التعويذة والحرب اللعينة المنتظرة
الاثنين - 09 أكتوبر 2023
Mon - 09 Oct 2023
طبول الحرب يسمع صداها من بعيد. المنطقة على موعد جديد مع معركة، يبدو أنها طاحنة.
بعيدا عن التكافؤ في موازين القوى؛ هناك من سيدفع الثمن، والفاتورة ستكون مكلفة له.
سحب الدخان تملأ السماء، وكذلك هدير الطائرات.
وتعمير السلاح بدأ في المجنزرات.
إنها ساعات عصيبة.
العين على الأرض والبحر والجو.
تبقى المساحة لكاتب المعركة، وهو الآخر قد استل قلمه استعدادا لمصاحبة الحرب وتدوين سيرتها.
ستكتب هذه المرة بالدم.
وأسوأ ما في الحروب؛ أنها ذات معادلات خاصة، توقيتها لا يعتمد على عقارب الساعة، إنما على سياسة الثعبان المتخفي، يستند على المباغتة في أدق التفاصيل، والخروج منها صعب، كمن تاه في غابة مليئة بالوحوش، والأرقام فيها لعينة، تعترف بكل شيء، بالقتلى، والجرحى، والمشردين، وغارات المقاتلات، وتكفر في رقم يحدد وضع الأوزار والعودة للثكنات، والصفر فيها بلا موقع فهو الرقم الوحيد المضطهد؛ لأنها - أي الحروب - ذات معادلة صفرية بكل الأحوال؛ تقوم على مبدأ، ما يكسبه هذا يخسره ذاك، وما يخسره ذاك، يكون قد كسبه هذا.
لعلي أريد القول؛ إن ما قبل مهاجمة مواقع ومدن وقرى إسرائيلية من قبل فصائل فلسطينية مسلحة، لن يكون كما بعده.
وهذا ما يتضح على أقل تقدير، على محيا الوجوه الشاحبة التي تطل علينا بين فينة وأخرى من تل أبيب تارة، وأخرى من واشنطن.
أزعم أن إسرائيل، لا يهمها قتلاها أو جرحاها، بقدر ما يعني لها أنها تلقت إهانة مدوية في أصقاع الأرض، وجرحا عميقا والشمس في كبد السماء. ماذا يعني ذلك؟ يعني اهتزاز صورتها الكبرى أمام الرأي العام المحلي، والدولي.
ويعني أيضا أنها أمام فشل سياسي، وأمني، والأهم من ذلك، استخباراتي كبير، وهذا ما سيحتاج إلى سنوات لمعالجته.
صحيح أن صورة الجندي الإسرائيلي التي خرجت بالشكل المذل على مرأى العالم بأسرة، سينعكس على حكومة بنيامين نتنياهو، لكنه سيعود على ما يسمى بالدولة العميقة، التي تتشكل من أحزاب سياسية، جلها متطرف، وأبعد ما يكون عن السياسة بمفومها العام.
بمعنى أن المجندين الإسرائيليين، ومن دعاهم وزير الدفاع من الاحتياط، سيعانون من فقدان الثقة بالدولة، التي لم تتمكن من حماية بلادهم من ثلة ممن يحملون أسلحة بدائية.
وهذا تفسيرة بالمجمل، أن ثمة ما قد ينخر في الجسد السياسي والاجتماعي الإسرائيلي.
هل ذلك خسارة لتل أبيب؟ نعم.
وهل ذلك مكسب للفصائل الفلسطينية؟ برأيي لا.
لماذا؟ لأن الغول الإسرائيلي ليس أمامه إلا اللجوء للقوة المفرطة، لحفظ ماء وجهه؛ وذلك في نهاية المطاف، سيكون المتضرر الأول والأخير منه، هو الإنسان الفلسطيني، سواء كان في غزة أو في موقع آخر من الأراضي المحتلة.
لست هنا في صدد اتهام هذا ومنح الحق لذاك، إنما الواجب في هذه الحالات، النظر بكثير من الحكمة والعقلانية والهدوء، وذلك طبقا لسياسة بلادي، المملكة العربية السعودية، التي تعتبر منهاجا ومدرسة عميقة، في التسامي، والتعامل بفروسية وأخلاق حتى مع من تختلف معهم.
والمراقب حتى ولو من بعيد، سيلمس أنه بالكاد يهدأ هاتف وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، لتوليه مسؤولية نقل وجهة النظر السعودية، التي تقوم على ضرورة تنحية المدنيين جانبا، والابتعاد بهم من أن يطالهم أي نوع من الغدر، أو يكونوا ضحية لحرب مجنونة، كالتي يتوعد بها مسؤولي إسرائيل منذ يوم الهجوم.
وأجزم في هذا الجانب، أن من تابع البيانات السعودية الصادرة عن الدولة ووزارة الخارجية، سيكتشف أن الرياض وضعت ضبط النفس نبراسا وشعارا لها، وسوقت لذلك في عواصم عالمية، ليس لنيل مكسب سياسي يجير لها، بقدر ما أن ذلك ينبع من أخلاقيات عربية أصيلة، يتمتع بها مالك القرار السياسي في المملكة.
إن أي حرب ستشهدها المنطقة، كالتي على قطاع غزة، التي توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أن يغير وجه واقعها لخمسين عاما مقبلة، ليست من مصلحة أحد، إنما ستعود وبالا على منطقة، مكتوب عليها أن تعيش هذا النوع من التذبذب منذ عشرات السنين.
والأكيد أن الأطراف التي ستخوضها - أي تلك الحرب - لن تخرج منتصرة بأكثر من كمية الدماء والدمار والشتات، والمزيد من التشرذم والفرقة، حتى لأبناء الجلدة الواحدة، بصرف النظر عن وجود أطراف تعمل على شحذ همم الجانبين.
وحتى احتراق تعويذة الحرب اللعينة؛ نحن منتظرون. ولنرى.
بعيدا عن التكافؤ في موازين القوى؛ هناك من سيدفع الثمن، والفاتورة ستكون مكلفة له.
سحب الدخان تملأ السماء، وكذلك هدير الطائرات.
وتعمير السلاح بدأ في المجنزرات.
إنها ساعات عصيبة.
العين على الأرض والبحر والجو.
تبقى المساحة لكاتب المعركة، وهو الآخر قد استل قلمه استعدادا لمصاحبة الحرب وتدوين سيرتها.
ستكتب هذه المرة بالدم.
وأسوأ ما في الحروب؛ أنها ذات معادلات خاصة، توقيتها لا يعتمد على عقارب الساعة، إنما على سياسة الثعبان المتخفي، يستند على المباغتة في أدق التفاصيل، والخروج منها صعب، كمن تاه في غابة مليئة بالوحوش، والأرقام فيها لعينة، تعترف بكل شيء، بالقتلى، والجرحى، والمشردين، وغارات المقاتلات، وتكفر في رقم يحدد وضع الأوزار والعودة للثكنات، والصفر فيها بلا موقع فهو الرقم الوحيد المضطهد؛ لأنها - أي الحروب - ذات معادلة صفرية بكل الأحوال؛ تقوم على مبدأ، ما يكسبه هذا يخسره ذاك، وما يخسره ذاك، يكون قد كسبه هذا.
لعلي أريد القول؛ إن ما قبل مهاجمة مواقع ومدن وقرى إسرائيلية من قبل فصائل فلسطينية مسلحة، لن يكون كما بعده.
وهذا ما يتضح على أقل تقدير، على محيا الوجوه الشاحبة التي تطل علينا بين فينة وأخرى من تل أبيب تارة، وأخرى من واشنطن.
أزعم أن إسرائيل، لا يهمها قتلاها أو جرحاها، بقدر ما يعني لها أنها تلقت إهانة مدوية في أصقاع الأرض، وجرحا عميقا والشمس في كبد السماء. ماذا يعني ذلك؟ يعني اهتزاز صورتها الكبرى أمام الرأي العام المحلي، والدولي.
ويعني أيضا أنها أمام فشل سياسي، وأمني، والأهم من ذلك، استخباراتي كبير، وهذا ما سيحتاج إلى سنوات لمعالجته.
صحيح أن صورة الجندي الإسرائيلي التي خرجت بالشكل المذل على مرأى العالم بأسرة، سينعكس على حكومة بنيامين نتنياهو، لكنه سيعود على ما يسمى بالدولة العميقة، التي تتشكل من أحزاب سياسية، جلها متطرف، وأبعد ما يكون عن السياسة بمفومها العام.
بمعنى أن المجندين الإسرائيليين، ومن دعاهم وزير الدفاع من الاحتياط، سيعانون من فقدان الثقة بالدولة، التي لم تتمكن من حماية بلادهم من ثلة ممن يحملون أسلحة بدائية.
وهذا تفسيرة بالمجمل، أن ثمة ما قد ينخر في الجسد السياسي والاجتماعي الإسرائيلي.
هل ذلك خسارة لتل أبيب؟ نعم.
وهل ذلك مكسب للفصائل الفلسطينية؟ برأيي لا.
لماذا؟ لأن الغول الإسرائيلي ليس أمامه إلا اللجوء للقوة المفرطة، لحفظ ماء وجهه؛ وذلك في نهاية المطاف، سيكون المتضرر الأول والأخير منه، هو الإنسان الفلسطيني، سواء كان في غزة أو في موقع آخر من الأراضي المحتلة.
لست هنا في صدد اتهام هذا ومنح الحق لذاك، إنما الواجب في هذه الحالات، النظر بكثير من الحكمة والعقلانية والهدوء، وذلك طبقا لسياسة بلادي، المملكة العربية السعودية، التي تعتبر منهاجا ومدرسة عميقة، في التسامي، والتعامل بفروسية وأخلاق حتى مع من تختلف معهم.
والمراقب حتى ولو من بعيد، سيلمس أنه بالكاد يهدأ هاتف وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، لتوليه مسؤولية نقل وجهة النظر السعودية، التي تقوم على ضرورة تنحية المدنيين جانبا، والابتعاد بهم من أن يطالهم أي نوع من الغدر، أو يكونوا ضحية لحرب مجنونة، كالتي يتوعد بها مسؤولي إسرائيل منذ يوم الهجوم.
وأجزم في هذا الجانب، أن من تابع البيانات السعودية الصادرة عن الدولة ووزارة الخارجية، سيكتشف أن الرياض وضعت ضبط النفس نبراسا وشعارا لها، وسوقت لذلك في عواصم عالمية، ليس لنيل مكسب سياسي يجير لها، بقدر ما أن ذلك ينبع من أخلاقيات عربية أصيلة، يتمتع بها مالك القرار السياسي في المملكة.
إن أي حرب ستشهدها المنطقة، كالتي على قطاع غزة، التي توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أن يغير وجه واقعها لخمسين عاما مقبلة، ليست من مصلحة أحد، إنما ستعود وبالا على منطقة، مكتوب عليها أن تعيش هذا النوع من التذبذب منذ عشرات السنين.
والأكيد أن الأطراف التي ستخوضها - أي تلك الحرب - لن تخرج منتصرة بأكثر من كمية الدماء والدمار والشتات، والمزيد من التشرذم والفرقة، حتى لأبناء الجلدة الواحدة، بصرف النظر عن وجود أطراف تعمل على شحذ همم الجانبين.
وحتى احتراق تعويذة الحرب اللعينة؛ نحن منتظرون. ولنرى.