بسام فتيني

صمت المتحدثين الرسميين!

الأحد - 27 أغسطس 2023

Sun - 27 Aug 2023

لست ممن ينقدون لمجرد الانتقاد، أو على الأقل هذا ما أحاول القيام به منذ ولجت دهاليز بلاط صاحبة الجلالة، لكن قد نضطر أحيانا للنقد بحب، فالنقد الصادق الصادر من المحب الذي يفاخر بوطنه لن يكون إلا معول بناء لمن يفهم، لذلك نقدي هذه المرة يستهدف الصمت والكسل الذي ألاحظه وغيري على أغلب متحدثي الوزارات والهيئات والجهات الحكومية وشبه الحكومية، فعادة لا تسمع لهم صوتا إلا حين حصول مشكلة ما أو انتشار إشاعة ما أو ظهور لمحاولة تبرير وتصحيح معلومات مغلوطة تنشر وتنتشر ثم يظهر المتحدث لينفي ويطالب الناس بأخذ المعلومات من مصادرها، وكيف نأخذها من فم صامت؟ هذه المشكلة باختصار فما الحل؟

أعتقد أن الحل موجود وتم اختباره بنجاح سابقا حين كانت (المدرسة القديمة) تتواجد على رأس الهرم وكان يشغلها أبناء المهنة والمنصب القدامى ممن يعون جيدا كيف أن استباق صنع الشائعات يكون بنشر المعلومات الصحيحة أولا عبر الصحافة والإعلام وكتاب الرأي، صحيح أن أدوات التأثير اليوم قد تختلف ولذلك لا يمنع أن يواكب المتحدثون الرسميون الزمن فيستعان ببعض المؤثرين (الحقيقيين) من المشاهير والذي يصل تأثيرهم لمئات الآلاف وأحيانا الملايين من البشر فيتم حينها قطع دابر الإشاعة وهي في مهدها.

ولكي أكون منصفا دعوني أصدقكم القول أن بعض المسؤولين لازال لديهم هذا المنهج الجميل ويلتقون بين فينة وأخرى بالكتاب ورجال الصحافة الرصينة وبعض مؤثريها ولاعبيها الأساسيين لكن ذلك لا يكفي، ويجب في ظني أن تستنسخ هذه التجربة الجميلة في جميع القطاعات وخاصة القطاعات الصامتة والقطاعات التي تمس شريحة كبرى من المجتمع.

لعلي أتفاءل كثيرا بالمتحدثين الرسميين الجدد والمعينين حديثا في بعض القطاعات ممن تدرجوا في المجال وصعدوا سلم المهنة درجة درجة وبإتقان، لكنهم حتى الآن لازال الصمت رفيقهم منذ لحظة إعلان تعيينهم وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لذلك أختم بنصيحتي لهم وأقول: بادر بالاستماع قبل أن تأتيك موجة الرد والنفي العابر لقصة ما، اصنع أنت الوعي المسبق بنشر المعلومة الموثوقة قبل أن يفتح المجال للاجتهادات، فقد علمتنا الحياة أن انتشار الإشاعة لا يكلف شيئا لكن نفي الخطأ فيها وتصحيح المعلومة قد يكلف الكثير الكثير وقد يصل وفي أغلب الأحايين لا يصل!

BASSAM_FATINY@