عبدالله قاسم العنزي

الفرق بين المعلومة والمشورة القانونية

الاثنين - 09 أكتوبر 2023

Mon - 09 Oct 2023

إن الناس بحاجة إلى المشورة القانونية بشكل يومي؛ لأن رأي الخبير والممارس يقوي القرارات التي يتخذها الأفراد في حياتهم الشخصية أو الوظيفية أو في علاقاتهم مع الآخرين أو رغبة في دخول مشروع معين وواجهته بعض التحديات مثل صياغة عقد محكم يضمن حقوقه دون أن يوقعه في مخاطر مستقبلية أو نزاع في المستقبل.

أقول: يتصل بصورة يومية على الهاتف النقال الكثير من الأشخاص يرغبون في معلومات عن حل المشكلة القانونية أو النزاع الواقعين فيه، ويعيب علي صديق لي بتقديم هذه المعلومات وأنها تكون مجانا دون أجر، وهذه هي طريقة الكثير من المحامين مجرد أن تطلب منه شيئا أو تسأله سؤالا قال لك: احضر للمكتب لنكتب لك عقد استشارة قانونية مقابل أجر معين أو حول مبلغ الاستشارة على الحساب البنكي إن أردتها شفوية ثم يولي السائل مدبرا ولا يعقب.!

مما ينتج عنه انطباع على جشع ذلك المحامي مع أن له الحق في طلب مبلغ مقابل ما يقدم من الاستشارات سواء على هاتف النقال شفويا أو مكتوبا من خلال زيارة المحامي في مكتبه؛ لأنها جزء من أعماله الأساسية، والذي يستفز أكثر المحامين هم المتصلون من الناس فبعضهم من شدة تحايله يمشي على أطراف أصابعه حتى لا يحس به المحامي أثناء السؤال ويستدرجه إلى إعطائه رأيا فنيا وفق أصول المهنة، وهذا الصنف من الناس يطوف على المحامين يأخذ من هذا معلومة ومن المحامي الآخر معلومة ثم يظن أنه استطاع ومسك الحبل الذي يقوده إلى الحل الأمثل بينما لا يعلم أنه كما يقول الناس (جاب العيد).

هذا الأمر دفعني لأبين المشكلة التي يقع فيها المحامون بينهم وبين الناس – لا أقول العملاء – فهناك فرق بين العميل والسائل وكذلك ثمة فارق بين المعلومة من جهة وبين المشورة القانونية من جهة أخرى، ذلك أن كل مشورة تشتمل بالضرورة على المعلومة، أما المعلومة لا تعني بالضرورة أنها استشارة قانونية إذ إن المعلومة لا تعدو أن تكون بعضا من جزء من المشورة فلا تماثلها ولا تساويها بحيث إن المعلومة هي مجرد إيضاح أو تبصير بسيط يقدم بطريقة محايدة دون أن تشمل في حد ذاتها على حث أو دفع السائل إلى اتخاذ موقف أو تبني مركز ما.

إضافة إلى ما سبق فإن المعلومة لا يبذل فيها المحامي العناية الكاملة وفق أصول المهنة بخلاف المشورة التي توجب على صاحبها ومقدمها بذل عناية في تمكين العميل من المعلومات الفنية وفق أصول المهنة والحلول القانونية أو الحيل القانونية التي تفك عقدة المشكلة بحياد إلى عميله طالب المشورة المدفوع أجرها مع توجيه إلى عمل إجراءات معينة واتخاذ موقف معين أو القرارات معينة.

هناك بعض المحامين لا يفرقون بين المعلومة والمشورة القانونية ويرون أنها واحدة ولا فرق بينهما - فهذا غير صحيح - كما أشرنا إليه سابقا ويتأذون من فضول وإلحاح السائلين ولا يعرفون كيف يتصرفون مع هذه الأسئلة المستمرة بصورة يومية وهذه إشكالية بأن تجعل السائلين لا يتحولون إلى عملاء حقيقين للمحامي.

ومن زاوية أخرى فإن المحامي الذي يقدم استشارة قانونية فإنه مسؤول مدنيا عن الخطأ الذي يترتب على المشورة التي قدمها إن كانت غير صحيحة والحلول التي قدمها أو المذكرات التي كتبها ضمن المشورة لم تكن وفق أصول المهنة.

أما المعلومة المجردة التي تقدم بصورة إيضاح بسيط دون حياد ودون وضع رأي فني بكيفية إدارة الدعوى والخصومة أو حل المشكلة فإن المحامي في هذه الحالة ليس مسؤولا عن هذه المعلومة؛ لأنها لا تصل إلى حد المسؤولية ولا تأخذ صورة المشورة القانونية.

expert_55@