انعدام الأمان الوظيفي في القطاع الخاص يعرقل جهود التوطين

السبت - 07 أكتوبر 2023

Sat - 07 Oct 2023

تظل وظائف القطاع العام مرادا لمعظم الباحثين عن العمل من السعوديين، مما يشير إلى تشوهات عدة في سوق العمل في القطاع الخاص، منها عرقلة جهود التوطين والسعودة، وعدم حرص بعض أصحاب الأعمال على تطوير مهارات الموظفين السعوديين وتوفير البيئة الجاذبة للسعودي، يقابل ذلك الاهتمام بتطوير مهارات العمالة الوافدة، إضافة إلى وجود فجوة بين طالبي الوظائف وأصحاب الأعمال، وأيضا عدم وجود حوافز من قبل القطاع الخاص تجذب السعوديين كتدني الرواتب وانعدام الأمان الوظيفي.

عبر «مكة» يشارك عدد من الكتاب وأصحاب الرأي السعوديين في النقاش حول هذا الموضوع بطرح الأسباب والحلول لرفع اقتصاد بلادنا وتحقيق التنمية المستدامة.

الإعداد الجيد لمواجهة التحديات
«من التشوهات التي يعاني منها سوق العمل عرقلة جهود التوطين والسعودة في معظم وظائف القطاع الخاص، وهذا يعود لرجال الأعمال الذين هدفهم الكسب المادي فقط عندما يستقدمون العمالة رخيصة الأجر والمتدنية بالمستوى المهاري والتعليمي والفني.

ولا ننسى أيضا الواسطة والمحاباة في التوظيف مما يؤدي إلى حرمان المؤهل بسبب قريب وحبيب لأصحاب النفوذ الإداري في الشركة.

وأرى أن هناك حلولا بدأت بتحسين بعض التشوهات ومن أهمها برامج نطاقات وطاقات الذي اعتمدته وزارة العمل للحث والتحفيز من أجل حل معظم التشوهات التي يعاني منها السوق لإيجاد التوازن في تركيبة وهيكلة السوق بين العمالة الوطنية والوافدة وحفظ الحقوق وذلك بالإشراف المباشر تقنيا وحضوريا على هذه القطاعات.

وأيضا يجب حث شباب وشابات المملكة على الالتحاق بالبرامج الدراسية التطبيقية كالدبلومات التخصصية والمهنية التي وفرتها الجامعات الحكومية لتهيئة شبابنا وبناتنا لمزاولة الأعمال المهنية والفنية في قطاع العمل الخاص.

السوق السعودي قوي جدا ماديا وتنافسيا ومن يرد النجاح فعليه أن يستعد لمواجهة التحديات وذلك بالتدريب والمهارة والتعليم».
دخيل سليمان المحمدي

معدلات التوطين
«المراقب لسوق العمل السعودي يلاحظ أن هناك خللا، وهذا الخلل واضح وما فتئت الحكومة تعمل على إصلاحه بوسائل شتى وحِزم متلاحقة من الإصلاحات والمنصات، والعمل جار على تعديل وتطوير برامج متنوعة لإيجاد الحلول الناجعة.

فسوق العمل لدينا سريع النمو ويستوعب المزيد من العاملين يوميا، وتشكل المملكة حلم المستقبل وفرصة العمر لكل باحث عن العمل، حيث الأمن والاستقرار والقوة الاقتصادية والمميزات الأخرى.

وفيما أرى فإن الخلل الرئيس لسوق العمل يكمن في ارتفاع البطالة بين المواطنين وانعدامها تقريبا بين الوافدين، في حالة قد تنفرد بها المملكة، فهناك تنافر بين الباحثين عن العمل وأرباب الأعمال فيا ترى ما الأسباب لهذه الهوة وهذا التنافر، فأبناؤنا مؤهلون بأعلى الدرجات العلمية من أرقى الجامعات العالمية والمحلية وفي مختلف التخصصات ولا يقلون بل يفوقون الوافدين كفاءة ومهارة ورغم ذلك لا تزال البطالة مرتفعة مقارنة بحجم السوق المحلي ومتانة الاقتصاد.

ومما فاقم استقطاب الوافدين هو تحويل كثير من مهام الجهات الحكومية الخدمية لشركات ضمن برامج الخصخصة، وهذه الشركات وجدت الخيار الأسهل والطريق الأسرع للربح في توظيف الوافدين. كما أن هناك قطاعات يسيطر عليها الوافدون وهي وظائف غير فنية كقطاع المبيعات والمحاسبة وكثير من الوظائف الإدارية.

ومما يثير العجب أنك ترى إعلانات توظيف لشركات وطنية في دول بذاتها ولا تنشر تلك الإعلانات في المملكة، فهل تلك الوظائف خاصة بتلك الدول!؟

ومع الاحترام والتقدير لكافة الجهود المبذولة إلا أنها تعتبر بطيئة الوتيرة وقليلة الجدوى، ولذلك أقترح تعليق إصدار تأشيرات العمل لفترة ستة أشهر مثلا مع استثناء الوظائف الطبية الملحة والتخصصات النادرة، وكذلك الأعمال المتدنية التي لابد أن تشغل بالوافدين على أي حال.

بهذا نستطيع تجويع السوق وترجيح كفة الطلب على كفة العرض في السوق الأمر الذي سيلزم أرباب العمل باستقطاب الموظفين من داخل البلد.

كما أن على وزارة الموارد البشرية النظر في ساعات الدوام والرواتب والحوافز والبدلات؛ لتكون أكثر ملاءمة وجذبا للمواطن».
عبدالله أحمد الزهراني

ضعف الحوافز للسعودي
«عندما نتحدث عن تشوهات سوق العمل يجب أن نتعرف أولا على المهارات التي يجب اكتسابها قبل الشروع في أي عمل لأن تطوير الشخصية العاملة مهم لنجاح العمل، ومن المهارات التعامل باحترافية وتحمل المسؤولية والالتزام بالمواعيد والاستمرارية في التعلم ووضع أهداف قابلة للقياس والسعي لتحقيقها ضمن جدول زمني معين، وتقييم العمل بين الفينة والأخرى والتخلص من نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة والاستمرارية في ذلك.

من أسباب تشوهات سوق العمل مخرجات التعليم، فمعظم خريجي الجامعات تخصصاتهم نظرية، وخريج الثانوية قد لا يجد له وظيفة مع الكم الكبير من أصحاب الشهادات الجامعية والعليا.

والمسؤولية تقع على عدة أطراف، منها القطاع الخاص، والقطاع التعليمي، والتدريب الفني، والاستقدام، وتجارة التأشيرات وغيرها.

أيضا ليس هناك حوافز من قبل القطاع الخاص لجذب السعوديين، فرواتبهم ضعيفة وغير مغرية، ذلك أدى إلى الاعتماد على العمالة الأجنبية رغم عدم تأهيلهم وتخصصهم في الأعمال التي يزجون فيها وأسباب ذلك عندما أوجدت المؤسسة العامة للتعليم الفني منذ زمن ولكن تأخر الانخراط فيها من قبل الطلاب.. وفشلنا في إقناع شبابنا وشاباتنا إلى التوجه للوظائف المهنية.

وهناك من العمالة الأجنبية من يتدربون في مصانعنا ويعملون لدينا بمرتبات مغرية يعودون بعدها إلى بلدانهم بعد أن اكتسبوا خبرة كافية للعمل في بلدانهم أليس شبابنا أحق بذلك؟

أتمنى رفع نسبة السعودة لدينا وزيادة مرتباتهم حتى تتناسب مع المصروفات والأسعار الحالية وجذب وإغراء الشباب السعودي للعمل في القطاع الخاص».
عبدالمطلوب مبارك البدراني

فجوة الطلب والعرض
«‏النظام التعليمي التلقيني التقليدي ينتج مخرجات تترفع عن بيئاتها الواقعية وتفضل الوظائف العامة.

ويسقط قطاع التعليم في اختبار دوره في التنمية المستدامة، حين يغدو سبيلا سريعا إلى الوجاهة الاجتماعية فقط.

فمثلا الزيادة المضطردة في أطروحات الدراسات العليا التي لا تتماهى مع اتجاهات سوق العمل هي كتقديم المزيد من الأطعمة الضارة للمريض المنوم في المستشفى بسبب التخمة.

الخلل في سوق العمل يتمثل بشكل جلي في وجود فجوة بين طالبي الوظائف وأصحاب الأعمال التي تستلزم تطويرا دؤوبا خاصة القطاعات سريعة النمو وعلى رأسها التكنولوجيا والرعاية الصحية والتمويل وخدمة العملاء.

وعلى سبيل المثال على عدم التطابق بين العرض والطلب، نجد النقص في مهارات البرمجة في التكنولوجيا أو اختبارات التمريض التخصصية في الرعاية الصحية أو خبرة التحليل المالي في قطاع التمويل أو مهارة حل المشكلات والصبر في خدمة العملاء.

وهذا كله تسبب في (البطالة الهيكلية) التي قد تصبح طويلة الأمد إذا ما تركت على حالها مما يوجب المعالجة السريعة.

كما أن الفاقد التعليمي المستمر هو إهدار في الموارد المادية والبشرية والوقت وانحراف تراكمي عن المسار المرجو.

وجدير بالذكر أن مبادرات الأجهزة الحكومية كانت نوعية وإيجابية أعطت ثمارها وصححت وحلت الكثير من المشاكل.

ولا يزال إصلاح التعليم قضية جوهرية ثقافيا واقتصاديا وتنمويا وحضاريا لبلوغ مستهدفات الاقتصاد النابض في رؤية 2030.

فاليوم يعيش العالم في عصر شديد بل متزايد التسارع في التطور والعبرة كل العبرة بمن يدركه».
ريما رباح

الضبابية واختلاف التوقعات
«قد تكمن الأسباب في تشوهات سوق العمل أو النظرة غير الراضية في سوق العمل بين مقدمي الوظائف وطالبيها في اختلاف التوقعات وبناء الكفاءة على سنوات الخدمة وليس الخبرة، وهناك فرق بين المصطلحين بالإضافة إلى عدم الثقة المتبادلة لا في القدرات ولا في الأمان الوظيفي.

أيضا تصنيف الوظائف وفقا للمهام والإمكانات ليس واضحا بالشكل الصحيح في العديد من الشركات فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك بند موجود دائما في عروض الوظائف وهو تحديد لعمر الموظف بصورة عامة مع تعارض واضح في نفس العرض وهو المطالبة بالخبرة، على العموم هناك بعض الاشتراطات التي لا تنطبق على الوظائف ولا على حاجة السوق من الموظف، من جهة أخرى فالشركة تنتظر من الموظف أن يكون ملما بنظامها على اختلاف الأنظمة من شركة لأخرى، وبالمقابل الموظف ينتظر الرضا التام من أدائه خاصة لو أنه سبق له العمل في المجال دون مراعاة تلك الاختلافات السابقة الذكر.

هناك عنصر مهم يجعل من تلك الصورة ضبابية وهي عدم وضوح المهام أو ازدواجيتها بين الأقسام وأن يكون الوصف الوظيفي إما مختصر فلا يوضح واجبات الوظيفة ومسؤولياتها أو مسهبا إلى درجة التضارب؛ لذا من الأفضل لكل شركة أن تضع مستشارين ذوي خبرة وكفاءة في مجال دراسة حاجتها من الموظفين الحقيقية وفقا للمنتج الخاص بها وتوصيف كل احتياج في هيئة مهمة ليسهل على قسم التوظيف تحديد الوظيفة مع مراعاة القدرات والمهارات للمتقدمين».
إيمان باجنيد

الاستثمار في النفس
«أنا من المؤمنين جدا بأن خطى التوطين تسير بالاتجاه الصحيح، وأن الفرص متاحة للعمل، لست متخصصا في هذا المجال، لكن رسالتي للشباب والشابات، لا تتوقفوا عن العمل، دخول عالم الأعمال يفتح لكم باب التجارب والاستثمار في النفس واكتساب مهارات ستكون داعمة لكم.

الحياة واقع.. والواقع يحتاج مواجهة، الآن تم إقرار الكثير من القوانين التي تحقق مساحة كبرى للفرد ليجد فرصة جيدة، لا تتردد ولا تتأخر وتأكد أن سوق العمل لك أنت، ولن ينجح سواك إن أقدمت وبادرت».
أحمد الظفيري

المشتركون على رأس العمل في القطاعين الحكومي والخاص 10.49 ملايين مشترك
  • السعوديون 2.63 مليون عامل
  • غير السعوديين 7.86 ملايين عامل