خدعة السابع من أكتوبر
السبت - 04 نوفمبر 2023
Sat - 04 Nov 2023
يركز الإعلام الغربي الموالي للصهيونية على يوم السابع من أكتوبر حال حديثه عن أحداث غزة الحالية، وتغطيته للجرائم البشعة واللاإنسانية التي يقوم بها جيش إسرائيل ضد المدنيين من النساء والأطفال والرجال العزل، ناهيك عن قصفهم الجائر للأحياء السكنية، والمخابز العامة، ومحطات الماء والكهرباء، وتهديدهم الدائم للمستشفيات، بل وقصفهم لساحاتها كما حدث مع المستشفى المعمداني، علاوة على قطعهم لأي إمداد يمكن أن يصل لأهل غزة المحاصرين، ليس منذ السابع من أكتوبر، وإنما منذ 17 عاما، والهدف من كل ذلك هو إصرارهم على ارتكاب جريمة إبادة بحق شعب بأكمله، أمام مرأى ومسمع من العالم، بحجة الدفاع عن النفس، والانتقام لما حدث في السابع من أكتوبر.
إنها حقيقة الظلم التي ووفقا للسنن الكونية العادلة سيكون مؤداها نهاية الظالم، والله ليس بظلام للعبيد، وهو أرحم بخلقه وعباده، لكن التاريخ علمنا بأن للظالم نهاية، ونهايته تبدأ حين يتجبر ويفتري وتنتهي كل نوازع الرحمة من داخله، في حينه يكون قد وقّع بيده قرار زواله، ولا أقول ذلك إنشاء، بل استحضارا لشواهد التاريخ المماثلة سواء على صعيد الدول أو الأفراد.
لقد مارس اليهود في تاريخهم أبشع صور المجازر في حق المسيحيين، حيث تعرض نبينا عيسى عليه السلام وأتباعه لأبشع أنواع الأذى، والذي انتهى بصلبه حيا وهم يضحكون، وتعرض أتباعه لأبشع أنواع الجرائم الإنسانية وهو الحرق الذي مارسه اليهود ضد المسيحيين في نجران، ولا يزال شاهده ماثلا أمام العيان ليذكر بجريمتهم، والتي يمارسونها اليوم مع العرب في غزة (مسلمين ومسيحيين)، فهل بعد هذا إجرام؟
في هذا السياق أشير إلى أن الأبواق الداعمة لليهود لم تنحصر على المتصهينين الغربيين من ساسة وإعلاميين، بل نراها ظاهرة بلساننا وهويتنا، وبالرغم من ذلك فيمكن التفريق بين رأيين، أولهما ينطلق في نقده من غضبه لعدم حساب المقاومة لردة فعل العدو الإسرائيلي الذي يملك القوة والحصانة الدولية، ولاسيما حين تتم هزيمته وتسقط هيبته الزائفة، وبالتالي فغضبهم نابع من إحساسهم بالقهر على المستضعفين من أهلنا في غزة، الذين لا يملكون حيلة ولا يستطيعون سبيلا. أمام هذا المنطق يمكن لأحدنا أن يتفهم قولهم ويجد مبررا لمناقشتهم.
لكن الذي يصعب فهمه ومناقشته هو منطق الفئة الثانية الذين يخدمون بقولهم اليهود، ويقفون برأيهم موالين له، ومؤيدين بتبريرهم لما يفعله من مجازر، وأقصد بهم أولئك الذين يرددون أكاذيب العدو الصهيوني، ويتبنون روايته لما حدث في مستعمرات غلاف غزة اليهودية، ويعملون على تبرير موقف الكيان الإسرائيلي في هجومه المتوحش على قطاع غزة، انطلاقا من حقه المشروع في الدفاع عن نفسه، والانتقام لخسائره.
هؤلاء هم الصهاينة الذين زرعهم العدو الإسرائيلي في جسمنا العربي، وأطلق عليهم أسماءنا وألقابنا الأسرية والقبلية، وصولا إلى لقب الشريف الذي يكنى به المنتسبون لآل بيت رسول الله، وللأسف فقد تمكن أولئك في ساحتنا، وبات لهم حضورهم بين شبابنا، مستفيدين من الدعم الإسرائيلي الخفي لهم، وسطحية ونقاء ذهن شبابنا، الذين ينطبق عليهم عجز البيت المشهور «فصادف قلبا خاليا فتمكنا».
أخيرا إشكالنا مع الكيان الإسرائيلي ليس مبدأه السابع من أكتوبر، بل يبتدئ منذ اليوم والشهر والسنة التي حط فيها شذاذ الأفاق في أرضنا العربية المحتلة، وما حدث في السابع من أكتوبر كان فعلا مقاوما لا يجب إدانته، وليس صحيحا ما يردده الإعلام الإسرائيلي من جرائم مزعومة أخذ الساسة والإعلاميون الغربيون الموالين له بترديدها، وطلب إدانتها حال استضافتهم لأي محاور مناهض لهم، وكم أحزنني وقوع الإعلامي المصري باسم يوسف في المصيدة حال لقائه الثاني بالإعلامي البريطاني الصهيوني بيرس، والعجيب أن أولئك يتغافلون عن رفض إسرائيل لكل حلول السلام، الذي بنظرهم ليس إلا واحدا من ثلاث خيارات وهي: أن يصبح أهلنا في فلسطين المحتلة عبيدا لهم، أو يهاجروا عن أرضهم، أو يتم سحلهم وقتلهم دون هوادة.
ختاما، أجزم بأن السابع من أكتوبر هو بداية النهاية، وهو إعلان زوال الكيان الإسرائيلي، الذي فقد أمانه الموهوم، وجعل اليهود المحتلين يدركون بأنه لا أمان لهم في أرض ليست لهم، وبين شعب ليس بينهم وبينه أي قاسم مشترك، حتى فكرة الانتماء لأهل الكتاب زال بريقها لغدرهم وفعلهم المتوحش، وتحولهم من حالة القتال إلى القتل، ومن يكون ذلك حاله، فالتجارب التاريخية تقول بأنه سيتلاشى قريبا، وهو عهد الله الأكيد، والله غالب على أمره.
zash113@