أحمد صالح حلبي

معاناتي بمدينة الملك عبدالله الطبية!

الاثنين - 02 أكتوبر 2023

Mon - 02 Oct 2023

يصعب على الإنسان أن يجعل حياته مليئة بالسعادة الدائمة، والابتسامة المشرقة، فلابد للحزن أن يحضر والدمعة أن تسقط، لأن الحياة جامعة بين خليط من الخير والشر، والفرح والحزن، والألم والأمل، وحينما يأتي الألم يبحث الإنسان عن الأمل.
وبين الألم والبحث عن الأمل، عشت أياما مؤلمة داخل مدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة، وتحديدا بقسم عزل الطوارئ، وقسم الباطنية، أبحث عن دواء يسكت الألم ويزرع الأمل، وبين انتظار طال، استيقظت على ابتسامات صادقة ويد حانية حملها الأطباء والطبيبات والهيئة التمريضية الذين استطاعوا بحسن تعاملهم نقلي من دائرة الاستسلام إلى دائرة القوة والتحدي، مؤكدين أن العلاقة بين الطبيب والمريض ليست علاقة فحص وعلاج، بل هي علاقة إنسانية ترتبط بالاهتمام والاحترام والثقة، وفقا لما أشارت إليه الدراسة التي نشرتها المجلة البريطانية للممارسة العامة (BJGP)، والتي "أجريت على مجموعة من المرضى في أربعة دول هي الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، والسويد، تراوحت فيها أعمار المرضى بين 18 و84 عاما، وخلصت نتائجها إلى أن العلاقة بين المريض والطبيب قائمة على أربعة عناصر رئيسة: الاهتمام، رعاية ودعم المريض، والاحترام والثقة"، لذلك ليس غريبا أن أجد وغيري من المرضى هذه العناية وهذا الاهتمام داخل مدينة الملك عبدالله الطبية من أطباء وطبيبات وهيئة تمريضية أفتخر بأنهم من أبناء المملكة وجلهم من خريجي جامعة أم القرى.
وأجمل درس منحني إياه هؤلاء الأطباء والطبيات هو القوة وعدم الاستسلام للهزة، مشيرين إلى أن الأسلاك الشائكة يمكن للإنسان تجاوزها متى ما ملك القوة والعزيمة، وإن النجاح الحقيقي له لا ينحصر في مؤهله التعليمي بل في احترامه للآخرين، وليس كل ما قال إنه متعلم فهو متعلم، وكما قال نجيب محفوظ "الشهادة ورقة تثبت أنك متعلم لكنها لا تثبت أبدا أنك تفهم"، وكما قيل "لا يمكن للشهادات العلمية أو غيرها أن تثبت حقيقة المرء أو أن تدل على أفضليته على غيره من دون الدراية التامة بالمواقف الشخصية والممارسات التي تصدر منه"، فالمتعلم الحقيقي هو من يحترم الآخرين ويمنحهم حقهم الأدبي، وإن كانت الفرحة بالمنصب تمكنه من الإساءة للآخرين، فعليه أن يتذكر بأن المنصب لا يدوم، وعليه أن يشكر من وقف معه في بداياته ويتذكر أفضاله عليه، والخائن الحقيقي هو من ينكر فضل الآخرين له، والأصيل يبقى أصيلا، ويبقى المخلصون مشاعل الطريق.
وفي الختام أقول لمنسوبي مدينة الملك عبدالله الطبية: إن القلم يعجز عن شكركم، والأحرف تتوه أمام حسن تعاملكم، وليس أمامي سوى ترديد قول الشاعر:
أبحرت في بحر الكلام لأقتفي
أحلى كليمات وأحلى الأحرف
لكنما الأمواج أردت قاربي
فتحطمت خجلا جميع مجادفي
لو أنني أنشدت ألف قصيدة
لوجدتها في حقكم لا لن تفي
سيروا إلى العلياء واقتادوا المنى
وامضوا إلى الإبداعِ دون توقف
وأهنئ نفسي لأني قد حظيت
بجمع أخوان كظل وارف
شكرا لكم يرعاكم رب السماء
كونوا كجسم واحد متكاتف