عبدالمعين عيد الأغا

أين اختفت كأس الحليب؟

الثلاثاء - 17 أكتوبر 2023

Tue - 17 Oct 2023


قد يستغرب البعض من عنوان المقال، ولكن هذه هي الحقيقة التي نعيشها الآن مع الأبناء الصغار واليافعين، ففي قدم الزمان كانت كأس الحليب تتصدر فطور الأطفال قبل التوجه إلى المدرسة، أو آخر مشروب يتناولونه قبل النوم، فكان لهذه الكأس هيبتها، فلا يتجاهل الأطفال تحديدا من تناولها لحرص الأمهات والجدات بكل صرامة على أن يتناول الطفل الحليب قبل أن يتوجه إلى مدرسته أو يخلد للنوم، ولكن مع مرور الأزمنة وضغوط وغزو الثقافة الغذائية الحديثة وهيمنة ومواكبة عصر التكنولوجيا تغير كل شيء، فلم تعد لكأس الحليب أي أهمية عند الأطفال وما عزز وكرس هذا الأمر لديهم غياب توجيه وحرص الوالدين بأهمية تناول الحليب، فأصبحت العصائر السكرية المعلبة والمشروبات الغازية هي المفضلة لديهم والمسيطرة على حياتهم.

للأسف.. معظم الأطفال الذين سألتهم في عيادتي عن مدى اهتمامهم بتناول كأس الحليب، وجدت أن نسبة كبيرة لا تهتم نهائيا بشرب الحليب بمفرده، والبعض الآخر يفضل تعويض هذا العنصر من خلال تناول منتجاته عبر الأجبان والأيس كريم وغيرها من الأطعمة التي تعد بالحليب، وفي كلا الأمرين قد لا يحصل الجسم الفوائد المرجوة من تناول بعض منتجات الحليب، عكس الفوائد المترتبة من تناول كأس الحليب بشكل يومي.

وتزداد أهمية تناول كأس الحليب عند الأطفال يوميا لكونهم في مرحلة النمو، ويحتاجون إلى تعزيز هذه المرحلة بالفيتامينات والمعادن، فتناول كوب من الحليب يوميا يساعد على تعزيز صحة العظام؛ لأنه غني بالكالسيوم والبوتاسيوم والفسفور، وجميعها من العناصر المهمة للعظام والتي تساعد على الوقاية من أمراض العظام ومنها هشاشة العظام، وأيضا تقوية المناعة وحماية خلايا الجسم، فالبروتين الذي يقدمه الحليب يوفر للجسم جميع الأحماض الأمينية الأساسية، وبجانب ذلك أوضحت العديد من التقارير الصحية أن كوبا من الحليب يوميا يساعد على التقليل من مخاطر الإصابة بالسمنة، لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين والتي تساعد على الإحساس بالشبع لفترة طويلة مما يساعد على حرق الدهون بالجسم، كما لا ننسى أن الحليب يحتوي على فيتامينات منها (A) المهم لسلامة العين والإبصار وفيتامين (D) الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم، بالإضافة إلى فيتامين (B) المهم لسلامة الأنسجة والأعصاب.

وبجانب كل هذه الفوائد وجدت دراسة علمية أن شرب كوب من الحليب الدافئ ليلا مفيد جدا لتحسين جودة النوم، إذ أثبتت دراسة علمية أن الحليب يساعد فعلا على التمتع بنوم مريح وهادئ، لاحتوائه على مركبات حيوية مثل التربتوفان والميلاتونين، فعند تناول الحليب يستخدم الجسم التربتوفان لصنع السيروتونين والميلاتونين، والتي تعد بالغة الأهمية لتنظيم الحالة المزاجية والتأثير على دورة النوم والاستيقاظ، وبذلك فإنه بتناول كوب من الحليب يتم تعزيز جودة النوم، ويمكن أن يكون ذلك مفيدا أكثر للأشخاص الذين يعانون من مشاكل واضطرابات النوم.

ولا تقتصر فوائد الحليب على صغار السن، بل حتى البالغين والكبار مطالبين بكأس الحليب لتعزيز صحة وقوة العظام والأسنان والتقليل من احتمالية حدوث هشاشة أو ترقق العظام، ولا ننسى أن نسبة كبيرة من المسنين يصابون بفقدان الشهية؛ لذا لابد من إيجاد بديل غذائي لتعويض الجسم عن نقص بعض أنواع الأغذية وتزويده بالفيتامينات، فكوب واحد من الحليب يعتبر وجبة غذائية كاملة تشمل أغلب العناصر التي تتمثل في البروتينات، الدهون المفيدة، والسكريات واللاكتوز والأملاح المعدنية.

وأخيرا.. لا تهملوا كأس الحليب فهي مهمة للصغار والكبار، إذ يبقى الحليب من أكثر المنتجات الصحية التي ينصح بتناولها في كافة الأوقات، حيث تزداد الحاجة للكالسيوم للمحافظة على صحة وقوة العضلات والجسم بشكل عام.