وزارة الثقافة وصناعة القارئ!
الاثنين - 11 سبتمبر 2023
Mon - 11 Sep 2023
في مقدمة تقليدية يمكنني القول بأن وزارة الثقافة تعمل على عدة برامج، أو لنقل أكثر من محور حول تطوير قدرات الكتاب السعوديين على مستويات متعددة، سواء الدراسات أو الأعمال الفنية أو على مستوى أدب الطفل أيضا، في هدف واضح وجلي وهو صناعة الكاتب المتميز، ونقله من مستوى المحلية إلى مستويات العالمية، وليس هذا فحسب، بل إنها تهدف إلى اكتشاف المواهب الجديدة في عالم الكتابة، وهذا بلا شك كمسار جيد يوازي هذا المسار مسارا لا يقل أهمية عن الأول وهو صناعة القارئ، ولعل الأصعب من صناعة الكاتب هو صناعة القارئ، ذلك أن صناعة الإنسان القارئ يبدأ من سن الصفر، وهذا يعني أن مشروعك الزمني لا يجب أن يقل عمره عن عشرين سنة، وإذا حصرنا مشروع صناعة القارئ من بداية دخول المدرسة وتجاهلنا التهيئة من سن صفر إلى ستة سنوات؛ هذا يعني أن صناعة القارئ تحتاج لمشروع استراتيجي عمره 12 عاما على الأقل، كما أننا نأمل أن تتحول التجمعات الشبابية والعائلية لمنتديات ثقافية ومراكز قراءة (مثل الملاعب الرياضية والفاعليات المصاحبة والمنتديات الثقافية وصالات الانتظار في المطارات والقطارات والمقاهي وغيرها) وهذا يعني أنك تحتاج لتغيير ثقافة تقبل الكتاب والقراءة في الأماكن العامة إلى خمس سنوات أيضا، كل هذا على سبيل المثال يقودنا إلى أن استراتيجيات إنتاج الإنسان القارئ تتميز بأنها طويلة الأمد ومتشابكة الأذرع ما بين قطاعات الدولة المختلفة وقطاعات الدعم في القطاع الخاص والقطاعات غير الربحية (الخيرية) أيضا حتى تحصل على شخص قارئ بالفعل.
ربما أيضا نحتاج إلى تغيير عادات القراءة هي الأخرى، فالقراءة من الكتاب التقليدي تبدو عملا رائعا لكن القراءة من الكتاب الالكتروني تحتاج إلى جهد في إقناع الناس بضرورة الانتقال من الكتاب التقليدي للكتاب الالكتروني من جهة ومن جهة أخرى توفير كتب بنسخ الكترونية بأسعار معقولة في متناول الجميع، عموما، إن أقصى ما يمكن أن تحمله معك كتاب ورقي واحد أو كتابين إلى مكانك المفضل (المقهى على سبيل المثال) لكن بالكتاب الالكتروني يمكن أن تحمل ملايين الكتب والتنقل فيما بينها بسهولة غير طبيعية بالإضافة إلى أنك تستطيع أن تترك ملاحظاتك وهذا يعني أنك لا تفقد روح الكتاب السابقة، وإليك هذه الطرفة التي نقلها لي صديق ساخرا، يقول: «لم أقرأ قط أنه عندما ظهرت الطباعة رفض الناس قراءة الكتب الورقية لأنهم يفتقدون الكتب المنسوخة على رقاع الجلود كما هو شائع الآن من مقولة أحد (أحب رائحة الحبر، أحب تقليب الورق، أحب رائحة الورق، مع الكتاب الورقي حميمية أكثر)» ويمكنني القول تعليقا على قصة صاحبي أن هذا الأمر لا يتجاوز كونه مبررات وحيلا دفاعية لتبرير استمراره على عادات قديمة وصعوبة التغيير لديه، بكلمات الأدباء التي تضر ولا تنفع!
نعود مرة أخرى إلى صناعة القارئ، ولنأخذ على سبيل المثال من سن صفر إلى عمر 5 سنوات، لك أن تتخيل معي أن طفل ما لم ير والده يقرأ قط ولم يشتر كتابا أيضا ولم يدخل مكتبة عامة أو لم يتجول مع طفله في مكتبة خاصة في قسم الكتب وإنما هو محصور في قسم الورقيات والأجهزة الالكترونية، هل تنتج هذه البيئة طفلا قارئا؟ أيضا هذا السن هو سن العائلة وليس سن المدرسة أو سن الشارع أو البيئة أو الأصدقاء، يعني أن الوعي بالقراءة يجب أن يولد مع الآباء لإقناع الأبناء، وليس هذا فحسب، يجب أن تكون الأسرة إيجابية في تحويل عادات القراءة إلى عادات متداولة بالأسرة، فإن كنت نتشارك في فيديو قصير مضحك على مواقع التواصل الاجتماعي فمتى آخر مرة تشاركنا مقطعا من مقولة في كتاب تستحق التوقف وشاركناه مع الأسرة، إن أبا قارئا لا يخلق طفلا قارئا وحده، بل الأب والأم مع الإحساس بأهمية ولادة الطفل القارئ، وليس هذا فحسب، بل تعليق الطفل بالقراءة من خلال القصص والتخيل هو أمر من أبجديات تعليم الطفل الصغير للقراءة كما أن تذوق المترادفات هي ما يمكنها أن تنقل الطفل من حدث عادي إلى حدث غير عادي.
ما يقال عن المنزل سابقا ومقتضبا والأمر يطول عنده، يمكن أن يقال أيضا عن المدرسة، فاختفاء مواد المطالعة والإملاء والقراءة الإضافية والخط وساعات زيارة المكتبة العامة إلا تكريس للقطيعة مع الكتاب والقراءة، ثم إن وزارة الثقافة ربما تحتاج للتنسيق مع وزارة التعليم لامتلاك حصة باليوم أو بالأسبوع لتعليم الطفل عادات القراءة وتنميتها بتوظيف متخصصين في تنمية القراءة لدى الطفل، بل وحمل الأطفال للقراءة بالباص مثلا لتعوديهم على استغلال الوقت أثناء التنقل، أو القراءة في مقهى لتعوديهم على القراءة في الأماكن العامة حتى لا تصبح القراءة في الأماكن العامة مستنكرة.
ألم أقل لكم الأمر يطول، ونهاية المقال تجبرني على التوقف!
Halemalbaarrak@
ربما أيضا نحتاج إلى تغيير عادات القراءة هي الأخرى، فالقراءة من الكتاب التقليدي تبدو عملا رائعا لكن القراءة من الكتاب الالكتروني تحتاج إلى جهد في إقناع الناس بضرورة الانتقال من الكتاب التقليدي للكتاب الالكتروني من جهة ومن جهة أخرى توفير كتب بنسخ الكترونية بأسعار معقولة في متناول الجميع، عموما، إن أقصى ما يمكن أن تحمله معك كتاب ورقي واحد أو كتابين إلى مكانك المفضل (المقهى على سبيل المثال) لكن بالكتاب الالكتروني يمكن أن تحمل ملايين الكتب والتنقل فيما بينها بسهولة غير طبيعية بالإضافة إلى أنك تستطيع أن تترك ملاحظاتك وهذا يعني أنك لا تفقد روح الكتاب السابقة، وإليك هذه الطرفة التي نقلها لي صديق ساخرا، يقول: «لم أقرأ قط أنه عندما ظهرت الطباعة رفض الناس قراءة الكتب الورقية لأنهم يفتقدون الكتب المنسوخة على رقاع الجلود كما هو شائع الآن من مقولة أحد (أحب رائحة الحبر، أحب تقليب الورق، أحب رائحة الورق، مع الكتاب الورقي حميمية أكثر)» ويمكنني القول تعليقا على قصة صاحبي أن هذا الأمر لا يتجاوز كونه مبررات وحيلا دفاعية لتبرير استمراره على عادات قديمة وصعوبة التغيير لديه، بكلمات الأدباء التي تضر ولا تنفع!
نعود مرة أخرى إلى صناعة القارئ، ولنأخذ على سبيل المثال من سن صفر إلى عمر 5 سنوات، لك أن تتخيل معي أن طفل ما لم ير والده يقرأ قط ولم يشتر كتابا أيضا ولم يدخل مكتبة عامة أو لم يتجول مع طفله في مكتبة خاصة في قسم الكتب وإنما هو محصور في قسم الورقيات والأجهزة الالكترونية، هل تنتج هذه البيئة طفلا قارئا؟ أيضا هذا السن هو سن العائلة وليس سن المدرسة أو سن الشارع أو البيئة أو الأصدقاء، يعني أن الوعي بالقراءة يجب أن يولد مع الآباء لإقناع الأبناء، وليس هذا فحسب، يجب أن تكون الأسرة إيجابية في تحويل عادات القراءة إلى عادات متداولة بالأسرة، فإن كنت نتشارك في فيديو قصير مضحك على مواقع التواصل الاجتماعي فمتى آخر مرة تشاركنا مقطعا من مقولة في كتاب تستحق التوقف وشاركناه مع الأسرة، إن أبا قارئا لا يخلق طفلا قارئا وحده، بل الأب والأم مع الإحساس بأهمية ولادة الطفل القارئ، وليس هذا فحسب، بل تعليق الطفل بالقراءة من خلال القصص والتخيل هو أمر من أبجديات تعليم الطفل الصغير للقراءة كما أن تذوق المترادفات هي ما يمكنها أن تنقل الطفل من حدث عادي إلى حدث غير عادي.
ما يقال عن المنزل سابقا ومقتضبا والأمر يطول عنده، يمكن أن يقال أيضا عن المدرسة، فاختفاء مواد المطالعة والإملاء والقراءة الإضافية والخط وساعات زيارة المكتبة العامة إلا تكريس للقطيعة مع الكتاب والقراءة، ثم إن وزارة الثقافة ربما تحتاج للتنسيق مع وزارة التعليم لامتلاك حصة باليوم أو بالأسبوع لتعليم الطفل عادات القراءة وتنميتها بتوظيف متخصصين في تنمية القراءة لدى الطفل، بل وحمل الأطفال للقراءة بالباص مثلا لتعوديهم على استغلال الوقت أثناء التنقل، أو القراءة في مقهى لتعوديهم على القراءة في الأماكن العامة حتى لا تصبح القراءة في الأماكن العامة مستنكرة.
ألم أقل لكم الأمر يطول، ونهاية المقال تجبرني على التوقف!
Halemalbaarrak@