لطيفة السكيت

صهوة الأمل

الاحد - 17 سبتمبر 2023

Sun - 17 Sep 2023

حينما تقترف خطأ عن غير قصد في حق من يحسن إليك وما عرفت منه إلا الوداد والحب فتطلب الصفح فيرمقك بنظرة ما عهدتها ولم تتوقعها ويثني عِطفه، يشرع حينها قلبك بالتآكل فتطوف كالمجنون تفتش عمن يجمع شذراته المتبقية فيخيطها ويضمد جرح جرمك الذي اقترفته من صغير أو كبير ويطبطب عليك، فتذهب إلى من صوره عقلك مهوى السفينة على شط الأمان، فيزيد انكسارك انكسارا ووهنا، ويزيد غمك غما فتتمنى لو أن الأرض تتصدع وتدفنك داخلها ولو أنك خيط فمك ولم تقل شيئا، ثم يلقي بصورة أحدهم فيصوره فارس أحلام الموقف ومن بيده عصا سحرية فتذهب إليه فما يزيد بعصاه السحر إلا سحرا وعقدا يجن جنون العقل ما وصل إلى حل يفك طلاسمها، فتخرج منه وقد امتطى عقلك صهوة الأمل إلى من يظن أن بيده المقاليد فتعود منه وقد ترجل العقل وضاع الأمل الذي عقد ولاح في مهب الريح، ثم يلوح في الأفق أمل زائف آخر وقبل أن يعيث الظلام فسادا في الروح فيعميها يتهادى إلى مسامعها صوت شخص كشعاع نور يزاحم السحب ليضيء أفق الروح المظلمة، فتخطو خطوات سريعة تسابق الريح إليه، فتحكي له قصة الغصة التي أرقتك فيهدئك ويمسح على قلبك ويخفف عنك وطأة الشعور ومرارته، فتسكن بعدها روحك ويضحك على إثرها قلبك فرحا، ثم بعد ذلك يحيلك إلى من بيده المسحة السحرية التي تخط التوقيع النهائي على ذنبك فتنتهي بعدها رحلة الأسى، إلى من يمم وجهه قاصدا إياه ولم يخب قط أبدا، إلى من علق جل آمال قلبه وروحه بيده وما أغمض عينيه وفتحها إلا ويرى أمارات الفرح والتباشير ترسم خطا عريضا على وجنتيه بأن الآمال على مرأى من العين وأتت في إبانها في اللحظة التي تظنها رهان الموقف إما شقاء أبديا وإما هناء أبديا، إلى قهار الجبابرة، ومحيي العظام البالية وهي رميم، إلى الله! إلى الله يقودك؛ لتبدأ بعدها رحلة الحياة الهنية، والنعيم الأبدي، فتخلع عندها وبكل حرية كل أقنعة التجامل التي خرقت روحك بنصل التيه والزيف والضياع والخوف من إيذاء الآخرين ونبذهم إياك لعلة أواثنتين، وضرجتها بدماء اليأس والضعف والجمود وكره الحياة فخالجت كل مبدأ نبيل وعكرت صفاء الروح! إلى الله اركض واحكِ كل قصص آلامك وابكِ ملء نهر النيل ولا حرج، ستعود بعدها أقوى مما كنت، وستقدم يوما ما هدية مغلفة بحرير الشكر من أعمق نقطة في القلب للذي عصر النفس اللوامة إلى آخر رمق فيها، أما من هداك إليه فضم اسمه في دعواتك حتى مماتك وهذا بلا منازع ما يصبو إليه!