عمر العمري

أيام المهن وخدعة التوظيف

الاحد - 01 أكتوبر 2023

Sun - 01 Oct 2023

لا يجوز اللعب على طموح وآمال ومستقبل الشباب من خلال الدعوة إلى أيام المهن والمعارض المصاحبة لها وأن هناك مئات أو الآلاف من الفرص الوظيفية المتاحة وأن الموضوع سهل وميسر وكأن هذه الوظائف ملقاة على قارعة الطريق في انتظار من يلتقطها فقط، المطلوب أن تأتي للمعرض المصاحب لهذه الأيام، ليبدأ من هنا مسلسل «الأمل المفقود» لطالبي العمل (والباحث عن وظيفة) في عملية التسليف والاستدانة من القريب والبعيد ليأتي من الشمال أو الجنوب ويتكبد عناء السفر وتكاليفه الباهظة من مواصلات وسكن وغيرها للحضور في الوقت المحدد، وبعد هذا العناء والزحام الشديد والطوابير الطويلة تأتي الصدمة «نعتذر منكم» هذه الوظائف وفق معايير علمية معينة وخبرات محددة ومهارات مطلوبة وتخصصاتكم لا ينطبق عليها ذلك، ويمكنكم تعبئة نموذج التوظيف من خلال موقع الشركة أو المنشأة على الإنترنت (سامح الله هذه الجامعات التي مازالت تخرج أعدادا كبيرة في تخصصات نظرية وأخرى غير مطلوبة في سوق العمل أو الوظائف الحالية)، ما العمل الآن؟!، ومن يتحمل خسائر هذا الشاب أو الفتاة المادية التي تكبدها (ومن المسؤول؟) ومن يجبر كسرة قلبهم؟

لا يجوز استغلال حاجات هؤلاء الشباب من أجل الحصول على مداخيل مادية من الرعاة المشاركين في أيام المهن أو أسبوع المهنة والمعرض المصاحب لها وكأن هذا الهدف الأساسي من إقامته، والغريب تهافت الشركات والقطاع الخاص للمشاركة والرعاية من أجل عرض منتجاتهم، والتسويق لعلاماتهم التجارية، وعرض بعض البيانات والمؤشرات التي توضح أن نسب السعودة لديهم متحققة، هل هذا هو الهدف الحقيقي من أيام المهن؟ وهل هناك نية جادة لتوظيف الشباب؟
طبعا يأتي على الهامش إقامته لعدد يسير من الدورات وورش العمل في مجالات الإرشاد المهني وبعضها «عن بعد» وغيرها، وهذه يمكن أن تقام في أيام المهن وغيرها ومتاحة طوال العام وليست حجة مقنعة، أو كما يقولون محاولة لتقريب وجهات النظر وتضيق الفجوة بين مخرجات الجامعات وأرباب سوق العمل، وهذا لم يتحقق طيلة كل هذه السنوات مع إقامة أيام المهن.

أعتقد أن الموضوع يحتاج إلى لفتة وتنظيم وإعادة نظر في إقامة مثل هذه المتلقيات المهنية أو التوظيفية التي أصبحت تهدف إلى محاولة اللف والدوران على فجوة مخرجات الجامعات ومحاولة إقناع المجتمع بأنه لا توجد هناك مشكلة الحقيقية مع التخصصات الجامعية الحالية ومع ما يتطلبه سوق العمل من تخصصات ومهارات وقدرات.

من الواجب البحث عن أفضل الطرق والأساليب الناجعة في كيفية الاستفادة من هذه المداخيل المادية وكفاءة إنفاقها بما يعود بالنفع على طالبي العمل (والباحث عن وظيفة) من شبابنا وفتياتنا وخفض نسب البطالة وزيادة نسب التوظيف كمؤشرات وطنية تهم الجميع ويحقق تطلعات القيادة حفظها الله، وأقترح بدلا من أيام المهن أن يتم إقامة معسكرات تدريبية جادة وحقيقية تأهل كوادرنا الوطنية في مجالات ووظائف سوق العمل الحالية والمطلوبة، وهي طريقة رائعة لتعلم مهارات جديدة بسرعة وفعالية، فهي توفر بيئة تعليمية مكثفة وتفاعلية يمكن أن تساعد المشاركين على اكتساب المهارات اللازمة للنجاح في سوق العمل.

كالمعسكرات التدريبية التي تتم حاليا في الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني وتطبيقاته، والبرمجة وأمن المعلومات وغيرها، ليشمل باقي التخصصات والمجلات المطلوبة في سوق العمل، وتساعد على بناء شبكة علاقات مع المهنيين في هذه المجالات وتكون تدريبية تطويرية حتى مرحلة الإتقان وحصولهم على شهادات احترافية تؤهلهم لفرص وظيفية جيدة وذات رواتب مجزية.

3OMRAL3MRI@