أغصان الزيتون تعيد الوئام لتركيا واليونان

كارولين روز: شهران من الاجتماعات المتواصلة لتلطيف الأجواء
كارولين روز: شهران من الاجتماعات المتواصلة لتلطيف الأجواء

الأحد - 01 أكتوبر 2023

Sun - 01 Oct 2023

«لم تعد تركيا في حاجة لمزيد من الأزمات والمشاكل.. يكفيها ما تعانيه من ارتفاع متتال للعملة المحلية وتحديات اقتصادية صعبة».. بهذا المنطق البرجماتي الذي رسمه الرئيس رجب طيب إردوغان في فترة ولايته الجديدة، أعادت أنقرة هيكلة علاقتها مع العالم، وتحولت اليونان عدوة الأمس إلى صديق اليوم.

جاءت الأيام الماضية التي رافقت اجتماعات الدورة رقم 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة حافلة باتفاقات السلام لتركيا، إذ التقى الرئيس إردوغان مع مسؤولين من إسرائيل، التي كانت على خلاف مع تركيا لأكثر من عقد من الزمان، بهدف استكشاف آفاق مشروعات الطاقة المشتركة، والتطبيع المحتمل، لكن الاجتماع الأبرز على الإطلاق، حسب كارولين روز، كبيرة الباحثين في معهد نيولاينز للدراسات السياسية، كان بين إردوغان وكيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء اليونان، التي تعد أكبر منافس لتركيا في منطقة البحر المتوسط.

أغصان الزيتون
أشارت الباحثة في تحليلها بموقع «جيوبوليتيكال فيوتشرز» إلى أنه بعد اجتماع الأسبوع الماضي في نيويورك، أعلن الجانبان عن خطط لسلسلة من المفاوضات رفيعة المستوى خلال فصل الشتاء، من خلال استخدام أغصان الزيتون تعبيرا عن عهد جديد من السلام.

ومنذ منتصف أكتوبر، وحتى قمة رفيعة المستوى أقيمت في مدينة سالونيك اليونانية في 7 ديسمبر، سيجتمع المسؤولون اليونانيون والأتراك عدة مرات، بحثا عن أرضية مشتركة، وتدابير بغية بِناء الثقة بين الطرفين.

ورغم أن الاعتبارات السياسية المحلية والكوارث الطبيعية الجديدة فتحت الباب على مصراعيه أمام المناقشات، فإنه لا تزال هناك خلافات سياسية وإقليمية وأمنية كثيرة تعترض طريق التعاون الهادف بين البلدين، حسب كارولين روز.

صفحات الماضي
ولفتت الباحثة إلى أن مفاوضات العام الماضي كانت أول محاولة بين تركيا واليونان منذ 5 سنوات لطي صفحة التنافس القائم بينهما منذ فترة طويلة، حيث كانت العلاقات بين البلدين تزداد سوءا منذ سنوات بسبب خلافات الحقوق الإقليمية في البحر المتوسط، وعسكرة اليونان لجزر بحر إيجه، ووضع قبرص والهجرة.

وألغى إردوغان فجأة المفاوضات في مايو 2020 بعد أن اتهمت تركيا الطائرات اليونانية بانتهاك مجالها الجوي، وبعد أن أمضى ميتسوتاكيس القسم الأكبر من زيارته إلى واشنطن في محاولة لإقناع الكونجرس الأمريكي بعدم الموافقة على بيع طائرات F-16 إلى تركيا.

وتبدلت الظروف في الأشهر الفاصلة، بداية، ضمن كل من ميتسوتاكيس وإردوغان إعادة انتخابهما في وقت سابق من العام الجاري، ما عزز شرعيتهما السياسية، وقوض الحوافز السياسية الداعية لانتقاد أحدهما للآخر.

كوارث مشتركة
وعانى كلا البلدين من كوارث طبيعية جسيمة، ففي فبراير الماضي، ضرب زلزال بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر تركيا، ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف نسمة، وتسبب بأضرار بلغت قيمتها 84 مليار دولار.

وفي الوقت عينه، عانت اليونان من حرائق غابات تاريخية أعقبتها فيضانات كاسحة، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تقديم تمويل طارئ لها بملياري دولار.

وأفضت التجارب الطبيعية الكارثية التي عاشها البلدان إلى نقاش حول التعاون المشترك للحيلولة دون الأحداث المستقبلية والاستجابة لها.

وثمة تغيير آخر تمثل في أن حكومة إردوغان الجديدة كانت أكثر تساهلا في تعاملاتها مع البلدان الأخرى.

تدهور الأوضاع
وفتحت وطأة تدهور الأوضاع الاقتصادية والأزمة المالية المحتملة، تسعى أنقرة إلى تنويع اقتصادها واغتنام فرص المشروعات المشتركة، حتى لو كان ذلك يعني تلطيف الأجواء مع الخصوم القدامى.

وأشارت الباحثة إلى تودد تركيا لمنافسين سابقين بشأن موضوعات تضم ممرات الطاقة المشتركة والاستثمار المباشر، وقالت كارولين روز إن «التقارب مع إسرائيل ملح بشكل خاص؛ لأن تركيا تود إنشاء ممر للطاقة من حقل غاز ليفياثان البحري الإسرائيلي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا».

وأضافت «سيساعد هذا المشروع تركيا على الحد من اعتمادها على واردات الغاز الطبيعي، ودعم طموحاتها الرامية إلى أن تصبح مركزا للغاز الطبيعي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، غير أنه يعول من جملة أمور أخرى على موافقة قبرص واليونان».

مواجهة الكوارث
ورغم الزخم الإيجابي الجديد، ترى الباحثة أن التنافس بين تركيا واليونان أعمق من مشاكلهما مع دول مثل إسرائيل وسوريا، ومثال على ذلك خط أنابيب الغاز التركي الإسرائيلي المقترح.

فرغم كل المؤشرات الصادرة من أنقرة التي تشي بتخفيف حدة التوترات بينها وبين أثينا، فهي لم تعدل عن موقفها بشأن القضايا المحددة بينهما، أي عدم وجود تسوية سياسية في جزيرة قبرص المُقسَّمَة بين القبارصة اليونانيين والأتراك.

وتقول كارولين روز «قد تحرز تركيا واليونان تقدما خلال الشتاء في قضايا مثل الوقاية من الكوارث والاستجابة لها، ولكن بعيدا عن هذه الموضوعات ذات المخاطر المتدنية نسبيا، سيكون الحظ حليفهما لو استطاعتا حتى الاتفاق على جدول أعمال محدد، ولكن احتمالات إبرام اتفاقيات جوهرية بشأن القضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية العالقة لا تزال ضعيفة».

لماذا توترت الأجواء بين تركيا واليونان؟
  • التنافس على مصادر الطاقة في البحر المتوسط.
  • قضايا المياه الإقليمية المعقدة التي كانت تتسبب في اندلاع الحرب.
  • مشاكل الحدود بين الدولتين.
  • المناطق الاقتصادية الخاصة المتفق عليها بين تركيا وليبيا.
  • الاتفاقات الموقعة بين قبرص ولبنان ومصر وإسرائيل.
  • عمليات المسح التي تقوم بها تركيا في المتوسط.