لماذا لا يغير مشجعو الأندية ميولهم؟!
الاثنين - 28 أغسطس 2023
Mon - 28 Aug 2023
إذا ما تبنى الشخص تشجيع ناد معين في صغره، فإنه في المجمل لا يغير هذا النادي فترة طويلة، وربما لا يغيره مطلقا، بل يدافع عنه بشكل مستميت حتى تستغرب أنه يدافع عن قضية / موضوع خاسر، لكنه مقتنع تماما بصدقية القضية والموضوع، فلماذا يفعل الناس ذلك مع هواية عابرة وليست مهمة مثل تشجيع الأندية الرياضية؟
السبب يعود إلى أن تشجيع الأندية كالعقائد تماما في سلوكه، فهو غير خاضع للعقل أو التحليل المنطقي، وإنما خاضع للاختيار، ثم التبني، وأخيرا التسليم المطلق. وهكذا تبنى العقائد والآراء، إنها تبدأ مع الشخص ولا تنتهي عادة، وتحمل خصائص التشجيع الرياضي معظم خصائص الآراء والمعتقدات في تبنيها.
وبغض النظر عن نوعية تلك الآراء والمتعقدات التي يتبناها بعض العلماء العقلاء والمتخصصين في علوم شتى مبنية على أسس علمية، إلا أنهم في حياتهم العملية واليومية يتبنون أكثر الآراء والمعتقدات التي لا تستقيم أصلا مع مبادئ عملهم في الصباح وأثناء العمل والمحاضرة، ويتحمسون لها - أي لعقائدهم - بل هي جزء من يومهم أو أسبوعهم أو طقوسهم السنوية، ولو فتحت نافذة الحديث معه ـ ولو قليلا ـ لوجدت له إيمانا راسخا، ضاربا بالمنطق والمعمل الذي يعمل به كل يوم عرض الحائط، ومسألة النقاش وبدء الحوار معه في معتقده يعد ملامسة غير مأمونة العواقب للخط الأحمر في حياته.
ويتضح لك أن الآراء والمعتقدات لا تتمتع بخاصيتين: لا تبنى على معرفة ولا تنتج معرفة، وإن بنيت على بعض معرفة في بعض أجزائها فإن ثمة أجزاء أخرى مبنية على التسليم وليس على العلم أو المعرفة أو المصادر العقلية والمنطقية أو حتى التجربة، وينتج عنها إيمان مطلق متسلسل إلى نهاية مستهدفات تلك الآراء والمعتقدات، ويشعرك بقوة إيمانه بها أنها عين المنطق والعقل والتسليم. والغريب جدا أن بعض ما يمكن تسميته بالمعرفة إن نتجت من الآراء والمعتقدات وتعارضت لاحقا مع العلم تم تأويلها دون المساس بمصدرها، وهذا على مستوى جميع المعتقدات والآراء على الإجمال.
ليس شرطا أن تكون الآراء والمعتقدات ذات مصدر إلهي أو سماوي حتى تكتسب قوتها وعنفوانها من جهة، أو تكتسب تكاملها في تغطيتها أنشطة حياة الإنسان حتى تستولي على عقله وروحه، بل بعضها أرضي وبعضها غير واضح المعالم، ولكن يتم تكريسه خلال الأسرة والمجتمع والحياة والتراث والهواء الذي يتنفسه الإنسان، حتى تتسم هذه العقائد بالقوة والصلابة، كما القوة التي لدى الأديان السماوية الأخرى.
ويكمن بعض قوتها في قدرتها على تفسير ما لا يمكن تفسيره علميا، وأن تذهب الأديان والمعتقدات والآراء بعيدا عن العلم نظير جرأتها في تفسير كل شيء وأي شيء يهم الإنسان، بل إنها تمنح الإنسان بعد ذلك الطمأنينة التي ينشدها نتيجة ارتباك العلم في عدم قدرته على تفسير كل شيء بل وشفافية العلم في نقد نفسه واثبات خطأ نفسه جعل من الآراء والمعتقدات أكثر صلابة.
أما نجاح انتشار بعض الآراء والمعتقدات في بعض الأجزاء من أفريقيا وآسيا، ليس في قدرتها على الاقناع فقط بقدر ما كانت بعض الشعوب لا تحمل صفة الرأي والعقيدة في تفسيرها للأشياء، مما خلق التساؤل المربك الداخلي لديها أولا، ثم خلق التفسير العقدي ذي الخبرة الكبيرة في تفسير تلك الأسئلة الكبرى (الخارجي)، ثم أجاب عنه فصار أقوى بشكل أو بآخر على آراء ومعتقدات تلك الشعوب، بدليل أن ثمة صعوبات واجهت أولئك الداعين إلى التغيير لدى شعوب أخرى في المناطق نفسها كانت تملك عقائد مغايرة لغيهم، ولكن القوة نفسها آراء الداعين في الاقناع والتبني والتسليم ولم تخترقها بشكل كامل!
أخيرا، يمكن تمييز الآراء والمعتقدات حتى ولو كانت في تشجيع فريق في كرة القدم، عندما تكون العواطف والتبني الشامل للهدف دون أي مناقشة له، أو باعتباره هو الذي يحمل كل صفات التفضيل الفضلى التي هي على وزن (أفعل)، كما يطيب لعلماء النحو الإشارة إليه مثل (أفضل، أحسن، أجمل، أصدق، أكثر اقناعا، وغيرها!).
Halemalbaarrak@
السبب يعود إلى أن تشجيع الأندية كالعقائد تماما في سلوكه، فهو غير خاضع للعقل أو التحليل المنطقي، وإنما خاضع للاختيار، ثم التبني، وأخيرا التسليم المطلق. وهكذا تبنى العقائد والآراء، إنها تبدأ مع الشخص ولا تنتهي عادة، وتحمل خصائص التشجيع الرياضي معظم خصائص الآراء والمعتقدات في تبنيها.
وبغض النظر عن نوعية تلك الآراء والمتعقدات التي يتبناها بعض العلماء العقلاء والمتخصصين في علوم شتى مبنية على أسس علمية، إلا أنهم في حياتهم العملية واليومية يتبنون أكثر الآراء والمعتقدات التي لا تستقيم أصلا مع مبادئ عملهم في الصباح وأثناء العمل والمحاضرة، ويتحمسون لها - أي لعقائدهم - بل هي جزء من يومهم أو أسبوعهم أو طقوسهم السنوية، ولو فتحت نافذة الحديث معه ـ ولو قليلا ـ لوجدت له إيمانا راسخا، ضاربا بالمنطق والمعمل الذي يعمل به كل يوم عرض الحائط، ومسألة النقاش وبدء الحوار معه في معتقده يعد ملامسة غير مأمونة العواقب للخط الأحمر في حياته.
ويتضح لك أن الآراء والمعتقدات لا تتمتع بخاصيتين: لا تبنى على معرفة ولا تنتج معرفة، وإن بنيت على بعض معرفة في بعض أجزائها فإن ثمة أجزاء أخرى مبنية على التسليم وليس على العلم أو المعرفة أو المصادر العقلية والمنطقية أو حتى التجربة، وينتج عنها إيمان مطلق متسلسل إلى نهاية مستهدفات تلك الآراء والمعتقدات، ويشعرك بقوة إيمانه بها أنها عين المنطق والعقل والتسليم. والغريب جدا أن بعض ما يمكن تسميته بالمعرفة إن نتجت من الآراء والمعتقدات وتعارضت لاحقا مع العلم تم تأويلها دون المساس بمصدرها، وهذا على مستوى جميع المعتقدات والآراء على الإجمال.
ليس شرطا أن تكون الآراء والمعتقدات ذات مصدر إلهي أو سماوي حتى تكتسب قوتها وعنفوانها من جهة، أو تكتسب تكاملها في تغطيتها أنشطة حياة الإنسان حتى تستولي على عقله وروحه، بل بعضها أرضي وبعضها غير واضح المعالم، ولكن يتم تكريسه خلال الأسرة والمجتمع والحياة والتراث والهواء الذي يتنفسه الإنسان، حتى تتسم هذه العقائد بالقوة والصلابة، كما القوة التي لدى الأديان السماوية الأخرى.
ويكمن بعض قوتها في قدرتها على تفسير ما لا يمكن تفسيره علميا، وأن تذهب الأديان والمعتقدات والآراء بعيدا عن العلم نظير جرأتها في تفسير كل شيء وأي شيء يهم الإنسان، بل إنها تمنح الإنسان بعد ذلك الطمأنينة التي ينشدها نتيجة ارتباك العلم في عدم قدرته على تفسير كل شيء بل وشفافية العلم في نقد نفسه واثبات خطأ نفسه جعل من الآراء والمعتقدات أكثر صلابة.
أما نجاح انتشار بعض الآراء والمعتقدات في بعض الأجزاء من أفريقيا وآسيا، ليس في قدرتها على الاقناع فقط بقدر ما كانت بعض الشعوب لا تحمل صفة الرأي والعقيدة في تفسيرها للأشياء، مما خلق التساؤل المربك الداخلي لديها أولا، ثم خلق التفسير العقدي ذي الخبرة الكبيرة في تفسير تلك الأسئلة الكبرى (الخارجي)، ثم أجاب عنه فصار أقوى بشكل أو بآخر على آراء ومعتقدات تلك الشعوب، بدليل أن ثمة صعوبات واجهت أولئك الداعين إلى التغيير لدى شعوب أخرى في المناطق نفسها كانت تملك عقائد مغايرة لغيهم، ولكن القوة نفسها آراء الداعين في الاقناع والتبني والتسليم ولم تخترقها بشكل كامل!
أخيرا، يمكن تمييز الآراء والمعتقدات حتى ولو كانت في تشجيع فريق في كرة القدم، عندما تكون العواطف والتبني الشامل للهدف دون أي مناقشة له، أو باعتباره هو الذي يحمل كل صفات التفضيل الفضلى التي هي على وزن (أفعل)، كما يطيب لعلماء النحو الإشارة إليه مثل (أفضل، أحسن، أجمل، أصدق، أكثر اقناعا، وغيرها!).
Halemalbaarrak@