حسن علي القحطاني

السلام السعودي

الثلاثاء - 26 سبتمبر 2023

Tue - 26 Sep 2023


معاهدة أو صلح أو هدنة كلها مصطلحات لحالات الحرب والسلم منذ مئات العقود، أما ما عرف بمصطلح التطبيع (Normalization) ويعني علاقات في مستوها الطبيعي بعد خلافات أو حروب، هذا المفهوم لم يولد إلا بعد عام 1993 بعد اتفاقية السلام بين فلسطين وإسرائيل المعروفة باتفاقية (أوسلو)، ومعاهدة وادي عربة 1994 مع المملكة الأردنية الهاشمية، رغم أن مصر وقعت معاهدة (كامب ديفد) في 1978، وكانت لبنان أول الدول العربية التي تعلن رغبتها في معاهدة هدنة مع إسرائيل في عام 1949، فلم تشارك في حرب 1967 ولا حرب أكتوبر 1973 بأي شكل من الأشكال، وتوصلت فعليا مع إسرائيل لاتفاقية 17 أيار (مايو) 1983، لكن ألغتها لبنان بعد استيلاء الميليشيات الدرزية والشيعية على السلطة في أوائل عام 1984، ثم عادت ورسمت الحدود البحرية معها في 2022، والحدود البرية ستعلن قريبا.

المهم أن مصطلح تطبيع العلاقات شاع استعماله بكثرة بعد إطلاق الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- مبادرة السلام العربية في قمة بيروت عام 2002، ومن الطبيعي أن السلام يكون خيارا استراتيجيا للدول العربية لا سيما مع استمرار خلافات البيت الفلسطيني وتعدد انتماءاته وتنوع مصالح أفراده، واعترافه بدولة إسرائيل بل والتعامل معها سياسيا وأمنيا واجتماعيا، ومن هنا بدأت تزيد سلسلة معاهدات السلام، فبعد مصر ولبنان وفلسطين والأردن التحقت الإمارات العربية المتحدة والمغرب والسودان والبحرين وشاهدنا إعلان اليهود عن محادثات في ليبيا، لكن يبقى لهث إسرائيل للتقارب مع السعودية مختلفا، فلا يكل ولا يمل إعلامهم ولا إعلام أسيادهم في الغرب ولا خدمهم في الشرق من التحليل والتعليل لردات الفعل السعودي، فعلى الصعيد الرسمي تم غلق الملف الإيراني بشكل احترافي وأغلقت معه الحاجة لتحالف أمني مع إسرائيل وغيرها، وتم طرد الإسرائيليين وشطب أسماء قبل ثلاثة أشهر تقريبا من مؤتمر باريس الذي عقد لدعم استضافة السعودية لمعرض أكسبو 2030 برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما منعوا من دخول مؤتمر التراث العالمي في العلا قبل حوالي شهر.

مع ذلك لا يزال التبجيل منطقهم الرسمي، ولأن اليهود معرفون منذ القدم بالدهاء والخبث وإتقان الرقص تحت أصابع العازفين، وجدناهم ساعة يطلقون مطاياهم وبغالهم (أعزكم الله) من مشردي الخارج أو ذيولهم من مذيعي بعض القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي ليقذفوا السعودية والسعوديين بأبشع جمل التخوين وكأنهم لا يعيشون في دول كلها داعمة لإسرائيل أو مطبعة معها، وساعة نجدهم يشيطنون النظام السعودي والمجتمع من خلال وكلائهم وعملائهم في ما يسمى المنظمات الحقوقية لتخرج تقارير تضلل الرأي العام العالمي، أو من خلال تسلل جبان إلى مناطق الحرم المكي أو المدني لبعض مزدوجي الجنسية ثم نشر محتوى لا يسمن ولا يغني، وكل ما سبق وغيره من باب الضغط للتفاوض حول شروط السعودية الأربعة التي تتناقلها وسائل إعلامهم، والتي تحتاج لمقال مستقل.

أخيرا، من يستضيف الإسرائيليين في بيته أو يزاحمهم في الشوارع والأسواق والفنادق ويقتات على غسيل ملابسهم القذر ليس جديرا بأن يدعي شرف الخصومة معنا ولا هو أهل للتنظير في قضية هو أحد سلعها الرخيصة.

السعودية تسعى للسلام العادل والشامل الذي يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ولن يتم إلا وفق الشروط السعودية وفي الوقت الذي تراه قيادتنا مناسبا ومستوفيا كل ضمانات الالتزام والاستمرارية، وفتح ملف الصلح مع إسرائيل أو إغلاقة من مهام حكامنا حفظهم الله فهم محل ثقتنا المطلقة وهم الأقدر على تحديد مصالح البلاد والعباد ولهم منا السمع والطاعة كما عاهدناهم وعاهدهم آباؤنا وأجدادنا.



hq22222@