ياسر عمر سندي

جاذبية السنة السابعة

الأربعاء - 20 سبتمبر 2023

Wed - 20 Sep 2023

هنالك نظرية قديمة راجت عام 1952م بمسمى «حكة السنة السابعة» أو The Seven Years Itch عندما ألف الكاتب الأمريكي جورج أكسيلرود مسرحية تجسد مشاعر الزوجين في السنة السابعة من عمر الزواج بتعكر العلاقة وحدوث الفتور والعزلة بين الطرفين ويتطور الأمر إلى الشك والخيانة ثم الطلاق؛ وفي عام 1955م تحولت المسرحية لفيلم سينيمائي درامي بنكهة كوميدية من بطولة مارلين مونرو وتوم إيول الذي جسد شخصية ريتشارد شيرمان البائس عندما شعر بالملل في السنة السابعة لزواجه وباضطراب العلاقة ورغبة ملحة للخروج من المأزق بالسهر والخيانة؛ وفي عام 2023 بشهر رمضان الماضي تم عرض مسلسل بعنوان «الهرشة السابعة» بتكرار نفس الفكرة بإسقاطات عربية مجتمعية دراماتيكية.

للأسف إن هذا التكرار والاجترار السلبي بالتجسيد المسرحي والسينمائي والتلفزيوني خلال 70 عاما أعطى تعزيزا فكريا ورواجا مجتمعيا لهذه النظرية البائدة والتي أسميها خدعة وفقاعة لتلك الحقبة من مؤلف أسقط ما بداخله من شطحات غير سوية بتعميمها على محيط ساذج محبط متعطش للانقياد الأعمى خصوصا أنها جاءت بعد أحداث الحرب العالمية الثانية التي أفرزت الكوميديا السوداء وأثرت على نفوس الملايين آنذاك والتي انتقلت لعالمنا العربي بفكرة السنة السابعة المشؤومة بتفكك الحياة الزوجية وانهيار الروابط الأسرية.

أرى أنه كلما زاد عمر العلاقة الثنائية بين الزوجين يزداد بينهما التفاهم والوفاق المؤدي للاكتشاف المتبادل بمشاعر رصينة مبنية على المودة والرحمة في فلسفتنا الدينية وثقافتنا العربية التي تعتبر أساس ديمومة العلاقة بين الزوجين والتي تنتعش تدريجيا لتصبح شراكة اندماج مؤسسة على الاحترام والالتزام.

العمر الزمني للعلاقة الزوجية ينمو مع الخبرات والمواقف المتراكمة حتى يتناغم الشركان بكيفية اختيار وانتقاء الذوق المشترك بينهما في الملبس والمأكل والمشرب والقول والفعل بالتسلية والضحك والهدوء والانطلاق وبالحزن والفرح بطابع تقديري يعكس القيم الأصيلة ليتعدى إلى توقع الأشياء التي تغضب الشريك وتلك التي ترضيه لتجنبها أو تقبلها.

من منطلق نفسي ومعرفي أرى أن الزواج الواعي والمدرك يستمر ويثمر بمشيئة الله تعالى حتى في خضم العقبات والتقلبات التي أعتبرها مصلا إيجابيا لتقوية المناعة الزوجية ضد الأمراض المجتمعية والأوبئة الحياتية المعدية من التدخلات الخارجية بالتخبيب والتخريب من المندسين بدائرة العائلة والصداقات والمعارف ومن الإعلام المترهل من شخصيات الأفلام والمسلسلات ومن بعض المحسوبين بمجال الاستشارات النفسية والاجتماعية والعلاقات الأسرية الذين ينادون بالتحرر والانطلاق وفك القيود الزوجية ومن بعض المغررين من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الهش غير الصادق في النقل المزيف لإفساد العلاقة الزوجية.

الزواج علاقة تعبدية مقدسة تبدأ عذوبته من أول سنة وجاذبيته في جميع السنوات بشرط النية الصادقة والإخلاص المسبق بتحمل المسؤولية وتبعاتها والالتزام بالميثاق الغليظ الذي يشتد بمخافة الله أولا ثم بادراك الحقوق المتبادلة بين الزوجين. والله الهادي إلى سواء السبيل.

Yos123Omar@