2023


‏للدجاج عادات سيئة، ومن أسوأ عاداتها كثرة الصراخ، تجد الضجيج يملأ المكان؛ أصوات تبعث على التعاطف والشفقة، وأخرى تحفزك على اقتحام بيت الدجاجات لإنقاذها، خصوصا لو كان المتلقي من أهل القلوب الرقيقة أو لم يدرس مادة علم سلوك الحيوان أو ربما ذاكرته التاريخية ضعيفة، فتجد هذا المغلوب على أمره يترجم الصراخ لدموع حارة على ضياع تطبيق حقوق الرفق بهذا الحيوان الداجن الأليف، ويستحضر كل ما ورد في الأديان بهذا الشأن، ثم يتألم على الحال الذي وصلت له، ويبدأ في طرح الأسئلة.

كيف تخلى عنهن الديك؟!!؛ وهن من اخترنه ليكون الأب الروحي لهن؛ بل وبروزن صورته في كل طرقات دورهن، وسرن متفاخرات بفراخه، بل إن منهن من منح أسمى ألقابهن بعد أن قدم مشويا ذات مساء.

كيف تبرأت منهن بنات العم من الدجاج اللاحم في المزرعة المجاورة؟!!؛ وهن من ذوي القربى قبل أن يكن جارات، أفي مثل هذه الشدة الصعبة يتخلى عنهن الأعوان والحلفاء؟!!.

وإذا كان الأمر بهذه السوء ألم يبصروا أو يتبصروا ما خلف الأكمة من الخيانات تحقيقا للمصالح؟!!.

بعد أن تأمل قليلا زالت كل هواجسه السابقة وتبين أن هذا الديك وكل فروخه وإن ادعوا أنهم مؤذنون إلا أنهم لا يصلون؛ وإن صلوا مجازا فهم على غير طهارة، وهذا يبرر تخليهم عن وعودهم وعهودهم فطريق السلامة وتحقيق المصالح أولى من تمثيل دور البطل بقلب جبان، واللعب على استراتيجية النسيان كفيلة بترميم الأحزان، أما دجاجات المزرعة المجاورة فلا تملك إذن التدخل أو الاشتباك؛ وأقصى ما سيصل له صراخهن هو تشتيت التركيز عن صراخ بنات عمومتهن.

ثم يدرك أن كل هذا الصراخ ماهو إلا وسيلة إعلام لإنتاج البيض؛ وإعلان لقدوم سلالة من نفس نوع هذا الدجاج البياض، فلا جديد يخالف سيرة السلف.
أخيرا، تواجهنا الكثير من القضايا في حياتنا، يعلق فيها الفرد فكريا أو روحيا أو اجتماعيا بلا قصد، مما يؤثر على سير حياته ومستقبله، وينسيه أولويات هي الأجدر بالرعاية والدعم والمساندة، ويعطل مصالح مهمة بسبب قضايا غير مناطة به، ولم تسند له مهام إصلاحها، أو حلها؛ لذا دائما وأبدا اترك القرار لمن بيده صنع القرار فهو الأقدر على صنع المستحيل وإن كان شاقا.


hq22222@