نبيل عبدالحفيظ الحكمي

الاستثمار الجريء والصناعات الدوائية المبتكرة في السعودية

الخميس - 28 سبتمبر 2023

Thu - 28 Sep 2023


عزيزي القارئ لنستكشف كيف يؤثر الاستثمار الجريء (Venture Capital) على تطوير وتوطين الصناعات الدوائية والتقنية الحيوية في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك التحديات والفرص وعوامل النجاح.

التشريعات الصارمة للصناعات الدوائية والتقنية الحيوية من قبل الجهات الرقابية المسؤولة عن هذا القطاع قد تكون تحديا لبعض الشركات الدوائية الناشئة المدعومة من صناديق الاستثمار الجريء.

وذلك بسبب التكلفة المالية الضخمة المتعلقة بمتطلبات الجودة والسلامة، حيث يتم تنظيم الصناعات الدوائية على الصعيدين العالمي والمحلي، بما في ذلك في السعودية من خلال الجهات الرقابية المسؤولة حيث تفرض الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودي (SFDA) متطلبات صارمة لهذا القطاع وذلك لضمان الجودة وسلامة المنتجات، حيث أحرزت الهيئة تقدما كبيرا ومتميزا في فرض التشريعات واللوائح المنظمة لهذا القطاع.

وأيضا لزيادة فرص جذب التمويل من صناديق الاستثمار الجريء، من المهم مواكبة تنفيذ قوانين حقوق الملكية الفكرية في المملكة العربية السعودية ومنها منح حماية براءات الاختراع للأدوية المبتكرة. وتتميز المملكة بدعم كل من الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودي والهيئة السعودية للملكية الفكرية، حيث بالفعل تم قطع شوط كبير في تطوير هذا المجال.

فيما يخص شركات الأدوية في السعودية، يمكن أن يكون دخولها في الأسواق العالمية تحديا.

ولكي تستطيع المنافسة بفاعلية، يجب أن يتم التركيز على ابتكار وتطوير منتجات جديدة ومتميزة علاوة على التصنيع والتصدير للأدوية غير المبتكرة فقط. للازدهار في الأسواق العالمية، يجب على شركات الأدوية السعودية الاستثمار في البحث والابتكار، ومراقبة الجودة، والامتثال للتنظيمات والتشريعات.

عزيزي القارئ لا يخفى عليك أن هناك فرصا عديدة متاحة لشركات الأدوية الوطنية في المملكة العربية السعودية، نظرا لاهتمام قيادتنا الرشيدة بتطوير الرعاية الصحية، حيث قامت الحكومة بالاستثمار بشكل كبير في البنية التحتية للرعاية الصحية والخدمات الطبية، مما أدى إلى نمو مستمر في السوق المحلي لمنتجات الطبية والأدوية.

الدعم المستمر والتعاون من الحكومة السعودية أمران أساسيان لتطوير وتوطين الصناعات الدوائية. من مبادرات رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في هذا المجال برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP) تلعب دورا حاسما في خلق بيئة ملائمة لتطوير الصناعات الدوائية المبتكرة.

توفر الموقع الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية في تقاطع كل من قارة آسيا وأوروبا وإفريقيا فرصة مثالية لشركات الأدوية الوطنية للاستفادة من هذا الموقع كمركز توزيع لمنتجاتها عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما وراءها.

باستخدام تمويل صناديق الاستثمار الجريء، يمكن لهذه الشركات الاستفادة من هذه الميزة الجغرافية لتوسيع نطاق سوقها على الصعيدين الوطني والعالمي.

أيضا التعاون بين الشركات الناشئة في مجال الصناعات الدوائية التي تدعمها صناديق الاستثمار الجريء والمؤسسات التعليمية يمكن أن يسهم بشكل إيجابي في تطوير هذا القطاع. من خلال التعاون مع الجامعات والمراكز البحثية، يمكن لهذه الشركات الناشئة إنشاء برامج ومناهج في الصناعات الدوائية والتقنية الحيوية متخصصة وذلك من خلال المساهمة في تجهيز جيل قادم من العلماء والمتخصصين في مجال الصناعات الدوائية المبتكرة بالمهارات والخبرة المطلوبة. بناء بيئة قوية للرعاية الصحية تشمل الأكاديميين ومؤسسات البحث وخبراء الصناعة وشركات رأس المال الجريء أمر بالغ الأهمية، هذا البيئة التعاونية تشجع على الابتكار وتسرع عملية تطوير المنتجات الدوائية.

علاوة على ذلك، أصبح استخدام التقنية العميقة وتحديد الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الكبيرة، في البحث والتطوير الدوائي شائعا بشكل متزايد.

تتمتع صناديق الاستثمار الجريء بالقدرة على مساعدة الشركات الناشئة في اعتماد هذه التقنيات الابتكارية لتحسين اكتشاف الأدوية وتصميم التجارب السريرية والأساليب المخصصة للعلاج.

في الختام، لدي إيمان كبير جدا أن المملكة العربية السعودية لديها إمكانات كبيرة وضخمة لكي تصبح مركزا عالميا للصناعات الدوائية والتقنية الحيوية المزدهرة بمساعدة ودعم صناديق الاستثمار الجريء، على الرغم من التحديات الكبيرة؛ لدينا جميع الممكنات لتكون المملكة قائدة للابتكار وللصناعات الدوائية على الصعيدين الإقليمي والعالمي. لتحقيق هذا الهدف، من الضروري إقامة شراكة استراتيجية بين صناديق الاستثمار الجريء والشركات الناشئة المبتكرة والمؤسسات التعليمية والجهات الحكومية وسوف يؤدي إلى تحقيق نتائج صحية أفضل ونمو اقتصادي للوطن.



nabilalhakamy@