أحمد بني قيس

«الغسيل الرياضي».. تهمة جديدة

الأربعاء - 27 سبتمبر 2023

Wed - 27 Sep 2023


مما أصبح معلوما بالضرورة أن التغيرات التي تعيشها السعودية على مختلف الصعد، ومن بينها الصعيد الرياضي المتعلق تحديدا بكرة القدم، أصبحت حديث العالم ووسائل إعلامه، والسبب الجوهري وراء ذلك يكمن في انتهاج القيادة الرياضية السعودية بدعم مباشر من لدن قيادتها السياسية لمنهج رياضي سعودي جديد عنوانه الرئيس استقطاب لاعبين عالميين في مجال كرة القدم ليلتحقوا بأنديتها المحلية.

أسفر هذا الاستقطاب عن حدوث ضجة كروية غير مسبوقة في الأوساط الرياضية الأوروبية تحديدا، إلا أن المؤسف حدوث موجة منتقدة أخرى عربية صاحبت هذه الموجة الأوروبية والجامع الوحيد بين الموجتين كان الوصول لغاية محددة هدفها فقط الانتقاص من السياسة الرياضية السعودية والتهجم عليها، وهو ما جعل أصحاب هذا الانتقاص يوجهون العديد من التجاوزات والتهم بحقنا، ولعل أبرزها التثريب على الدور المالي الذي بفضله تم استقطاب هؤلاء اللاعبين ووصفه بأنه مجرد «غسيل رياضي» الهدف منه فقط تحسين الصورة السعودية وتلميعها لا أكثر، وكأن هذا الأمر أمرا معيبا في حد ذاته ولم يسبق لأي دولة أو تجمع أن قام به، والرد العقلاني على مثل هذه التهمة هو أين العيب في سعي أي بلد لتحسين صورته وسمعته بسبل مشروعة وقانونية مهما كلفه ذلك خاصة بلد كالسعودية تعرض للكثير من التجني والإجحاف بسبب نوازل حدثت وتم إلصاقها به كذبا وزورا؟.

المراقب لهذا الاتهامات يلاحظ بأنها تتنوع بتنوع أصحابها ففي الحال العربي مثلا يقال في أوساطه بأن هذا السعي الرياضي السعودي ليس سوى هدر مالي غير مدروس ولن تستفيد السعودية منه بل إن بعض العرب الذين ندافع عن قضاياهم ونبذل الجهد والمال في سبيل نصرتهم حولوا منابر الجمعة من منابر يفترض بأن يكون دورها الوضع والإرشاد والدفاع عن قضاياهم إلى هجوم علينا وتطاول هدفه فقط النيل منا ومما ننعم به من أمن وأمان وسعة في الرزق ورغد في العيش.

أما على الصعيد الأوروبي فيزعم الأوروبيون بأن هذه السياسة تشكل خطرا على الرياضة وتتلاعب بمصيرها إلا أن هذا التحذير في حقيقته لا يتعدى كونه تعبيرا صريحا عن الرغبة الأوروبية الشديدة في الحيلولة دون تمتع السعودية بما كانوا وحدهم يتمتعون به من مغانم جلبتها لهم ممارسة رياضة كرة القدم ومختلف مناشطها وهذا ما يدفعهم لبذل جهد كبير في محاولة إحباط هذه السياسة والسعي لإفشالها.

وما يغفل عنه الكثير أن الرياضة أصبحت استثمار أكثر من كونها مجرد لعبة يمارسها هواة، وهذا ما يؤكده واقع كرة القدم عالميا الذي تلعب فيه شعبيتها الجارفة دورا مؤثرا يجعل التمكن من إنجاح أي استثمار فيها شبه مؤكد وهو ما يجعل عدم النظر إليها من هذه الزاوية دليل على قصور في الرؤية وعدم قدرة على قراءة المستقبل بشكل جيد الأمر الذي يجعل صاحبه يفرط في فرصة الاستفادة من العوائد الضخمة التي يحفل بها الاستثمار في هذا القطاع.

وعودة إلى تهمة «الغسيل الرياضي» التي وجدنا أحد مذيعي قناة فوكس نيوز الأمريكية يثيرها أثناء لقاء تلفزيوني أجراه مع سمو الأمير محمد بن سلمان طالبا تعليق سموه عليها فقال سمو ولي العهد بلغة في غاية الوضوح أطلقوا على هذه السياسة ما شئتم من الأوصاف والنعوت فالمهم عندنا قيادة وشعب هو مدى الاستفادة التي سنحققها من أي خطوة نقدم عليها وليس الالتفات لما يقوله هذا الطرف أو ذاك عنها وأكد سموه في معرض رده على هذه التهمة بأن جميع المؤشرات تظهر نجاح هذه السياسة الرياضية وهو ما يؤكد صواب اللجوء لها.

ومن أكبر الدلائل على هذا النجاح الذي يدحض كافة التهم سالفة الذكر هو الحراك الرياضي المحلي الذي منح الدوري السعودي سمعة ومكانة عالمية جعلته من أكثر الدوريات إثارة ومتابعه ليس فقط محليا وإنما حتى إقليميا بل ودوليا إضافة إلى ارتفاع مؤشر الناتج المحلي منذ بدء تطبيق هذه النهج الرياضي في دلالة على أن الوصول لهذا القرار كان وصولا أثبتت مجرياته مدى حكمة وسعة أفق القيادة السياسية السعودية الداعمة لهذا النهج والمشرفة عليه.

ختاما، إن الرياضة أثبتت بأنها سلاح ناعم في غاية القوة وذات تأثير بالغ ينبغي استغلاله وتوظيفه على أكمل وجه وهذا ما تنبهت له القيادة السعودية وجعلها تتبع مثل هذه السياسة الرياضية التي يشهد الواقع الرياضي السعودي بأنها أحدثت تطور ملحوظ فيه وفي عدد المتابعين له عالميا كما أسلفت ما يدل وبوضوح تام على أن الاهتمام بالشأن الرياضي قادر على تحقيق أهداف عدة من بينها جني عوائد معتبرة توفر مصدر دخل إضافي للدولة حاله في ذلك حال بقية المصادر التي توليها القيادة السعودية عناية بالغة مؤكدة بذلك على أن نهج تنويع مصادر الدخل الكامنة لديها وحسن استغلالها يتصدر أولوياتها.




ahmedbanigais@