مواجهاتنا مع الجن والعين والسحر
الاثنين - 02 أكتوبر 2023
Mon - 02 Oct 2023
وكلنا نؤمن بأنها مذكورة في القرآن الكريم، ومؤيدة بكثير من الأحاديث، المؤكدة على علاقاتها الدائمة بحياة المسلم، ولعل هذا ما عطل أي محاولات تمحيص أو بحوث علمية أو فحوص بالتقنيات المتقدمة.
العقل المسلم فعلا في ورطة قديمة امتدت إلى عصر العلوم والمعارف والتقنية، التي مكنت البشرية من سبر عظمة مجاهل الكون، والنزول إلى أغوار الكائنات الدقيقة، ميكروبات وفيروسات وما دونها، وتأكيد تأثيراتها على حياة الإنسان، بطرق علمية مؤكدة.
نقل وترديد وتضخيم قصص علاقات البشرية بتلك الأمور الغيبية وملامستها، بتراث يمعن بتثبيتها في عقول المجتمعات وتوطينها، بأجواء تخويف، تصد وعي المسلم عن التعامل مع المنطق والواقع العلمي والمكتشفات الحديثة، وتكبح عقله عن مجاراة الأمم في العلوم والمعارف المؤكدة، وعلوم الأمراض والطبابة والاكتشافات الحديثة.
المسلم ما يزال يشكك في أسباب الأمراض، ما يدمر صحته ونفسيته، وعلاقاته حتى مع أقرب الناس إليه، حين يبرر المرض العضوي والنفسي بعين حارة، ونفاثات عقد، ومس جن يتلبس الجسد، ومخاوف من ظلمة وحيوانات وأمكنة مسكونة.
مفاهيم غيبية تعطل وتمنع طلب المعالجة السليمة الموثوقة من خلال المستشفيات، وعلوم الطب النفسي، وتنزع الثقة في أدوار التربية النفسية السليمة والحيطة من العدوى، والوعي بالأمراض العقلية والوراثية بطرق علمية.
المسلم غالبا يعيش حيرته مشتتا حين البحث عن العلاج، بحياة شك، واتقاء أشخاص من أقرب الناس إليه، قيل له أنهم حسدوه أو سحروه، فيبادر لطلب الرقية ولو بالسر، وتجرع السوائل المقروء عليها، وغسول الفناجين الملوثة، وتضخيم حكايات المجهول، وما يليها من تردد على شيوخ وسحرة، ومشعوذين، والكارثة أنها تدمج سرا مع علاجات المستشفيات، فتفسد المعالجة الطبية، وتسبب حالات تسمم، قاتلة.
أسواق الشعوذة زاهرة، ظاهرة وبعضها يتم في الخفاء، وملايين تدفع، لتنفيذ أوامر الرقاة والمعالجين والسحرة، ممن يلصقونها بالقرآن، وللعجب فكثير ممن يصدقونها ويتبعونها هم من علية القوم، ومن المتعلمين تحت اشتداد ضغوط الموروث ونصائح المجتمع، فيستسلمون بيأسهم لحلول أجهل من يعرفون، ويدفعون دماء قلوبهم، بحثا عن خلاص من شر الجن والسحر، والعين.
قنوات فضائية ومواقع تواصل كثيرة متلبسة بالدين يحلب أصحابها الثروات الطائلة من جيوب المسلمين الخانعين لهذا الفكر، جراء تلبسهم بطرق شرعية مبدعين في توظيف الآيات والأحاديث، ما يطمس عين الوعي، ويعلي الوهم وتفسيراته.
الطفل، واليافع، وحتى الكبير المسلم حينما يفشل في اختبار أو عمل أو مشروع أو زواج، لا يلبث أن يفسر عجزه بالعين، وخضوعه لعمل سحري، حسب ما ترسب في مخيال تربيته الشعبية من قصص، يرددها أهله ومجتمعه، ومشايخه، ما يجعله مرتعبا محبطا منكسرا، مستسلما في حياته لقوى مجهولة يتخيلها تتحكم بمصيره.
المنظمات الإسلامية، ودوائر البحوث والجامعات العلمية «غير الوهمية»، نجدها تقف أمام ذلك مكتوفة الأيدي، فهي ترى وتسمع ولكنها تخشى التدخل، عاجزة بأجيالها عن انتشال المسلمين من حياة جهل وخوف وريبة كئيبة لم تعد تواكب عصر العلوم والمعارف الإنسانية الحديثة، ما يؤجل هضمنا لمنتجات الوعي الحديث، وللأسف فتلك المراكز الدينية تعتبر جزءا أساسيا من معضلة العجز، كونها تتيه هي الأخرى، في محاولات الجمع بين العلم والتراث، ما ينفي قدرة أجيالنا القادمة على التشاف من تأثيرات الجهل.
shaheralnahari@
العقل المسلم فعلا في ورطة قديمة امتدت إلى عصر العلوم والمعارف والتقنية، التي مكنت البشرية من سبر عظمة مجاهل الكون، والنزول إلى أغوار الكائنات الدقيقة، ميكروبات وفيروسات وما دونها، وتأكيد تأثيراتها على حياة الإنسان، بطرق علمية مؤكدة.
نقل وترديد وتضخيم قصص علاقات البشرية بتلك الأمور الغيبية وملامستها، بتراث يمعن بتثبيتها في عقول المجتمعات وتوطينها، بأجواء تخويف، تصد وعي المسلم عن التعامل مع المنطق والواقع العلمي والمكتشفات الحديثة، وتكبح عقله عن مجاراة الأمم في العلوم والمعارف المؤكدة، وعلوم الأمراض والطبابة والاكتشافات الحديثة.
المسلم ما يزال يشكك في أسباب الأمراض، ما يدمر صحته ونفسيته، وعلاقاته حتى مع أقرب الناس إليه، حين يبرر المرض العضوي والنفسي بعين حارة، ونفاثات عقد، ومس جن يتلبس الجسد، ومخاوف من ظلمة وحيوانات وأمكنة مسكونة.
مفاهيم غيبية تعطل وتمنع طلب المعالجة السليمة الموثوقة من خلال المستشفيات، وعلوم الطب النفسي، وتنزع الثقة في أدوار التربية النفسية السليمة والحيطة من العدوى، والوعي بالأمراض العقلية والوراثية بطرق علمية.
المسلم غالبا يعيش حيرته مشتتا حين البحث عن العلاج، بحياة شك، واتقاء أشخاص من أقرب الناس إليه، قيل له أنهم حسدوه أو سحروه، فيبادر لطلب الرقية ولو بالسر، وتجرع السوائل المقروء عليها، وغسول الفناجين الملوثة، وتضخيم حكايات المجهول، وما يليها من تردد على شيوخ وسحرة، ومشعوذين، والكارثة أنها تدمج سرا مع علاجات المستشفيات، فتفسد المعالجة الطبية، وتسبب حالات تسمم، قاتلة.
أسواق الشعوذة زاهرة، ظاهرة وبعضها يتم في الخفاء، وملايين تدفع، لتنفيذ أوامر الرقاة والمعالجين والسحرة، ممن يلصقونها بالقرآن، وللعجب فكثير ممن يصدقونها ويتبعونها هم من علية القوم، ومن المتعلمين تحت اشتداد ضغوط الموروث ونصائح المجتمع، فيستسلمون بيأسهم لحلول أجهل من يعرفون، ويدفعون دماء قلوبهم، بحثا عن خلاص من شر الجن والسحر، والعين.
قنوات فضائية ومواقع تواصل كثيرة متلبسة بالدين يحلب أصحابها الثروات الطائلة من جيوب المسلمين الخانعين لهذا الفكر، جراء تلبسهم بطرق شرعية مبدعين في توظيف الآيات والأحاديث، ما يطمس عين الوعي، ويعلي الوهم وتفسيراته.
الطفل، واليافع، وحتى الكبير المسلم حينما يفشل في اختبار أو عمل أو مشروع أو زواج، لا يلبث أن يفسر عجزه بالعين، وخضوعه لعمل سحري، حسب ما ترسب في مخيال تربيته الشعبية من قصص، يرددها أهله ومجتمعه، ومشايخه، ما يجعله مرتعبا محبطا منكسرا، مستسلما في حياته لقوى مجهولة يتخيلها تتحكم بمصيره.
المنظمات الإسلامية، ودوائر البحوث والجامعات العلمية «غير الوهمية»، نجدها تقف أمام ذلك مكتوفة الأيدي، فهي ترى وتسمع ولكنها تخشى التدخل، عاجزة بأجيالها عن انتشال المسلمين من حياة جهل وخوف وريبة كئيبة لم تعد تواكب عصر العلوم والمعارف الإنسانية الحديثة، ما يؤجل هضمنا لمنتجات الوعي الحديث، وللأسف فتلك المراكز الدينية تعتبر جزءا أساسيا من معضلة العجز، كونها تتيه هي الأخرى، في محاولات الجمع بين العلم والتراث، ما ينفي قدرة أجيالنا القادمة على التشاف من تأثيرات الجهل.
shaheralnahari@