سعود ثامر الحارثي

احتضار القضية الفلسطينية

الاثنين - 16 أكتوبر 2023

Mon - 16 Oct 2023


منذ أن عرفنا القضية الفلسطينية وتاريخها وما آلت إليه من مشاكل إنسانية ناتجة عن الاحتلال الصهيوني واغتصابه للأراضي الفلسطينية، وقتل وتهجير أهاليها وهدم المنازل وارتكاب المذابح بحق الأفراد العزل واعتقالهم، لتنشأ القضية الفلسطينية، وتحظى باهتمام إعلامي وسياسي على المستوى العربي والعالمي، كما أن العالم تعاطف معها لكونها قضية عادلة لأصحابها حق مشروع في استعادة حقوقهم التي سلبت منهم جراء هذا الاغتصاب الجائر من الكيان الصهيوني.

إلا أنه في أواخر السبعينيات الميلادية بدأت ما يسمى بالحركة الإسلامية في فلسطين بشقيها وهما حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي التي تزعم بأنها ستحرر الأراضي الفلسطينية من هذا الاحتلال الصهيوني، ليكون الظهور الأبرز والأقوى لحركة حماس لتتوسع بتعيين قادة لها كما اتخذت من مدينة غزة مقر لها، لتبدأ بين الفينة والأخرى بشن هجوم ضد الاحتلال الإسرائيلي بأسلحة بدائية وتنفيذ عدد من التفجيرات ضده، ليتم الرد من الجانب الإسرائيلي بالأسلحة المتطورة وخاصة القصف بالطائرات الأبرياء ليذهب ضحيتها عدد من الأبرياء لا ذنب لهم وغالبا ما تكون غزة هي الهدف لهذا الرد، وغالبا ما يكون أماكن القصف لكلا الطرفين متفق عليها للقصف.

إلا أن ما حدث يوم 10 أكتوبر مختلف تماما عما كان يحدث في السابق عندما شنت حركة حماس هجوما مباغتا قتلت فيه عددا من جنود ومواطني الاحتلال وأسروا البعض منهم، واخترقوا الحاجز الإسرائيلي الأكثر أمانا في العالم، ليصبح هذا الهجوم محل دهشة من العالم أجمع، وتختلف الآراء في تأييد هذه الهجوم والامتعاض منه.

فمن يؤيد هذا الهجوم ويباركه لا يدرك عواقبه، وعادة أقصى ما يفعلونه هو الخروج في مسيرة ومظاهرة مع بعض الصراخ والعويل للتنديد بأفعال الإجرام الصهيوني ضد الأبرياء، أما من امتعض من الهجوم يعلم جيدا بالعواقب الوخيمة، لكون هذا الرد سيكون قاسيا من الجانب الإسرائيلي نظرا لما يمتلكه من أسلحة متطورة وحلفاء أقوياء، وهذا ما يحصل الآن من القصف بالطائرات وباستخدام جميع أنواع الأسلحة حتى المحرمة دوليا، وكذلك الحصار وقطع الماء والكهرباء والامدادات الغذائية عن قطاع غزة، ليموت الآلاف ويخرج الأحياء لينجوا بأنفسهم في أشبه ما تكون بعملية تطهير عرقي.

القضية الفلسطينية ستبقى قضيتنا الأولى وسنقف جنبا إلى جنب مع الشعب الفلسطيني ليعيش حياة كريمة بدعم حقوقه، إلا أن ما يؤلمنا هو المتاجرة بهذه القضية والتكسب بها من قبل بعض القادة الفلسطينيين حتى ضاعت حقوق الشعب الفلسطيني وأصبحت هذه القضية في موضع احتضار وعلى وشك أن تنتهي عما قريب وخاصة هذه الفترة، إما أن يبيد الكيان الصهيوني جميع الفلسطينيين ويهجرهم ويحتل ما تبقى من أراضيهم بمساعدة حلفائه، أو أن يحل سلام دائم بإقامة دولة فلسطينية معترف بها عالميا إلى جوار الدولة الإسرائيلية، لتصبحا دولتين متجاورتين مستقلتين ومكتفيتين ذاتيا من جميع النواحي الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية.



sths83@