نبيل عبدالحفيظ الحكمي

استكشاف نموذج الأعمال «فريميوم»

الخميس - 02 نوفمبر 2023

Thu - 02 Nov 2023

في العصر الرقمي الذي نعيش فيه اليوم، تسعى الشركات باستمرار إلى ابتكار استراتيجيات جديدة ونوعية لجذب ولاء المستهلكين عالميا.

إحدى هذه الاستراتيجيات والتي اكتسبت شهرة واسعة هي نموذج الأعمال «فريميوم».

أتت كلمة «فريميوم» من كلمتين إنجليزيتين ألا وهما free وتعني «مجانا» وأيضا premium وتعني «مميز» حيث يجمع هذا النموذج بين هاتين الكلمتين لإنشاء نهج فريد لتقديم المنتجات والخدمات للمستخدمين والعملاء.

في هذا المقال، سنتناول التفاصيل الدقيقة لنموذج الأعمال «فريميوم»، مزاياه وتحدياته، وأفضل الممارسات لتنفيذه بفعالية.

يتمحور نموذج الأعمال «فريميوم» حول فكرة تقديم نسخة أساسية من منتج أو خدمة مجانية للمستخدمين والعملاء، بينما يتم توفير مميزات أخرى متقدمة بمقابل مادي.

الهدف الرئيس هنا هو جذب عدد واسع من المستخدمين والعملاء من خلال العروض المجانية ومن ثم تحويل نسبة معينة من هؤلاء المستخدمين والعملاء إلى عملاء ذو مقابل مادي من خلال توفير مزايا أو خدمات محسنة.

حيث يقدم نموذج الأعمال «فريميوم» نسخة مجانية تساعد الشركات على الوصول بسرعة إلى جمهور كبير. في العادة المستخدمون أكثر رغبة لتجربة المنتج أو الخدمة إذا كانت مجانا ولم يكن هناك تكلفة مالية أولية، ويؤدي هذا النموذج إلى التوسع الكبير واكتساب المستخدمين والعملاء بسرعة.

نموذج الأعمال «فريميوم» يشجع المستخدمين والعملاء على التفاعل والمشاركة بشكل أكبر مع المنتج، هذا التفاعل يمكن أن يؤدي إلى معدلات أعلى للاحتفاظ بالعملاء.

بمجرد أن يصبح المستخدمون والعملاء على دراية بالنسخة المجانية وقيمتها، قد يكونون أكثر استعدادا للترقية إلى النسخة المميزة للوصول إلى ميزات إضافية أو فوائد أكثر.

يولد نموذج الأعمال «فريميوم» تدفقات إيرادات منتظمة من قسم المستخدمين الذين يختارون ميزات أو خدمات مميزة بمقابل مادي.

هذا الدخل المنتظم يمكن أن يكون حاسما لاستدامة العمل.

إيجاد التوازن المثالي بين العروض المجانية والمميزة يمكن أن يكون أمرا صعبا وتقديم الكثير من الخدمات مجانا يمكن أن يحد من الإيرادات للشركة مما يؤثر سلبا عليها، بينما تقديم القليل من الخدمات مجانا قد يثير مخاوف المستخدمين المحتملين من الاستمرار لذلك الأفضل هو الوصول إلى مرحلة التوازن.

ومع توسع قاعدة المستخدمين حيث تزداد تكاليف تقديم الدعم للمستخدمين المجانيين والعملاء ذو مقابل مادي. إدارة تكلفة تقديم الدعم يمكن أن تكون مهمة صعبة، ولكن هي مفتاح النجاح لهذا النموذج المميز.

تحويل المستخدمين المجانيين إلى عملاء ذي مقابل مادي ليس مضمونا ويمكن أن يتفاوت بشكل كبير استنادا إلى الصناعة والمنتج أو الخدمة المقدمة.

في الأسواق التنافسية، قد يكون من الصعب جذب المستخدمين إلى نموذج الأعمال «فريميوم» بسبب وجود بدائل مجانية مماثلة، لذلك لابد من التأكد من أن النسخة المجانية تقدم قيمة واضحة للمستخدمين.

يجب أن تكون مغرية بما يكفي لجذب جمهور واسع، ومن الأفضل القيام بتجزئة قاعدة المستخدمين بشكل محترف وفهم احتياجات وتفضيلات المستخدمين لتصميم عروض مميزة تناسب مجموعات متنوعة من المستخدمين لتضمن الاستمرارية.

ولابد أن يكون التحديث للنسخ المجانية والمميزة بشكل دوري استنادا إلى تعليقات المستخدمين وتغيرات اتجاهات السوق.

ومن الأفضل تقديم فترات تجريبية محددة الزمن لميزات معينة للمستخدمين المجانيين، مما يتيح لهم تجربة القيمة بأنفسهم قبل اتخاذ قرار الشراء.

هنالك العديد من الشركات الناجحة اعتمدت نموذج الأعمال «فريميوم» بنجاح.

وعلى سبيل المثال «سبوتيفاي» (Spotify) تقدم هذه الشركة المتميزة في مجال الموسيقى الوصول المجاني بدعم الإعلانات إلى مكتبة موسيقية ضخمة، في حين تغري المستخدمين بميزات كثيرة مثل الاستماع دون اتصال بشبكة الإنترنت وتكون خالية من الإعلانات في النسخة المميزة.

أيضا شركة «دروب بوكس» (Dropbox) تقدم خدمة تخزين السحابة مساحة تخزين محدودة مجانية، مما يشجع المستخدمين على الترقية للحصول على مساحة تخزين أكبر ومزايا متقدمة.

وأيضا شركة «يوتيوب» (YouTube) و قوقل درايف (Google Drive) وغيرها من الشركات.

نموذج الأعمال «فريميوم» قد ظهر كاستراتيجية فعالة للعديد من الشركات التي تسعى إلى توسيع قاعدة مستخدميها وتحقيق إيرادات.

من خلال تقديم نسخة مجانية جاذبة وصياغة بعناية للعروض المميزة، يمكن للشركات الوصول إلى جمهور واسع وفي الوقت نفسه استغلال جزء من قاعدة المستخدمين لتحقيق الإيرادات.

على الرغم من وجود تحديات، إلا أن التخطيط الدقيق، والتحسين المستمر، والتواصل الفعال يمكن أن يسهموا في تنفيذ ناجح وازدهار نموذج الأعمال الحري.

في عالم تتطور فيه التقنية وسلوك المستهلك باستمرار، يبقى نموذج الأعمال الحري أداة قيمة في مجموعة أدوات الشركات الحديثة.

nabilalhakamy@