ماجد بن نويصر

أين التعاطف الفلسطيني؟!!

الاحد - 29 أكتوبر 2023

Sun - 29 Oct 2023

قد يكون من السهل تفسير الأحاسيس السلبية أو اللغة القاسية التي يستخدمها بعض الفلسطينيين تجاه العرب عامة والسعودية بشكل خاص، على أنها ببساطة نتائج الشعور بأوهام الحقد أو الكراهية.

مع ذلك، يكمن الواقع في أن هذه المشاعر قد تكون نتيجة للإحباط، الخيبة، والشعور المصطنع بالخذلان الذي يمكن أن ينشأ من السياسات والخطوات التي ينظر إليها بعض الفلسطينيين على أنها تقلل من التزام السعودية بالقضية الفلسطينية.

على مر العقود السابقة، كان الرأي العام العربي عموما يتمتع بمستوى عال من التعاطف مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

وكانت هناك أسباب عديدة لهذا التعاطف، بدءا من التاريخ المشترك والانتماء العربي، وصولا إلى التضامن مع معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي والتطلع لتحقيق العدالة والسلام في المنطقة.

ومع ذلك، شهدنا في السنوات الأخيرة تحولا تدريجيا في الرأي العام العربي تجاه القضية الفلسطينية، حيث بدأت بعض الدول والأفراد يظهرون مستوى أقل من الاهتمام والتعاطف الماضي.

أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى تبدل الرأي العام العربي تجاه القضية الفلسطينية هو التركيز على الأوضاع الداخلية.

الكثير من الدول العربية تمر بتحديات داخلية كبيرة تتعلق بالأمن والاستقرار والاقتصاد والحقوق الإنسانية.

هذه التحديات أصبحت في العديد من الأحيان أكثر أولوية من القضايا الإقليمية، مثل القضية الفلسطينية.
كذلك كان للعلاقات الدولية والإقليمية تأثير كبير.

فمع تغير الديناميكيات السياسية على الصعيدين الدولي والإقليمي، بدأت العديد من الدول العربية في توجيه اهتمامها نحو بناء علاقات مع القوى العالمية الأخرى.

في هذا السياق، عقدت بعض الدول العربية اتفاقيات سلام مع إسرائيل، مما أثار الجدل حول مستقبل القضية الفلسطينية.

ومن أهم الأسباب التي لا يمكن إغفالها في هذا الشأن هو دور الإعلام، حيث لعب دورا مهما في هذا التحول.

بالرغم من أن القضية الفلسطينية كانت في السابق في صدارة الأخبار، إلا أنها باتت الآن غائبة عن الأجندة الإعلامية في العديد من الدول العربية.

إلى جانب ما ذكرنا آنفا، هناك عدة عوامل أخرى فلسطينية داخلية قد أثرت وبشكل ملحوظ على تغير الرأي العام العربي تجاه القضية الفلسطينية.

من أهم هذه العوامل هو الانقسام الداخلي بين فتح وحماس، والذي أثر سلبا على القضية الفلسطينية وعلى الصورة العامة للقضية في العالم العربي.

هذا الانقسام أثار شكوكا حول القدرة على تحقيق الوحدة الفلسطينية والتوصل إلى حل مستدام.

من العوامل الرئيسة في هذا الموضوع أيضا هو تأثير النفوذ الإيراني على الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية.

إذ أصبحت القضية الفلسطينية في بعض الأحيان أداة في الصراعات الإقليمية، وهذا أدى إلى تشويش الرؤية وتشتيت الانتباه عن جوهر القضية.

ولا ننسى أيضا موجات اللجوء الفلسطيني إلى دول عربية أخرى أثرت أيضا على الرأي العام.

في بعض الأحيان، قد يواجه اللاجئون الفلسطينيون تحديات في الاندماج في المجتمعات المضيفة، مما يمكن أن يتسبب في توترات وتغير الرأي العام.

هناك أيضا الانتقالات السياسية في العديد من الدول العربية، بما في ذلك الربيع العربي، أدت إلى تغيير في الأولويات السياسية والاجتماعية.

في بعض الحالات، أصبحت القضية الفلسطينية أقل أهمية بالنسبة للنخب الحاكمة والشعوب العربية.

التعبيرات السلبية أو الغاضبة، مع أنها قد تكون مؤلمة ومقلقة، يجب أن تكون دعوة للتفكير والحوار.

بدلا من التركيز فقط على النقد، يجب أن نسعى إلى فهم الإحساس بالخذلان والإحباط الذي يمكن أن يكمن خلف هذه الأحاسيس والتعبيرات السلبية.

كل هذه العوامل وغيرها لا تغفل عنها العيون الإسرائيلية واستغلتها الاستغلال الناجح في بناء علاقات مع بعض الدول العربية.

حيث قدمت إسرائيل جهودا مكثفة لتغيير صورة القضية الفلسطينية في وسائل الإعلام العربية والعالمية.

استخدمت إسرائيل وسائل الدعاية والترويج لتبرير سياستها وتقديم الشعب الفلسطيني كعنصر إرهابي أو عدو للسلام.

هذه الحملة الإعلامية نجحت في بث بعض الشكوك والتشكيك في نوايا الفلسطينيين وتعتبر سببا آخر لتبدل الرأي العام العربي.

ومن وجهة نظري فإن العامل الأهم في هذا المجال هو أن الجيل الجديد من الشباب العربي ينظر إلى القضية الفلسطينية بطريقة مختلفة، الكثير منهم يرى أن الحلول التي تمت المطالبة بها في الماضي لم تعد مجدية في الوقت الحالي.

هذا الجيل أكثر اهتماما بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وربما يرى أن القضية الفلسطينية ليست بالأولوية التي كانت عليها في السابق.

MBNwaiser@