أحمد بني قيس

غزة وفضيحة التواطؤ الغربي

الثلاثاء - 24 أكتوبر 2023

Tue - 24 Oct 2023

لقد أثبتت حقائق الواقع الغربي زيف تطبيقه لمبادئه وشعاراته التي يرفعها، خاصة عندما يتعلق الأمر بنا كعرب ومسلمين، وآخر دليل على ذلك هو ما جرى ويجري حاليا في غزة، والذي ظهر فيه حجم التواطؤ الغربي مع كيانه الصهيوني الذي زرعه في أرضنا العربية منذ عام 1948 دون أدنى تردد أو تحفظ منه بل إنه يعلن هذا التواطؤ صراحة بلا خوف أو وجل وبلامبالاة بأي ضرر قد يحدثه ذلك على علاقاته بحلفائه الآخرين في المنطقة.

حيث رأينا جميعا كيف تسابق قادة الغرب على تأييد كيانهم الدموي والعنصري من خلال توافدهم عليه لإظهار دعمهم له ولإظهار الاستعداد لتزويده بالمال والسلاح وبكل ما قد يحتاج له وأيضا وعدهم له بحمايته وترجيح كفته في المحافل الدولية في تحيز لا تشوبه شائبة، تحيز أسهم في منح قادة هذا الكيان المقيت الضوء الأخضر لسحق المدنيين الفلسطينيين وقتلهم هم ونساؤهم وأطفالهم وشيبهم وشبّانهم بلا رحمة أو شفقة.

وصل حجم هذا التحيز الغربي إلى درجة قيامه بتجنيد كافة أذرعه الإعلامية والسياسية لشيطنة الفلسطينيين وإظهارهم بمظهر المتعطشين للدماء بينما عمل جاهدا في المقابل على تصوير إسرائيل بصورة الضحية التي تستحق التعاطف حتى يمنحها «الحق في الدفاع عن نفسها» كما يحاول تصويره بأي طريقة تراها هي مناسبة بلا قيد أو شرط سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة بل وتمادوا في تواطؤهم لدرجة شرعنة الروايات الإسرائيلية المزيفة والمتعلقة بالمجازر التي يرتكبها جيشها رغم تكذيب بقية دول العالم لهذه الروايات.

من مظاهر الإجرام الإسرائيلي الذي يمارس بحق شعب غزة قيام هذا العدو بحصارهم ومنع الماء والغذاء والكهرباء عنهم في مظهر همجي وبربري لا مثيل له ونحن قد نجد مبررات لهذا الحصار لو كان موجه ضد أعضاء حركة حماس وحدهم إنما والحال يقول بأنه موجه لعامة الشعب الغزاوي الذي لا وزر له فيما جرى فإن ذلك يُعد بلا أدنى شك من أبشع الممارسات الخالية من أبسط المفاهيم الإنسانية والأخلاقية والخالية أيضا من أي التزام بقواعد الحرب وبكافة القوانين والمواثيق الدولية التي سنّها الغرب نفسه وألزم العالم بها.

والأدهى من ذلك قيام قادة هذه الدول الغربية بسن قوانين داخل بلدناهم تمنع التعاطف مع الفلسطينيين بل وتجريم كل من يفعل ذلك وكذلك قاموا بمنع القيام بأي احتجاج شعبي مهما كان سلمي في حال تم رفع العلم الفلسطيني فيه أو في حال أظهر المشاركين فيه أي نوع من التضامن مع أهل غزة بل وصل الحال بالمؤسسات الخاصة والعامة التابعة لدول هؤلاء القادة إلى حد فصل العديد من موظفيهم ممن مارسوا أبسط أنواع الاحتجاج على الممارسات الإسرائيلية وعلى نهج زعمائهم.

الدرس المستفاد من هذه المأساة الفلسطينية أن كل من كان يعول على أخلاقيات الغرب ومبادئه ومدى رقيها وتحضرها أصبح بعد افتضاح أمرهم مجرد شخص ساذج إن لم يكن أحمق؛ لذا فإن على جميع العرب والمسلمين استحضار مثل هذه المواقف الغربية المجحفة وغير المنصفة وعدم تجاهلها عند التعامل معهم أيا كانت طبيعة هذا التعامل فالحظيظ كما يقال من اتعظ بغيره.


ahmedbanigais@