حسن علي القحطاني

من يستحق؟

الأحد - 22 أكتوبر 2023

Sun - 22 Oct 2023

كان لاعب كرة القدم الإنجليزي سام بارترام، وينطق أيضا اسمه بالإنجليزية Samuel Bertram، يلعب لنادي تشارلتون أثلتيك حتى اعتزاله في 1956م، كحارس مرمى، وله قصة يمكن اعتبارها من أجمل القصص التي تأخذ منها العبرة، وتفيد في الاعتبار بمضامينها.

بدأت قصة سام بارترام في 25 ديسمبر 1937م، أي قبل حوالي 86 عاما، حين أقيمت مباراة بين فريقه تشارلتون أثلتيك، ومنافسه القوي آنذاك فريق تشيلسي، وبعد انطلاق صافرة البداية بوقت قصير ألغى حكم الساحة المباراة، بسبب سوء الأحوال الجوية وانتشار الضباب المعيق للرؤية.

غادر جميع اللاعبين أرضية الملعب باستثناء حارس المرمى سام بارترام، فصخب الجماهير خلف مرماه كان هائلا، إلى درجة أنه حال بينه وبين سماع صافرة الحكم، وظل مكانه يحرس شباك فريقه؛ متأهبا يتحرك بين أعمدة المرمى الثلاثة لصد أي هجمة مباغتة أو تسديدة مفاجئة، تحمل قسوة البرد والضباب وضوضاء المدرجات، كان مع كل ثانية تمر تزداد ضربات قلبه أملا في تحقيق هدف يعجل بالنصر، تحدق عيناه في كل اتجاه خوفا من غدر الخصم، بذل جهدا رهيبا في تأمين عرينه، وكان سعيدا لأنه لا يسمع أصوات خصومه قريبة منه.

استمر حال الحارس سام بارترام على هذا النحو لـ15 دقيقة، وفجأة يظهر له رجل شرطة ليخبره بقرار إلغاء المباراة، وأن فريقة رحل دون أن ينتظره أحد منهم أو يسأل عنه، انفجر سام بارترام باكيا، وأدرك حقيقة أن كل تضحيته وحماسه لم تكن لها قيمة، وقال وهو يهز رأسه يمينا وشمالا بصوت يخرج من بين فكين ملتصقين تعصف به خيبة الأمل، للشرطي: (يحزنني أن ينساني رفاقي وأنا أحرسهم!، وقد ظننت أننا كنا نهاجم طول الوقت!).

ويقال إنه أقيم له بعد ذلك تمثال، تكريما لموقفه، ووفائه وإخلاصه للفريق.
أخيرا، انتبه إلى كم يمكنك البقاء تحرس ظهورا غادرتك منذ زمن؟، كم تحملت في حماية ناس غدرت بك مع كل فرصة سنحت لهم؟، وإلى متى تدافع عن أشخاص هاجموك بكل شراسة مع أول اختلاف معهم؟، كم قدمت تضحيات لم تقابل إلا بالجحود ونقض العهود؟.

امنح حبك وصبرك وحمايتك وتضحيتك لمن يستحقها، وابدأ بنفسك وأسرتك ومجتمعك ووطنك، فإن فاض شيء بعدها، فأعد توزيعه على من ذكرتهم من جديد فهم الأجدر.

أما من تخلى عنك؛ فلا تلتفت إليه، وعجّل بمغادرته من حياتك؛ حتى لو استدعى الأمر إلى مرافقته إلى باب الخروج، ثم أغلقه ولا تقل وداعا.

hq22222@