استسلام فرنسا.. يعيد تشكيل قارة العجائب
باحث أفريقي: انقلابات الساحل الجديدة تسقط ديكتاتوريات المصالح
باحث أفريقي: انقلابات الساحل الجديدة تسقط ديكتاتوريات المصالح
الأربعاء - 04 أكتوبر 2023
Wed - 04 Oct 2023
استسلمت فرنسا للأمر الواقع، ووضعت رأسها في الرمال وهي تسحب سفيرها من النيجر، بعد أن فرضت الأنظمة العسكرية الجديدة في غرب أفريقيا سطوتها، وأكدت النيجر ومعها مالي وبوركينا فاسو واقعا جديدا على المنطقة، فيما فشلت الدول الـ15 التي تضمها مجموعة «إيكواس» وغيرها من منظمات إقليمية في الإحاطة بحركة التغيير الطبيعي التي تحدث في قارة العجائب السمراء.
ويرى الباحث في شؤون القرن الأفريقي هاشم علي حامد في تحليل نشرته «إندبندنت عربية» أن قضية النيجر تشكل رمزية فشل لدول كبرى في الحفاظ على مصالح ظلت لعشرات السنين، ويؤكد أن أهم دلالاتها هو فشل المنظمات السياسية الإقليمية ممثلة في الاتحاد الأفريقي ومجموعة دول غرب أفريقيا «إيكواس» التي تحتاج الآن هي الأخرى إلى وقفات حقيقية بإعادة تشكيلها من جديد، في توجهاتها وقوانينها وتشريعاتها التي أصبحت لا قيمة لها بعد تعفرها تحت أحذية الانقلابات العسكرية الأفريقية.
انتصار الانقلابيين
يؤكد الباحث أن انقلابيي النيجر بقيادة رئيس المجلس العسكري الحاكم الجنرال عبدالرحمن تياني نجحوا في الانتقال إلى مرحلة مهمة في مواجهات الضغوط الدولية والإقليمية، وبعد مرور أقل من ثلاثة أشهر استطاعوا الانتصار على الضغوط المفروضة عليهم، متوجين ذلك أخيرا بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الـ24 من سبتمبر الماضي سحب قوات بلاده البالغ عددها ما بين 1000 و1500 عنصر، وإخلاء قواعد باريس العسكرية الثلاث بنهاية العام الحالي، ومغادرة سفيرها العاصمة نيامي.
ويؤكد أن قرار فرنسا دليل على إحكام العسكريين في النيجر لقبضتهم على السلطة، والانتقال بها إلى مرحلة متقدمة، بعد أن تلاشت تهديدات مجموعة «إيكواس» التي فشلت مسبقا في تحقيق إجماع يخولها التدخل العسكري في نيامي بعد معارضة الجزائر وإيطاليا، وتهديدات حكومتي كل من بوركينا فاسو ومالي بالتدخل عسكريا ضد أي هجوم يستهدف السلطة الجديدة في النيجر.
احتفالات تاريخية
ويشير حامد إلى أن الواقع الذي تتحدث عنه انقلابات وسط وغرب أفريقيا في كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر والغابون يعطي تأكيدا أن ظرفا تشهده منطقة الساحل الأفريقي ليس بدلالة حدث واحد ممثل في النيجر، ولكن بلغة مشتركة لقادة التغيير العسكريين في كل هذه الدول، وما تمثله نيامي من نجاح يعطي دفعا قويا بحكم أن تغييرها كان الأصعب بحيثيات التحديات والضعف السياسي الذي مثله الرئيس المخلوع محمد بازوم بعد تمكينه مصالح فرنسا ودول غربية أخرى على حساب مصالح بلاده وشعبه.
ويرى أن تنحي فرنسا عن المشهد مثل انتصارا استحق بالفعل خروج جماهير النيجر واحتفالاتها التي لا تزال مستمرة بما سماه المجلس العسكري «اللحظة التاريخية»، ووصفه لقرار الخروج بالانتصار السياسي و»الخطوة المهمة تجاه سيادة النيجر».
محاصرة فرنسا
ألهب العسكريون الجدد حماس شعوبهم بشعارات «السيادة»، وحاصر النيجيريون القاعدة الجوية الفرنسية في نيامي ومقر السفارة بحشود جماهيرية واعتصامات متزايدة، مما مثل ضغطا مستمرا على باريس وإضعافا لمكانتها الدولية، وأجبرها أخيرا على اتخاذ قرارها بالمغادرة.
ويصف البعض استجابة باريس لمطالب المجلس العسكري في النيجر بتراجع نفوذ لأهم الدول الغربية التي ظلت متحكمة في وسط وغرب أفريقيا، وفضت قواعدها العسكرية الثلاث في (نيامي وولام وأيورو) لتخرج تماما من قلب منطقة الساحل الأفريقي في مالي وبوركينافاسو والنيجر، ولا يتبقى لها سوى قاعدة واحدة لا تزال بالعاصمة التشادية نجامينا.
وبتفكك هذه القواعد التي حدد لها نهاية العام الحالي 2023، وخروجها من النيجر يضعف مبرر الوجود العسكري بحجة ما ظلت تصفه القوى الدولية مصطلحا بخطر «الجماعات الإرهابية» وتبرر وجودها على ضوئه في وسط وغرب أفريقيا، لتفقد فرنسا هيمنتها السابقة في كل من مالي وبوركينا فاسو وأخيرا الغابون.
الأفقر بالعالم
ويلفت الباحث النظر إلى أنه على الرغم ما يحسبه بعضهم من نجاح لمسيرة انقلاب النيجر لكن أخطارا تتشكل في ما تعانيه الدولة من ضعف اقتصادي كأفقر الدول الأفريقية وفق التصنيفات الدولية، وسيظل الاقتصاد يشكل تحديا إلى جانب التحديات الأمنية، وهنا يتساءل المراقبون بعد النجاح الذي حققه العسكريون في بعض دول الساحل الأفريقي، ما مستقبل المنطقة وإلى أي مدى تصمد الأنظمة العسكرية وتنجح في تحقيق النقلة السياسية والاقتصادية والتنموية المنشودة لمجتمعاتها؟
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية صلاح الدين عبدالرحمن الدومة أن ضعف الأنظمة الوطنية التي أعقبت خروج المستعمر، والخلافات السياسية وعدم الإجماع الوطني في كثير من البلدان الأفريقية مثل بيئة مواتية لهيمنة الدول الغربية في استغلال ثروات شعوب القارة السمراء مستغلة واقعا سياسيا وتبعية حكومات ظلت عميلة لأجل مصالح أسرية أو شخصية، ليعقب هذا الواقع الذي عانت فيه كثير من الدول رفضا وطنيا تمثل في قيادات المؤسسات العسكرية في تصديها لأحداث التغيير الوطني، وشهد كثير من الدول انقلابات عسكرية لتصحيح واقع ما بعد الاستعمار الذي يصفه بعضهم بحقب الاستعمار المتجدد».
ثروات أفريقيا
ومضى في تحليله «الدول الكبرى كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا لديها تنافس أصبح واضحا على ثروات أفريقيا ممثلة في دول عديدة، ولذلك فهي دائما ضد التغييرات العسكرية الوطنية التي تصفها كونها انقلابات على الديمقراطية».
وأضاف «يتبقى عنصر النجاح لدول الساحل وقد اجتازت التحدي بفرض الواقع العسكري، ولكن ينتظرها معالجة الأوضاع الاقتصادية وتحقيق متطلبات شعوبها من تنمية وبناء، وحينها تستطيع اجتياز أهم العقبات وتكريس واقع سياسي يعمل على تثبيت الدولة عبر نظام يحفظ المصالح القومية بجميع أشكالها».
ويعتبر الكاتب حالي يحيي أنه من منطلق الواقع السياسي والاقتصادي في وسط وغرب أفريقيا فإن مسار التغيير بدأ يتشكل لينقلب على ديكتاتوريات باتت تتلاشى وتفقد مصالحها مع الغرب بخاصة فرنسا».
واعتبر أن التغيير الحالي سواء في النيجر أو الغابون أو مالي جاء نتيجة لواقع اجتماعي واقتصادي حتم ضرورة مسايرة حركة وتطور الحياة السياسية، لا سيما أن الأجيال الجديدة باتت تعمل وفق تغيير يلبي طموحاتها المختلفة».
أهم انقلابات الأخيرة في أفريقيا:
ويرى الباحث في شؤون القرن الأفريقي هاشم علي حامد في تحليل نشرته «إندبندنت عربية» أن قضية النيجر تشكل رمزية فشل لدول كبرى في الحفاظ على مصالح ظلت لعشرات السنين، ويؤكد أن أهم دلالاتها هو فشل المنظمات السياسية الإقليمية ممثلة في الاتحاد الأفريقي ومجموعة دول غرب أفريقيا «إيكواس» التي تحتاج الآن هي الأخرى إلى وقفات حقيقية بإعادة تشكيلها من جديد، في توجهاتها وقوانينها وتشريعاتها التي أصبحت لا قيمة لها بعد تعفرها تحت أحذية الانقلابات العسكرية الأفريقية.
انتصار الانقلابيين
يؤكد الباحث أن انقلابيي النيجر بقيادة رئيس المجلس العسكري الحاكم الجنرال عبدالرحمن تياني نجحوا في الانتقال إلى مرحلة مهمة في مواجهات الضغوط الدولية والإقليمية، وبعد مرور أقل من ثلاثة أشهر استطاعوا الانتصار على الضغوط المفروضة عليهم، متوجين ذلك أخيرا بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الـ24 من سبتمبر الماضي سحب قوات بلاده البالغ عددها ما بين 1000 و1500 عنصر، وإخلاء قواعد باريس العسكرية الثلاث بنهاية العام الحالي، ومغادرة سفيرها العاصمة نيامي.
ويؤكد أن قرار فرنسا دليل على إحكام العسكريين في النيجر لقبضتهم على السلطة، والانتقال بها إلى مرحلة متقدمة، بعد أن تلاشت تهديدات مجموعة «إيكواس» التي فشلت مسبقا في تحقيق إجماع يخولها التدخل العسكري في نيامي بعد معارضة الجزائر وإيطاليا، وتهديدات حكومتي كل من بوركينا فاسو ومالي بالتدخل عسكريا ضد أي هجوم يستهدف السلطة الجديدة في النيجر.
احتفالات تاريخية
ويشير حامد إلى أن الواقع الذي تتحدث عنه انقلابات وسط وغرب أفريقيا في كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر والغابون يعطي تأكيدا أن ظرفا تشهده منطقة الساحل الأفريقي ليس بدلالة حدث واحد ممثل في النيجر، ولكن بلغة مشتركة لقادة التغيير العسكريين في كل هذه الدول، وما تمثله نيامي من نجاح يعطي دفعا قويا بحكم أن تغييرها كان الأصعب بحيثيات التحديات والضعف السياسي الذي مثله الرئيس المخلوع محمد بازوم بعد تمكينه مصالح فرنسا ودول غربية أخرى على حساب مصالح بلاده وشعبه.
ويرى أن تنحي فرنسا عن المشهد مثل انتصارا استحق بالفعل خروج جماهير النيجر واحتفالاتها التي لا تزال مستمرة بما سماه المجلس العسكري «اللحظة التاريخية»، ووصفه لقرار الخروج بالانتصار السياسي و»الخطوة المهمة تجاه سيادة النيجر».
محاصرة فرنسا
ألهب العسكريون الجدد حماس شعوبهم بشعارات «السيادة»، وحاصر النيجيريون القاعدة الجوية الفرنسية في نيامي ومقر السفارة بحشود جماهيرية واعتصامات متزايدة، مما مثل ضغطا مستمرا على باريس وإضعافا لمكانتها الدولية، وأجبرها أخيرا على اتخاذ قرارها بالمغادرة.
ويصف البعض استجابة باريس لمطالب المجلس العسكري في النيجر بتراجع نفوذ لأهم الدول الغربية التي ظلت متحكمة في وسط وغرب أفريقيا، وفضت قواعدها العسكرية الثلاث في (نيامي وولام وأيورو) لتخرج تماما من قلب منطقة الساحل الأفريقي في مالي وبوركينافاسو والنيجر، ولا يتبقى لها سوى قاعدة واحدة لا تزال بالعاصمة التشادية نجامينا.
وبتفكك هذه القواعد التي حدد لها نهاية العام الحالي 2023، وخروجها من النيجر يضعف مبرر الوجود العسكري بحجة ما ظلت تصفه القوى الدولية مصطلحا بخطر «الجماعات الإرهابية» وتبرر وجودها على ضوئه في وسط وغرب أفريقيا، لتفقد فرنسا هيمنتها السابقة في كل من مالي وبوركينا فاسو وأخيرا الغابون.
الأفقر بالعالم
ويلفت الباحث النظر إلى أنه على الرغم ما يحسبه بعضهم من نجاح لمسيرة انقلاب النيجر لكن أخطارا تتشكل في ما تعانيه الدولة من ضعف اقتصادي كأفقر الدول الأفريقية وفق التصنيفات الدولية، وسيظل الاقتصاد يشكل تحديا إلى جانب التحديات الأمنية، وهنا يتساءل المراقبون بعد النجاح الذي حققه العسكريون في بعض دول الساحل الأفريقي، ما مستقبل المنطقة وإلى أي مدى تصمد الأنظمة العسكرية وتنجح في تحقيق النقلة السياسية والاقتصادية والتنموية المنشودة لمجتمعاتها؟
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية صلاح الدين عبدالرحمن الدومة أن ضعف الأنظمة الوطنية التي أعقبت خروج المستعمر، والخلافات السياسية وعدم الإجماع الوطني في كثير من البلدان الأفريقية مثل بيئة مواتية لهيمنة الدول الغربية في استغلال ثروات شعوب القارة السمراء مستغلة واقعا سياسيا وتبعية حكومات ظلت عميلة لأجل مصالح أسرية أو شخصية، ليعقب هذا الواقع الذي عانت فيه كثير من الدول رفضا وطنيا تمثل في قيادات المؤسسات العسكرية في تصديها لأحداث التغيير الوطني، وشهد كثير من الدول انقلابات عسكرية لتصحيح واقع ما بعد الاستعمار الذي يصفه بعضهم بحقب الاستعمار المتجدد».
ثروات أفريقيا
ومضى في تحليله «الدول الكبرى كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا لديها تنافس أصبح واضحا على ثروات أفريقيا ممثلة في دول عديدة، ولذلك فهي دائما ضد التغييرات العسكرية الوطنية التي تصفها كونها انقلابات على الديمقراطية».
وأضاف «يتبقى عنصر النجاح لدول الساحل وقد اجتازت التحدي بفرض الواقع العسكري، ولكن ينتظرها معالجة الأوضاع الاقتصادية وتحقيق متطلبات شعوبها من تنمية وبناء، وحينها تستطيع اجتياز أهم العقبات وتكريس واقع سياسي يعمل على تثبيت الدولة عبر نظام يحفظ المصالح القومية بجميع أشكالها».
ويعتبر الكاتب حالي يحيي أنه من منطلق الواقع السياسي والاقتصادي في وسط وغرب أفريقيا فإن مسار التغيير بدأ يتشكل لينقلب على ديكتاتوريات باتت تتلاشى وتفقد مصالحها مع الغرب بخاصة فرنسا».
واعتبر أن التغيير الحالي سواء في النيجر أو الغابون أو مالي جاء نتيجة لواقع اجتماعي واقتصادي حتم ضرورة مسايرة حركة وتطور الحياة السياسية، لا سيما أن الأجيال الجديدة باتت تعمل وفق تغيير يلبي طموحاتها المختلفة».
أهم انقلابات الأخيرة في أفريقيا:
- 2023 انقلابان في النيجر والغابون.
- 2022 5 محاولات في بوركينا فاسو وغينيا بيساو وغامبيا وجزيرة ساو تومي وبرينسيبي.
- 2021 6 محاولات انقلابية في أفريقيا، نجحت أربع منها.
- الفقر.
- الفساد.
- غياب الديمقراطية.
- ضعف الأداء الاقتصادي.
- هشاشة الأنظمة.