وليد الزامل

كود الذوق العام في المدن

السبت - 21 أكتوبر 2023

Sat - 21 Oct 2023

ممارسات تتنافى مع الذوق العام نشاهدها يوميا في المتنزهات والحدائق العامة، والطرق، وبيئات العمل.

ممارسات ما زال (البعض) غير مدرك فداحتها، لأنه اعتاد عليها فأصبحت جزءا من نمط حياته في المدينة.

ما زال (البعض) لا يحترم الدور، ويقفز على الآخرين، ويعد ذلك نوعا من الشطارة والذكاء.

في المتنزهات العامة تجده يصطحب حيواناته الأليفة ليضايق بها الآخرين ويرعب الأطفال.

يُشغل النار في الحدائق كي يستمتع بوجبه العشاء دون أي اعتبار لصحة الآخرين.

يُدخن في الأماكن غير المخصصة لذلك؛ ويحّدق النظر إلى النساء.

يرمي الأكياس والنفايات في الشواطئ والمتنزهات بشكل عشوائي ودون أي اعتبار.

يذهب إلى دورات المياه في الحدائق العامة ويخرج منها دون أن يقوم بتنظيف المكان.

يقوم بقيادة سيارته بسرعة ويلتصق بمؤخرة السيارات ثم يناور معرضا حياته وحياة الآخرين للخطر.

ينعطف يمينا وشمالا دون أن يفكر باستخدام مؤشر التنبيه، لأن استخدامه منقصة في حقه فهو الخبير، الفهلوي، المتمكن من القيادة.

يستخدم منبه السيارة وإضاءة الكشافات وتشغيل أصوات المحركات العالية لإرعاب السيارات الصغيرة، لكنه يتردد قليلا في استخدامها خلف السيارات الفخمة.

يرى مجموعة من المشاة ينوون العبور فبدلا من التوقف أو تهدئة السرعة يزيد من سرعته وكأنه في سباق محموم مع الزمن.

يتسابق مع الآخرين ولا يفسح المجال لأحد وكأن الطريق ملك له.

يتوقف برهة أمام أحد المحلات التجارية ليستمع للموسيقى الصاخبة ويترك نافذة السيارة مفتوحة، ليجبر الآخرين على الاستماع لموسيقاه المفضلة.

يرمي أعقاب السجائر من نافذة السيارة مع علب العصير، ثم يفتح باب سيارته بقوة ليصطدم الباب في مركبة غيره مسببا خدوشا سطحية على تلك المركبة.

يغادر ولا يلقي أي اهتمام وكأن الموضوع لا يعنيه. وفي اليوم التالي يقوم بركن سيارته في موقف المعاقين أو يركنها على مساحة تتسع لمركبتين، فلا يتمكن الآخرون من استغلال المساحات المهدرة في الوقوف.

يتجمهر عند الحوادث ويعيق حركة مركبات الإسعاف، ويتفانى في تصوير الحوادث ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكأنه مراسل صحفي متخصص في الحوادث. يعيش حياته لنفسه وكأن الآخرين لا وجود لهم ولا يتشاركون معه في المكان نفسه. كلها سلوكيات تتنافى مع الذوق العام نشاهدها يوميا مع هذا الشخص وغيره دون رادع سلوكي أو وعي اجتماعي.

اطلعت أخيرا على مبادرات «الجمعية السعودية للذوق العام»، وهي إحدى الجمعيات التي تعنى بتكريس مفهوم الذوق العام في المدن بكل مرافقها، وصولا ليكون الذوق العام منهجا للمجتمع سواء في سلوكياته وتعاملاته. تركز الجمعية على مجالات الذوق في البيئة العامة كالنقل، والأماكن العامة، وبيئات العمل، والتعليم، والبيئات الرياضية، وفي العلاقات الاجتماعية، وذلك استنادا إلى قيم الإحسان، والقدوة الحسنة، والمواطنة والمسؤولية رافعة شعار «الذوق العام أسلوب حياة، ونهج وطن».

لقد أطلقت الجمعية مبادرة «وطن الذوق»، وهي مبادرة تؤكد إظهار الخصائص الإيجابية لمجتمع المدينة، ويشمل ذلك القيادة بذوق، واحترام الذوق العام في الأماكن العامة والمتنزهات والتعامل مع الآخرين، ولا سيما أصحاب الإعاقة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه «كود الذوق العام».

تتماشى هذه المبادرة مع مستهدفات الرؤية الوطنية في تحسين جودة الحياة في المدن، فالجودة لا تعني خلق بيئة مادية؛ بل نمط حياة متكاملا.

باختصار، قبل أن نطور كودا عمرانيا للمدن، علينا أن نبدأ أولا بكود الذوق العام، لنرتقي بسلوكيات المجتمع، وينعكس هذا الارتقاء على مستوى المدن.

waleed_zm@