عبدالله قاسم العنزي

لا تجعل الزحام سببا للعدوانية والجريمة

الأحد - 15 أكتوبر 2023

Sun - 15 Oct 2023


المشكلات الاجتماعية كثيرة، ولا تستطيع القطاعات الحكومية حلها جميعها لأسباب عدة، منها: أنه ليس كل شيء تلقى أعباؤه على الدولة، وهذا مفهوم حضاري ودعت إليه الشرعية الإسلامية بما يعرف بالتكافل الاجتماعي، وهو جزء من حديثنا.

لدينا مشكلة محدودة في المناطق التجارية بالعاصمة (الرياض)، وهي مشكلة الازدحام في الطرقات المرورية بسبب عدم استيعاب الطرق كثرة السكان وعدد المركبات، إضافة إلى المتواردين من سكان المحافظات أو المناطق الأخرى إلى مدينة الرياض بصورة مستمرة.

لقد سعت وزارة النقل والخدمات اللوجستية إلى حل جزء من المشكلة بالنقل العمومي، الذي يسهم في حل شيء من الزحام، ولكن تتطلب هذه التجربة وعي المواطنين والمقيمين بمدينة الرياض وغيرها، على أهمية النقل العمومي في معالجة الزحام في الطرقات الرئيسة للمدن.

نعلم أن القطاع المروري المسؤول عن حركة سير المركبات، وأن له خططا شبه يومية تتغير حسب المعطيات المتغيرة في حركة المرور لتفادي الاختناق والزحام المروري، وذلك بسبب السلوك غير المنتظم من قائدي المركبات وصورته، الانحراف المفاجئ وعدم الالتزام بالمسار الصحيح وفق نظام المرور، الذي أكاد لا أبالغ أن غالب قائدي المركبات لم يطلع على النظام لمعرفة وتوعية نفسه في استخدام مركبته في الطرق الرئيسة والفرعية!.

الحديث وما نشاهده في الطريق بأن السلوك الخارج عن أصول القيادة خاصة في لحظة الزحام بأن حركة السير تتفاجأ بأن المركبات في لحظة انفكاك اختناق السير تزداد سرعتها في الطريق وفي لحظة مباغتة – تضرب الفرامل – ثم تحدث المشكلة الرئيسة للطرق الحوادث المرورية، وبعدها يأتي التكدس والاختناق في الطريق!.

أقول: هناك مشكلة أخرى أفظع من كونها ازدحاما لبعض الدقائق أو الساعات، بأن تنقلب القيادة عند بعض قائدي المركبات إلى قيادة عدوانية، تتمثل في عدم المرونة والحكمة في التعامل مع (الجهال)، الذين ينحرفون بصورة متعمدة وغير أخلاقية، بقصد الاستفادة من مساحة يسيرة في الطريق على حساب صاحب الحق الآخر.

ثم تبدأ الانحرافات في المركبات على بعضها البعض دون مراعاة للحقوق، ومنها لا يقف عند سلوك الانحراف في المركبة، بل يوقف قائد المركبة الآخر قسريا، ويبدأ بالشجار ليس بالتلاسن بل بالتطاول بمد اليد على الآخر، حتى ولو كان مخطئا.

هناك قصة شاب عاصرتها في مدينة الرياض، قتل رجلا آخر في أحد الطرقات الرئيسة في وقت انتهاء أعمال بعض الموظفين في قطاع الحكومي والخاص.

الواقعة حدثت وقت الظهيرة على وضح النهار وأمام أعين الناس، بأن لم يكتف القاتل والمقتول بالتلاسن، بل وصل الأمر إلى الشجار وضرب بعضهم البعض، ثم ذهب الشاب القاتل إلى سيارته بعد نزول قائدي المركبات لفك الشجار إلى سيارته، ليحضر عصا غليظة فيقوم قاصدا بضرب المقتول على رأسه، والذي أودت بحياته مباشرة.

يقول، إنه لا يقصد القتل ولكن التصرف الغشيم لا يبرر الكلام الكاذب، ولا ينظر للحمقى الذين لا يحسنون التصرف بحكمة وروية مع الآخرين، خاصة في مناطق الاحتكاك.

نهاية القصة، حكم على الشاب بالقتل ثم بدأ عمال سمسرة الدماء يسعون في الصلح بقصد التكسب من (بلاوي خلق الله).

الموضوع سهل وبسيط، كان يستطيع أن يتلافاها دون ارتكاب جريمة وكبيرة من كبائر الذنوب، وهي قتل النفس المعصومة بتصرفه الأحمق، وفي لحظة فوران الغضب دون ضبط النفس والتي هي مطلوبة في أي وقت كان وفي أي ظرف أو ضغط نفسي.

أعود إلى فكرة التكافل الاجتماعي، وأقترح بأن يبادر فئة من المجتمع بالمسؤولية وإنشاء جمعية أهلية، مهمتها جمع المتطوعين بعد الإذن من جهة السلطة بهذا الشأن، بقصد حضاري وهو تنظيم حركة المرور.

فكرة سهلة وليست فيها إجراءات كبيرة ولا تتطلب مالا كثيرا بل يبادر فيها المجتمع بالدعم المباشر، وهي من المصالح المرسلة التي فيها نفع عام ويجوز فيها الصدقة؛ لأنها تدفع ضررا عن المجتمع.

هذه هي نهاية المقال، وأتمنى أن تصل هذه المقالة إلى القراء، ويستحسنون الفكرة وتحويلها إلى واقع حقيقي ومبادرة.


expert_55@