تركي القحطاني

قريبي المحامي أم محام لا أعرفه؟

الاحد - 22 أكتوبر 2023

Sun - 22 Oct 2023

يقع عدد من طالبي الخدمات القانونية في حيرة عندما يخير بين الذهاب لمحام ذي علاقة أو صلة به - قريب أو صديق - أو محام سيعرفه للمرة الأولى؛ ومن هنا تبدأ رحلة اختيار المحامي التي قد تشكل حيرة وعقدة عند البعض.

في الواقع، ينبغي ألا يعول الإنسان على قراراته المتخذة عند تواجد مؤثر الحساسية الاجتماعية، فالخجل والخوف من نظرة الطرف الآخر يجعل من قراره غير مقنع وواضح حتى بالنسبة له، والقاعدة نفسها مع المحامي الذي لن يتصرف بتلقائيته وسينتظر التوجيه والمبادرة دائما.

من هذا المنطلق، ومن خلال ممارسة المهنة وما مر على العديد من الزملاء؛ إليكم بعض الأمور الجوهرية والفنية عند الاختيار بين محام تربطك به قرابة أسرية، ومحام بلا صلة:
أولا: هل لديك تحديات اجتماعية؟

نشير هنا إلى الخجل والخوف والحزازيات، وهذا السؤال يحمل عدة أوجه ونقاط حساسة قد لا ينتبه لها الناس؛ لذا ينبغي أن تعرف نفسك قبل أن تميل إلى اختيار محاميك القريب، فاختيار من هو في محيطك قد يضرك ويسبب لك أذى طويل الأمد.

وفي كل الأحوال، ينبغي الوضوح وأن يكون الأطراف على القدر المعتدل من الجرأة عند الاتفاق على آلية الأتعاب، كما أنه يجب أن يكون في الأذهان بأن صلة القرابة بينك وبين المحامي لا تعني أنه سيبذل مجهودا أكبر من المعتاد أو أنه سيكون أكثر جدية في العمل، إضافة أن بعض التحديات الاجتماعية قد تكون سارية على المحامي أيضا، فخجل المحامي وعدم جرأته ستتضرر معها دعواك على المدى البعيد.

ومن هذا المنطلق تنشأ أغلب الخلافات، فتوقع تحقيق نتيجة معينة من المحامي القريب قد لا تحدث؛ يؤدي إلى قطع العلاقة الشخصية بين الطرفين؛ لذلك يرفض الكثير من المحامين التعامل مع الأقارب؛ لأنهم يعرفون نقاط ضعفهم ومقدار تحملهم للضغوط الاجتماعية فيتنجنبون الوقوع في هذا الإحراج من البداية؛ حفاظا على سمعتهم وعلى دعوى قريبهم من الضياع.

ما مدى حساسية موضوعك؟
ثانيا: الثقة، هي العامل الأكثر أهمية في اختيار المحامي، وينطوي توكيل محامي على العديد من المخاطر، فهو مطلع على بياناتك الشخصية ومعلوماتك السرية التي تسلمها طواعية ليتسنى له مباشرة احتياجاتك القانونية وتوقع موقفك من الدعاوى قويا كان أم ضعيفا، كل هذه الوثائق الشخصية في يد شخص غير صاحبها تتطلب قدرا من المسؤولية تجنبا للوقوع في مشاكل أكبر، لا سيما جانب الكفاءة العلمية، فهو مطلب مهم في توكيل المحامي، ولا يعني أنني أثق أن أغفل عن جانب المعرفة والدراية في موضوعي وشأني، وهذا الخطاب يلزم من المحامي أن يراعيه وأن يكون شجاعا في الاعتذار وألا يحمل نفسه أكثر من طاقتها؛ لذا يجب أن يحرص المحامي على بناء سمعة طيبة أثناء حرصه على تحقيق مجده المهني والمالي، وأن يتحقق العميل من كون محاميه «قد الثقة» ومتاح للتواصل عند الحاجة مهم بقدر أهمية سؤاله عن مؤهلاته العلمية.

ليعلم الإنسان أنه يحتاج بعد قدرة الله إلى الإنسان في تدبير أموره، وأن وجود الناس من حوله أهم عناصر نجاحه في عمله وفي شؤونه الخاصة، فينبغي أن يكون واضحا ونزيها ومرنا في طريقته ومنهجه في التعامل، مع الله ومع البشر، وأن يكون جريئا في تخاطبه وتعامله ونيته دائما مبنية على الصدق والنزاهة.

ختاما، لكل ما سبق؛ لا يوجد خيار مناسب في اختيار محامي ذي صلة قرابة أو محام لا تعرفه، فيبقى تقييمك لتحدياتك الاجتماعية ومدى تعقد موضوعك وللمحامي هي أهم العوامل التي تستطيع من خلالها إيجاد الاختيار الأنسب والأفضل، وهنا يظهر عامل الذكاء العاطفي والاجتماعي في اتخاذ هذا القرار الأكثر حساسية لدى كثير من الناس.


t_alqahtani9@