عبدالعزيز المزيد

منتجات النساء والضريبة التجارية

الاثنين - 18 سبتمبر 2023

Mon - 18 Sep 2023

ارتبط اللون الوردي بالنساء منذ قديم الأزل، وذلك للتعبير عن العنصر النسائي ومنتجاته، حيث أصبح علامة تميزها، فنجد أن هنالك العديد من المنتجات التي تتشابه مع منتجات الرجال تسمى بالمنتجات الوردية فقط لتغليفها باللون الوردي، مع العلم بأنه يتم تصنيعها بنفس التكلفة ونفس المكونات، ولكن عند إعطائها اللون الوردي يزيد سعرها فقط؛ لأنها موجهة للنساء.

وذلك ما يطلق عليه الضريبة الوردية والتي تعتبر سببا آخر في عدم المساواة بين النساء، والرجال، فلقد ظهر مصطلح الضريبة الوردية في العام 1996م في الولايات المتحدة، حيث ذكرت صحيفة «فوربس» أن النساء ينفقون مبالغ طائلة مقارنة بالرجال على منتجات العناية الشخصية، حيث يعتبر ذلك وجها آخر للتمييز بين الرجال والنساء؛ لأن الفرق في السعر فقط لأنها امرأة؛ ولذا النساء يدفعن 42% أكثر من الرجال.

إن الضريبة الوردية تعتبر مشكلة تقابل جميع النساء حول العالم، فهن يتعاملن معها في الحياة اليومية بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن تم إثارة هذا الموضوع من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أولا وبعدها بدأت باقي البلدان.

إن وجود مثل هذه الضريبة يرجع إلى عاملين مهمين أحدهما عامل اقتصادي ويتمثل في أن النساء يمتلكن قوة شرائية أو ضغطا شرائيا أعلى من الرجال، أما العامل الثاني فهو عامل نفسيـ حيث تدرك الشركات أن النساء يشترين من غير إدراك للوعي الذاتي أي من دون تقدير للواقع الاقتصادي مثل الرجال؛ لذا فإن الشركات تفرض زيادة على رسوم منتجاتها بهدف الربح، مما يخلص إلى أن الضريبة الوردية في الواقع هي ليست ضريبة حكومية وإنما ضريبة تفرضها الشركات التجارية المصنعة لمنتجات النساء، لذا تعتبر من نوع الضرائب المخفية.

ظهور مصطلح التسويق الوردي وما شابه من المصطلحات التي تستهدف النساء بشكل خاص ساعد على ظهور هذا النوع من الضرائب وبالتالي إضافة بند آخر في قائمة التمييز بين الجنسين، وبالرغم من أن النساء يتقاضين أجورا أقل من الرجال عند قيامهن بنفس الوظيفة مع ذلك يتطلب منها رعاية المنزل والتوفيق بين الحياة العملية والأسرية، وفوق ذلك وجود ضرائب على منتجاتهم الشخصية والتي قد تعتبر في بعض الأحيان ضرورة من ضرورات الحياة وليست مجرد كمالية، كمثال المناديل الصحية التي لا يمكن أن تستغني عنها النساء، فقد فرضت عليها ضرائب عالية جدا، حيث إن الحكومة الأمريكية رفضت تقليل الضرائب الخاصة بها والتي تصل إلى حوالي 150 مليون دولار سنويا، والأمر الآخر أن الحكومات والبرلمانات الأجنبية لا تقدم أي مساعدة في ذلك الأمر بل إن القوانين تقف في عكس مصلحة النساء.

إن الضريبة الوردية ليست إلا خدعة تسويقية أو بيعية، بمعنى أدق موجهة إلى النساء وذلك لعلم الشركات أن النساء لا محالة سوف يتسوقن وهن بحاجة إلى تلك المنتجات في الحياة اليومية.

وتبقى حجة الشركات التجارية أن تكاليف المنتجات النسائية أعلى، وذلك؛ لأنه يجب وضع تغليف ملفت ولامع وإضافة بعض المكونات العطرية لها والتي تكلف أكثر من المنتجات الرجالية؛ لذا نجد أن هناك قلة في الدراسات عن الضريبة الوردية والتسويق الوردي المخادع في المنطقة العربية وهي قليلة أو شبه معدومة ولكن ذلك لا يعني أن النساء في الوطن العربي لا يلاحظن زيادة أسعار منتجاتهن مقارنة بالمنتجات الرجالية.

ونجد أن ذلك قد يؤدي إلى عدة أسباب، مثل اهتمام النساء بالشكل الخارجي أكثر من المضمون في بعض الأحيان يجعلها تقع في فخ الخدعة التسويقية، فالنساء بشكل عام قد يهتمن بالمظهر الخارجي بغض النظر عن التفاصيل، وكذلك نجد أن عدد الشركات التجارية التي تستهدف النساء أكثر من الشركات التي تستهدف الرجال مما جعل المنافسة بين هذه الشركات عالية؛ لذا تسعى هذه الشركات دائما إلى زيادة الإعلانات وتكثيف الحملات التسويقية مما يضيف عليها زيادة في المصروفات وبالتالي فإن النساء هن دائما من يتحملن تلك التكاليف الإضافية، وأخيرا نجد أن القوانين للأسف لا تقف مع النساء بل بالعكس فهي بعض الأحيان تدعم ذلك التمييز الجنسي نحو النساء مما يجعل الأمر اكثر مشقة على النساء في العالم.

أخيرا، يمكن القول إن الضريبة الوردية ربما قد لا تبدو للبعض سببا لدمار الأشخاص أو أن زيادة التكلفة البسيطة لن تضر بشيء، ولكن في الاتجاه المعاكس بالنسبة للنساء قد لا يكون حل هذه المشكلة هو حل لكل مشاكلها فما زالت النساء تواجه الكثير من المشاكل في العالم والقوانين لا تقف معهن للأسف فما زالت مشاكل التعنيف الأسري والعمالة النسوية والتهميش القائم بناء على لون البشرة وغيرها من المشاكل التي تواجه النساء... ولكن حل هذه المشكلة قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح لتكتسب النساء شيئا من المساواة، واستعادة بعض الحقوق الواجبة لهن؛ لذا وجب الحد من هذا الظهور والتحديات الأخرى التي تواجه النساء في العالم والعمل على دفعها نحو الاتجاه الصحيح.

aziz_h_almzyad@