عائشة العتيبي

طرف آخر!

السبت - 09 سبتمبر 2023

Sat - 09 Sep 2023

الإنسان ذلك المخلوق الذي يخاف ويتشأم كثيرا ويقلق من المستقبل أكثر من الحاضر ويلتفت كثيرا لأمور المستقبل ويجحد وجود الحاضر وينسى العمل به، كما أن الإنسان طموحه كبير وهمته ضعيفة وأفكاره كثيرة وتدبيره قليل، سعيه ليوم أقل ما يسعاه في يومين، ويبحث عن أي أمل ويوهم بأنه حقيقة، ليس خطأ بتفكير الإنسان حين يجد ما يمسك به لكن الخطأ التعلق بطرف ربما هو وهم ولا يمت لواقعه أي شيء، نحن نخطئ بصورة عامة وبشكل عشوائي ونمسك بطرف حبل لا نعرف ما هو طرفه الآخر وإلى أي قوة تمسكه حتى نشد بثقة لطرف هذا الحبل، علينا التأكد من الطرفين جيدا لا بطرف واحد دون معرفة الآخر؛ فقط الله الوحيد الذي نمسك بحبله ونشد به بقوة وندفع أنفسنا إليه دون خوف وتردد.

المسألة أصبحت غير واضحة وليس هناك توضيح صريح، الجدوى تغيرت وما نحصده بالأمس يذهب اليوم؛ هي أشبه لعمليتي الجمع والطرح نجمع ثم نطرح ما تم الحصول عليه، نفتقد الوضوح ونتساءل كثيرا، نذكر أن المال هو الجزء المهم من العيش في هذه الحياة، يليه الوظيفة أمان لتحديات المكان ثم الوصول للهدف والغاية، نخشى الطمأنينة التي تشبه قلوبنا إلا أننا نقلق من فقدانها، نصارع أحلامنا ونبني أنفسنا على وظيفة أو مال لم يجمع حتى هذه اللحظة، نعاني ثم نقلق وننسى كيف أن عشنا لهذا اليوم؛ أهي رحمة من الله أم أننا نتجاهل ذلك الأمر، وبالرغم أن فقده لا يعتبر مشكلة والتمسك به لا يعتبر حلا!

عندما تقرأ الحياة قد لا ترى بها مقعدا لك بين تلك الأسطر وحين تكتب تضع نفسك في زاوية صغيرة لا يراك بها أحد تمرر سريعا على أعين وألسنة القارئ دون تمعن وإعادة، عندما تعبر عن نفسك تخشى الحديث وتستطيع التحدث بينك وبين نفسك فقط؛ لأنك تعلم أنه لن يسمعك أحد ولا يعلم عن وجودك سواك فقط، أصبحنا كالمرآة نرى دون أن تحدث ونرغب في تعديل دون قدرة ونجد ما يشبهنا دون أن نقول هو فعلا يشبهنا ونتخذ دورها في النظر فقط، حيث لا نستطيع التحدث والفعل، لا نستطيع التعديل ونكتفي بالنظر.. تماما كما تعمل المرآة لنا.

نختار أماكن خالية ونظن نحن الشاغر المناسب لها، نتأمل الطبيعة في شدة الرياح وعند صفاء غائب عن أعين المارة، نبحث عن الكتب دون قراءة لعناوينها ومن هو مؤلفها هل صاحب علم وفكر أم فلسفة وانقياد، ننظر دائما للمرآة دون تمعن ونفتقد عندها جانبنا المضيء، اعتدنا على ظاهرة النظر دون فائدة وتصحيح، نعجز عن إيجاد طرف آخر حقيقي نمسك به يخبرنا بصدق أنه هو طرفنا الآخر.

3ny_dh@