وثائق تفضح كوارث الفساد في ليبيا
وول ستريت: إهمال وفساد يستشري في جميع المناطق منذ عهد القذافي
وول ستريت: إهمال وفساد يستشري في جميع المناطق منذ عهد القذافي
الاثنين - 25 سبتمبر 2023
Mon - 25 Sep 2023
فضحت وثائق جديدة كوارث الإهمال والفساد في ليبيا المنقسمة بين حكومتين على مدار السنوات الماضية، وأرجعت النكبة التي تعرضت لها مدينة درنة وراح ضحيتها نحو 22 ألف قتيل وفقيد إلى الفساد الإداري.
وخلص تحقيق لصحيفة «وول ستريت» إلى أن سوء الإدارة والفساد، أهم العوامل التي فاقمت كارثة فيضانات درنة في ليبيا، واستندت على «وثائق رسمية»، بما في ذلك تقارير من ديوان المحاسبة التابع لحكومة عبدالحميد الدبيبة، في الغرب الليبي، المعترف بها دوليا، ومقابلات مع مسؤولين ليبيين، ومقاولين أجانب، تم تعيينهم لإصلاح المشاكل الهيكلة في السدين اللذين دمرا.
وتسببت الكارثة بمقتل ما يزيد على 11 ألف شخص، إضافة إلى 10 آلاف مفقود، رغم أن الحكومة التي تتخذ من شرق البلاد مقرا لها قالت إن الفيضانات أوقعت 3845 قتيلا، بعد أن أدى انهيار سدين مبنيين منذ السبعينات، إلى التسبب في فيضانات كارثية جرفت كل شيء في طريقها في مدينة لا يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة، فقدت نحو ربعهم خلال الفيضانات، ورحل عنها جزء كبير بحثا عن الأمان.
موجة غضب
قالت الصحيفة الأمريكية إن الخسارة الفادحة في الأرواح جراء تلك الفيضانات، هي أحدث مثال على كيفية تأجيج الفساد والإهمال لموجة الغضب على الحكومات المتتالية في ليبيا، كما أنها تثير تساؤلات حول كيفية قدرة البنية التحتية في المنطقة على تحمل الأحداث المناخية المتطرفة، مثل إعصار «دانيال».
وأكد النائب العام الليبي أنه فتح تحقيقا في انهيار سدين، تسببا في سيل مدمر في مدينة درنة الساحلية، بينما تبحث فرق الإنقاذ عن الجثث، بعد نحو أسبوع من مقتل أكثر من 11 ألف شخص في العاصفة.
نهر الفوضى
وتغرق ليبيا في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرا لها، ويرأسها عبدالحميد الدبيبة، وتعترف بها الأمم المتحدة.
أما الحكومة الأخرى فهي في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حماد، وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر.
وقال مدير معهد الصادق للأبحاث، الذي يتخذ من طرابلس مقر له، أنس القماطي، «إن الإهمال كان المقدمة للكارثة برمتها»، وأضاف «الليبيون سئموا، إنهم يريدون أن يروا عملية شفافة تخضع الأفراد للمساءلة فعليا».
خطط القذافي
وكان السدان الليبيان على طول وادي درنة جزءا من خطط الرئيس الليبي الراحل القذافي، لتوسيع نطاق الاقتصاد الليبي بعد سنوات من وصوله إلى السلطة.
وبني السدان عام 1978 عن طريق شركة تابعة ليوغسلافيا، الدولة الأوروبية السابقة في غرب البلقان، والتي تفككت لمجموعة دول حاليا، فيما فرت 3 شركات من البلاد لأسباب مختلفة قبل سقوط نظام القذافي.
وفي 2003 بعد رفع العقوبات الدولية على ليبيا، ذكرت شركة سويسرية جاءت لمعاينة السدين في درنة، أن الهياكل فيهما تواجه ضغطا، وأوصت بضرورة ترميمها وبناء سد ثالث لتخفيف الضغط عليهما.
ضرب وتعنيف
وبحسب «وول ستريت»، فإن تلك الشركة هي «ستوكي»، التي يديرها المهندس السويسري المقيم في لوزان ميغيل ستوكي، وكان يقدم المشورة لحكومة القذافي حتى 2008، والذي نجا بأعجوبة من الاعتقال في ليبيا، بعدما اعتقل هانيبال نجل القذافي في جنيف بتهمة ضرب وتعنيف خادمين لديه، وفق الصحيفة.
واعترضت ليبيا على احتجاز نجل القذافي في سويسرا، فيما تم القبض على شريك ستوكي ومصادرة أعماله التجارية المتعلقة بالإسمنت في طرابلس، ولم ترد «غرونر»، وهي شركة الخدمات الهندسية السويسرية التي اشترت أعمال شركة ستوكي في 2013، على طلب الصحيفة الأمريكية بالتعليق.
سرقة المعدات
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الحكومة الليبية كانت بطيئة في تنفيذ مقترحات ستوكي بإصلاح السدين، وقبل سقوط القذافي بفترة بسيطة، تم استدعاء شركة إيطالية لتقديم تقييم آخر، وخلصت مرة أخرى إلى أن السدين بحاجة إلى تعزيز.
وبدأت شركة تركية بالعمل أخيرا على المشروع عام 2011، لكن الاحتجاجات التي جرت في العام نفسه وأطاحت بالقذافي، جعلت العمل في ترميم السدين يتوقف بسبب انعدام الأمن. ودمر مثيرو شغب موقع العمل في سد درنة، بحسب الصحيفة، وسرقوا معدات الشركة، مما أجبر الموظفين على الفرار.
هربوا بجلدهم
وقال المشرف على شركة الاستشارات الإيطالية مروان البارودي «كان على مهندسينا أن يهربوا بجلدهم للنجاة بحياتهم»، وأضاف أنه عاد للبلاد بعد سقوط نظام القذافي لتدريب المسؤولين الليبيين على استئناف العمل في إصلاح السدين، وقال: للأسف، لم يستتب الأمن أبدا.
وفي وقت لاحق استولى متطرفون على درنة عام 2014 بعد أن بايعوا تنظيم داعش الإرهابي، الذي سيطر خلال ذلك الوقت على أجزاء واسعة من العراق وسوريا.
طرد الدواعش
وبعد 4 سنوات حوصرت المدينة ثم سيطر عليها الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر لطرد الارهابيين والدواعش.
وبحلول ذلك الوقت كانت السدود بعيدة عن متناول الحكومة المركزية في طرابلس، والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
وقال ديوان المحاسبة التابع لحكومة الدبيبة، إن حصار حفتر للمنشآت النفطية حرم الحكومة أيضا من الأموال اللازمة للإصلاحات.
التسلسل الزمني لانهيار سدي درنة:
وخلص تحقيق لصحيفة «وول ستريت» إلى أن سوء الإدارة والفساد، أهم العوامل التي فاقمت كارثة فيضانات درنة في ليبيا، واستندت على «وثائق رسمية»، بما في ذلك تقارير من ديوان المحاسبة التابع لحكومة عبدالحميد الدبيبة، في الغرب الليبي، المعترف بها دوليا، ومقابلات مع مسؤولين ليبيين، ومقاولين أجانب، تم تعيينهم لإصلاح المشاكل الهيكلة في السدين اللذين دمرا.
وتسببت الكارثة بمقتل ما يزيد على 11 ألف شخص، إضافة إلى 10 آلاف مفقود، رغم أن الحكومة التي تتخذ من شرق البلاد مقرا لها قالت إن الفيضانات أوقعت 3845 قتيلا، بعد أن أدى انهيار سدين مبنيين منذ السبعينات، إلى التسبب في فيضانات كارثية جرفت كل شيء في طريقها في مدينة لا يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة، فقدت نحو ربعهم خلال الفيضانات، ورحل عنها جزء كبير بحثا عن الأمان.
موجة غضب
قالت الصحيفة الأمريكية إن الخسارة الفادحة في الأرواح جراء تلك الفيضانات، هي أحدث مثال على كيفية تأجيج الفساد والإهمال لموجة الغضب على الحكومات المتتالية في ليبيا، كما أنها تثير تساؤلات حول كيفية قدرة البنية التحتية في المنطقة على تحمل الأحداث المناخية المتطرفة، مثل إعصار «دانيال».
وأكد النائب العام الليبي أنه فتح تحقيقا في انهيار سدين، تسببا في سيل مدمر في مدينة درنة الساحلية، بينما تبحث فرق الإنقاذ عن الجثث، بعد نحو أسبوع من مقتل أكثر من 11 ألف شخص في العاصفة.
نهر الفوضى
وتغرق ليبيا في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرا لها، ويرأسها عبدالحميد الدبيبة، وتعترف بها الأمم المتحدة.
أما الحكومة الأخرى فهي في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حماد، وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر.
وقال مدير معهد الصادق للأبحاث، الذي يتخذ من طرابلس مقر له، أنس القماطي، «إن الإهمال كان المقدمة للكارثة برمتها»، وأضاف «الليبيون سئموا، إنهم يريدون أن يروا عملية شفافة تخضع الأفراد للمساءلة فعليا».
خطط القذافي
وكان السدان الليبيان على طول وادي درنة جزءا من خطط الرئيس الليبي الراحل القذافي، لتوسيع نطاق الاقتصاد الليبي بعد سنوات من وصوله إلى السلطة.
وبني السدان عام 1978 عن طريق شركة تابعة ليوغسلافيا، الدولة الأوروبية السابقة في غرب البلقان، والتي تفككت لمجموعة دول حاليا، فيما فرت 3 شركات من البلاد لأسباب مختلفة قبل سقوط نظام القذافي.
وفي 2003 بعد رفع العقوبات الدولية على ليبيا، ذكرت شركة سويسرية جاءت لمعاينة السدين في درنة، أن الهياكل فيهما تواجه ضغطا، وأوصت بضرورة ترميمها وبناء سد ثالث لتخفيف الضغط عليهما.
ضرب وتعنيف
وبحسب «وول ستريت»، فإن تلك الشركة هي «ستوكي»، التي يديرها المهندس السويسري المقيم في لوزان ميغيل ستوكي، وكان يقدم المشورة لحكومة القذافي حتى 2008، والذي نجا بأعجوبة من الاعتقال في ليبيا، بعدما اعتقل هانيبال نجل القذافي في جنيف بتهمة ضرب وتعنيف خادمين لديه، وفق الصحيفة.
واعترضت ليبيا على احتجاز نجل القذافي في سويسرا، فيما تم القبض على شريك ستوكي ومصادرة أعماله التجارية المتعلقة بالإسمنت في طرابلس، ولم ترد «غرونر»، وهي شركة الخدمات الهندسية السويسرية التي اشترت أعمال شركة ستوكي في 2013، على طلب الصحيفة الأمريكية بالتعليق.
سرقة المعدات
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الحكومة الليبية كانت بطيئة في تنفيذ مقترحات ستوكي بإصلاح السدين، وقبل سقوط القذافي بفترة بسيطة، تم استدعاء شركة إيطالية لتقديم تقييم آخر، وخلصت مرة أخرى إلى أن السدين بحاجة إلى تعزيز.
وبدأت شركة تركية بالعمل أخيرا على المشروع عام 2011، لكن الاحتجاجات التي جرت في العام نفسه وأطاحت بالقذافي، جعلت العمل في ترميم السدين يتوقف بسبب انعدام الأمن. ودمر مثيرو شغب موقع العمل في سد درنة، بحسب الصحيفة، وسرقوا معدات الشركة، مما أجبر الموظفين على الفرار.
هربوا بجلدهم
وقال المشرف على شركة الاستشارات الإيطالية مروان البارودي «كان على مهندسينا أن يهربوا بجلدهم للنجاة بحياتهم»، وأضاف أنه عاد للبلاد بعد سقوط نظام القذافي لتدريب المسؤولين الليبيين على استئناف العمل في إصلاح السدين، وقال: للأسف، لم يستتب الأمن أبدا.
وفي وقت لاحق استولى متطرفون على درنة عام 2014 بعد أن بايعوا تنظيم داعش الإرهابي، الذي سيطر خلال ذلك الوقت على أجزاء واسعة من العراق وسوريا.
طرد الدواعش
وبعد 4 سنوات حوصرت المدينة ثم سيطر عليها الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر لطرد الارهابيين والدواعش.
وبحلول ذلك الوقت كانت السدود بعيدة عن متناول الحكومة المركزية في طرابلس، والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
وقال ديوان المحاسبة التابع لحكومة الدبيبة، إن حصار حفتر للمنشآت النفطية حرم الحكومة أيضا من الأموال اللازمة للإصلاحات.
التسلسل الزمني لانهيار سدي درنة:
- 1978 بناء السدين في درنة
- 2003 أوصت شركة سويسرية بترميمهما
- 2008 محاولة لم تكتمل لترميم السدين
- 2011 شركة تركية تعمل لترميمهما ثم تتوقف بسبب الثورة
- 2014 متطرفون يستولون على درنة
- 2018 محاصرة المدينة من الجيش لطرد الدواعش
- 2023 انهيار السدين