نمر فهيد السبيلة

«نحلم ونحقق» صحة المملكة 93

السبت - 23 سبتمبر 2023

Sat - 23 Sep 2023


نحتفل هذه الأيام بيومنا الوطني، وشعارنا فيه «نحلم ونحقق»، والتي تعكس طموحاتنا وتطلعاتنا في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030م، والتي أصبحت قريبة من الواقع، حيث تمثلت بوجود العديد من المشاريع التي حظت بها بلادنا العزيزة، فهي مستمرة لمواصلة دورها الفعال في استيفاء أركانها على جميع الأصعدة. وعلى صعيد الصحة كانت الرؤية باتجاهات عدة في تطوير المعالجة، وتحسين الخدمة، ورعاية المرضى، حيث كانت أهداف الرؤية مبنية على أربعة عناصر رئيسة، هي:
الأول: القدرة الكافية الإجمالية (أسرة المستشفيات والطواقم الطبية).
الثاني: التوزيع الجغرافي المناسب (المسافة بين أحد مقدمي الرعاية الصحية).
الثالث: الوصول في الوقت المناسب إلى الخدمات ذات الصلة.
الرابع: القدرة على تحمل تكاليف الرعاية الصحية للأفراد.

انطلقت هذه المشاريع والتي شعرنا بها وتلمسنا التطور الواضح في تحسين جودة، وكفاءة الخدمات المقدمة، والتي كانت من أهدافها التركيز على تقليل الأخطاء الطبية، وفعالية العلاج الطبي بحيث تصبح النتائج السريرية إيجابية، ولم يتوقف هذا الدعم على الأهداف السابقة، بل عملت الرؤية على تعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية الأخرى وهي الصحة الوقائية العامة مثل الوعي والتطعيم للحد من التعرض للأمراض المعدية، وغير المعدية والتعامل مع الأزمات الصحية مثل انتشار الأوبئة، وكذلك التقليل من الأمراض الشائعة الناتجة عن العادات السيئة التي يتعامل بها الفرد.

ومن أبرز الجهود للوقاية من خطر الإصابة بالأمراض: الشرايين، والقلب، والسكري، والسمنة المفرطة. بل إن الوقاية امتدت للتقليل من الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية بهدف تقليل نسبة الوفيات والإعاقات، حيث عملت الجهات المعنية جاهدة العمل على التوعية المرورية.

بالإضافة إلى معالجة حالات الإدمان الناتجة عن المخدرات والتبغ، حيث عملت إدارة مكافحة المخدرات على قطع دابر هذا الخطر الذي يفتك بالشباب، ويدمر المجتمع من خلال القضاء على مصادرها، ومعالجة المتعاطين من خلال التعاون مع وزارة الصحة، بتوفير كافة الطرق العلاجية.

ولله الحمد كذلك قامت وزارة الصحة بإنشاء مراكز تعنى بمكافحة التدخين بهدف تحقيق التقليل من نسبة الوفيات والإصابات الناتجة عنه، والمسببة للعديد من الأمراض القلبية من خلال رفع أسعار التبغ. وبدأت النتائج تظهر منذ انطلاق الرؤية 2030 م، والدليل على ذلك التقارير العالمية، حيث تقدمت المملكة على 6 مراكز في عام 2019 عن العام 2018 في مؤشر الصحة لتحل في الترتيب 58 عالميا خلال فترة وجيزة وقصيرة جدا.

وفي أثناء رحلة التحول الصحي للارتقاء في مستواها إلى أفضل المستويات، في عام 2020م واجهت المملكة انتشار تفشي جائحة كورونا المستجد (COVID 19) كغيرها من الدول العالمية، حيث اتخذ خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله حزمة من القرارات.

تلمسنا ذلك خلال جائحة فايروس كورونا المستجد الذي عم العالم أجمع، وأصبحت المملكة من مصاف الدول المتقدمة في محاصرة هذا الوباء، بكل معايير الجودة والإتقان. بدأ هذا الفايروس بمهاجمة العالم دون سابق إنذار، فهاجم كبار السن مخلفا الموت، ومن ثم انتقل للبالغين فأصبح عدد الوفيات بازدياد، مما أدركنا أن هذا الوباء سيفقد لنا غاليين على قلوبنا ولكن في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- من القوة التي تمتلكها مملكتنا الحبيبة، فهي مصدر عزنا وفخرنا، وصدق الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن حينما أشار بقوله: «الله اللي عزنا ما لأحد منه».

حيث بدأت وزارة الصحة مكافحة انتشار هذا الفيروس من خلال توجيهات وقرارات القيادة الحكيمة في بداية عام 2020. ولعلي أوجز أهمها:
فرض الحجر للمصابين والقادمين من الدول الموبوءة بفيروس كورونا، حيث إن الحجر وتوفير العلاج يقدم مجانا للمواطنين والمقيمين، ومن ثم قامت القيادة الحكيمة بتخصيص مبالغ إضافية لقطاع الصحة بلغت 47 مليارا، وكذلك تم توفير جميع اللقاحات الفعالة في العالم بعد اكتشافها آنذاك مجانا للمواطنين والمقيمين وخلال فترة بسيطة أصبحت مملكتنا الحبيبة من أكثر 100 دولة أمانا في العالم من فيروس كورونا المستجد مشيرا إلى أنها من بين الدول الـ 20 الأولى في القائمة، ووفقا لتقرير مجلة «فوربس»، فقد جاءت السعودية في المرتبة الـ 17 عالميا، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة الأمريكية، ومعظم الدول الأوروبية، ودام عزك يا وطن.

وبما أننا نسلط الضوء على الصعيد الصحي في يومنا الوطني «نحلم ونحقق» 93، فمنذ تأسيس المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود المغفور له بإذن الله - تعالى - كانت رعاية وخدمة المرضى من الأهداف الاستراتيجية للدولة، حيث أنشأ الملك عبدالعزيز آل سعود - طيّب الله ثراه - مصلحة الصحة العامة عام 1343ه/1925م ، ومقرها مكة المكرمة. وفي عام 1344ه/1926م، صدر الأمر الملكي من قبل المغفور له بإذن الله - تعالى - بإنشاء مديرية الصحة العامة والإسعاف، بهدف الاهتمام بشؤون الصحة والبيئة، والعمل على إنشاء المستشفيات، والمراكز الصحية، في جميع أنحاء المملكة.

وبسبب تزايد الخدمات الصحية المقدمة من الدولة في جميع أنحاء البلاد، إضافة إلى ما يتم تقديمه منها للحجاج، وإلى جانب مكافحة الأمراض والأوبئة المنتشرة آنذاك، صدر المرسوم الملكي بإنشاء (وزارة الصحة) في 26 شعبان 1370ه؛ ليتولى هذا الجهاز الإشراف الكامل على الشؤون الصحية بالمملكة، وتشير الإحصائيات آنذاك إلى أن عدد المراكز الصحية 30 مركزا، والمحاجر الطبية 20 محجرا، وعدد الأطباء 36 طبيبا وطبيبة، وعدد الصيادلة 8 منهم الذكور والإناث، وعدد الممرضين 104 ممرضين وممرضات، في ظل شح الإمكانيات في ذلك الوقت.

واستمرت نهج المسيرة من بعد المغفور له الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وتبنى الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله - رحمهم الله جميعا - خطة استراتيجية تطويرية، خلال الخمسين سنة الماضية، بدأت تحقق وتثمر هذه الخطط في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ورؤية المملكة 2030م، فأصبحت عدد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة بازدياد حتى بلغت أكثر من 280 مستشفى حكوميا، وأكثر من 50 مستشفى تابعا للجهات الحكومية الأخرى مثل: وزارة الداخلية، ووزارة الدفاع، وغيرها، وامتد هذا التوسع إلى القطاع الخاص، حيث بلغت عددها 159 مستشفى؛ ليصبح عدد المستشفيات بالمملكة أكثر من 450 مستشفى، ولم تقتصر هذه المسيرة إلى هنا، بل امتدت توجهات استراتيجية إلى التوسع في عدد الممارسين الصحيين؛ بهدف الرفع من كفاءة وجودة هذه المنشآت الطبية، بحيث أصبح عدد الأطباء أكثر من 122 ألف طبيب، وبلغ طاقم التمريض أكثر من 200 ألف ممرض، وعدد الصيادلة أكثر من 30 ألف صيدلي وعدد الفئات الصحية المساعدة الأخرى أكثر 70 ألف مساعد صحي.

ومن خلال ذلك فإننا ولله الحمد أصبحنا أقرب لتحقيق رؤيتنا 2030م. دمت يا وطني بخير.



NimerAlsabeelah@