عبدالله العولقي

بريكس.. الواقع والطموح

الأحد - 27 أغسطس 2023

Sun - 27 Aug 2023

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تشكل النظام العالمي الجديد وفق منظور الحلفاء المنتصرين في الحرب، وعلى إثره تشكل نظام بريتون وودز المالي، والذي يسمح للدولار بأن يكون العملة الرئيسة للتداول التجاري حول العالم.

بعدها اندلعت ما يسمى بالحرب الباردة بين قطبي العالم حينها: الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وانقسم العالم حسب رؤية ذلك العصر إلى كتلة شرقية مع موسكو، وكتلة غربية مع واشنطن.

هذه الأيام، تعود حالة الصراع بنمطية تاريخية مشابهة إلى حد ما مع تلك الحالة التاريخية، بيد أن الانقسامية العالمية اليوم ليست باتجاه الشرق والغرب، ولكنها تتخذ اتجاه صراع الشمال والجنوب، كما يقول بعض المتابعين لحالة الصراع.

الشمال الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا سياسيا مع جناحها الناتو عسكريا في مواجهة التكتل الجنوبي، أو ما يطلق عليه اليوم تحالف بريكس والذي يضم كلا من: الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

تكمن أهمية تحالف بريكس كون نصف سكان العالم تقريبا ينتمون إلى هذا التحالف العالمي، إضافة إلى أن إنتاج المجموعة البريكسية يمثل نحو ربع الإنتاج العالمي، كما يبلغ حجم تجارة التحالف ما يقارب 17% من إجمالي حجم التجارة العالمية، وهذا يكفي للإشارة بأن هذا التحالف الاقتصادي يشكل رقما ماليا صعبا في المعادلة الاقتصادية الدولية، وهذا يفسر تقديم أكثر من 40 دولة حول العالم طلبا للانضمام إلى هذه المجموعة الناشئة.

قبل أيام، عقد تحالف بريكس اجتماعه الدوري في جوهانسبيرغ، عاصمة جنوب أفريقيا، وسط ظروف عالمية متوترة بين دول التحالف البريكسي والغرب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن المحور الرئيس الذي تدور عليه مهمة البريكس تقتضي برفض الهيمنة الاقتصادية والسياسية الغربية على الساحة الدولية.

فاقتصاديا، يسعى تحالف بريكس إلى تقويض هيمنة الدولار عالميا، خصوصا نظام التحويلات الدولية، وكذلك نظام مدفوعات التجارة العالمية؟ ولتحقيق هذا الهدف، يسعى التحالف إلى إنشاء ما يسمى ببنك التنمية العالمي، كما يسعى التحالف أيضا إلى تدشين عملة رئيسة جديدة لتحل محل الدولار الأمريكي في نظام التحويلات التجارية بين الدول الأعضاء.

دول البريكس تواجه تحديات عدة أمام إنجاح تحالفها الاقتصادي، لكن تظل الخلافات البينية الداخلية، وانعدام الرؤية الموحدة أهم تلك العوائق التي يواجهها البريكس لتحقيق أهدافه، وحول هذه النقطة تحديدا يكثف الإعلام الغربي هجومه على هذه المجموعة، والتشكيك في قدراتها على خلق نظام اقتصادي عالمي مواز للنظام الغربي الحالي، ولا سيما أن المعطيات الاقتصادية الواقعية في عالم اليوم تؤكد أن الدولار لا يزال يتمتع بقوة وهيمنة دولية طاغية، فهو العملة الأساسية في نظام المبادلات التجارية بنسبة 75% في التجارة الدولية، كما أن احتياطات العملات الأجنبية في البنوك المركزية لا تزال مرتكزة على الدولار الأمريكي، ولذا من المبكر الحديث عن أفول نظام الدولار وتلاشي عهده.

في الختام.. هل سينجح نظام بريكس في إبراز واقع نظام دولي جديد داخل البيئة الاقتصادية العالمية، وتدشين نظام سياسي جديد يقوم على فكرة تعدد القطبية الدولية، أم إن نظام الدولار الحالي سيقى هو المهيمن على اقتصاد العالم؟.

الأكيد، أن قادم الأيام سيشهد مرحلة صراع اقتصادي بين الشمال والجنوب، إن صح التعبير.

albakry1814@