غياب التطوير عن الحراسات الأمنية الخاصة يثقل كاهل المنشآت بكوادر ضعيفة

السبت - 26 أغسطس 2023

Sat - 26 Aug 2023

وجود الحراسة الأمنية يعد قرارا إلزاميا فرضته الجهات الحكومية على منشآت القطاع الخاص، في حين تستغل الشركات الأمنية الخاصة هذا القرار بتوفير كوادر ضعيفة مضطرة للعمل برواتب متدنية، مما يدفع بعض المنشآت التي تدرك أن دور حراس الأمن شكلي فقط، إما للتحايل على النظام أو اللجوء للتعاقد مع الشركات الأرخص سعرا.

فلماذا لا تفرض الجهات الحكومية المزيد من الضوابط على الشركات الأمنية الخاصة، لتوفير كادر أمني مؤهل للحراسة، بالإضافة إلى جعلها مهنة مرغوبة بمميزات وحوافز يسعى الفرد للحصول والحفاظ عليها كأي مهنة أخرى لا يستهان بها؟

«مكة» تطرح هذا الموضوع للنقاش من قبل عدد من الكتاب وأصحاب الرأي السعوديين.

بين الإلزام وضعف التأهيل

‏«موظفو الحراسة الأمنية للشركات يعانون من ضعف الرواتب لسببين، الأول طبيعة الوظائف بسيطة، حيث أنها لا تتطلب مستوى تعليميا مرتفعا ولا مستوى مهنيا ولا فنيا، والسبب الثاني أن شركات الحراسة الأمنية لا ينطبق عليها «الحد الأدنى للرواتب لاحتساب الموظف السعودي في نسبة التوطين» نظرا لأن هذه الشركات يعمل بها أعداد قليلة جدا من الوافدين مقارنة بالسعوديين لطبيعة أعمال شركات الحراسة الأمنية.

‏حددت الوزارة حدا أدنى لرواتب الحراسة الأمنية لمشاريع العقود الحكومية بـ 4500 ريال شهريا، وربما يتطلب من الوزارة وضع هذا الحد الأدنى من الرواتب لعقود الحراسة الأمنية للشركات الكبيرة مثل البنوك وشركات التموينات الغذائية الكبيرة.

‏ربما يصعب تقبّل حراس أمن الشركات لفكرة تطوير الذات ولكن مجرد قبول قليل منهم سيسهم في تحسين أحوالهم المالية مستقبلا. أيضا ربما اقتراح إنشاء جمعية لأصحاب الرواتب المتدنية ترعى مصالحهم بتقديم خصومات جماعية، حيث إنهم يكونون قوة شرائية قوية، فبكل تأكيد تحرص شركات التموينات الغذائية وشركات الاتصالات وشركات التجزئة الأخرى على الاستفادة من هذه القوة الشرائية».

برجس البرجس

«حال ومعاناة حراس الأمن أمر جلي عن التعريف.. المفارقة هنا أن الحاجة المتزايدة إلى حراس الأمن تفترض ارتفاع الأجور حسب قانون العرض والطلب الأول؛ إنما الأرقام تبين أن متوسط الرواتب لحارس الأمن هو (5000) ريال ما زال أقل من متوسط الأجور السائد.. فما هي الأسباب؟!

هل هو نقص الوعي عند حارس الأمن للبحث عن فرص أفضل.. أو أن ضغوط الالتزامات الحياتية لا تترك له الكثير من المساحة.. أم أن تجنب الشركات لتكلفة برامج التدريب التي ترفع تأهيل ورواتب حراس الأمن هو بهدف تقليص النفقات ورفع مستوى الربحية؟

في المقابل ترى بعض الدراسات المتخصصة أن التعقيد في اللوائح يستغرق نصيبا من الموارد والوقت والجهود وقد يزيد التكلفة المادية.. فهل لدى هذه الشركات الإلمام والخبرة الكافية وهل تحتاج إلى التوعية والدعم هنا؟ وأخيرا هل هناك كادر وظيفي يتضمن تناسب الراتب والمكافآت مع المؤهلات والقوة الجسدية والمجهود المطلوب للعمل؟

ختاما، الأمر الجيد أن اهتمام الأجهزة الحكومية أثمر عن الكثير سواء في تحسين ظروف العمل أو في رفع الحد الأدنى للأجور في عام 2022 ولا تزال الجهود والتوصيات مركزة على تحسين نوعية الحياة في هذا القطاع عالي الأهمية».

‏ريما رباح

«قبل كتابتي لمقال منشور بعنوان (أحرسك وأحتاج من يحرسني منك) تناقشت بإسهاب مع مجموعة من حراس أمن لشركة تعدين كبرى تزيد رواتب مهندسيها ومدرائها الأجانب نحو 100 ألف ريال للواحد منهم وبنسبة تصل إلى 60% غير سعوديين، إذ تأخذ من خيرات هذا البلد المعطاء وتعطي أبناءه فتات ما تبقى من مبالغ ضخمة خرجت لدولهم بتوظيفهم كحراس أمن صناعيين لا يتجاوز دخل الواحد منهم 3500 ريال وبتأمين طبي متدني المستوى وبدون دورات أو تعريف حتى بأي من الغازات المستخدمة في التعدين وكيفية التعامل مع تسريباتها والتي قد تصل آثارها إلى الوفاة خلال دقيقتين من الاستنشاق.

بينما بنفس هذه الوظيفة في شركات تعي معنى المواطنة تجدها تنفق على نفس الفئة من الحراس ما لا يقل عن 15 ألف ريال شهري ما بين رواتب وتدريب وتأمين طبي بفئة عالية له ولأسرته، أما في الحراسات الأمنية المدنية فهؤلاء الحراس ضحية حيتان شركات التشغيل، فتجد حارسا يعمل بعقد رسمي مع الجهة يتقاضى 8000 ريال ومعه في نفس غرفة الحراسة زميل قد يكون بشهادة أعلى ولكن لا يتعدى دخله 3700 ريال كون حظه العاثر جعله يتوظف بنظام الساعة مع شركة مشغلة أكلت الأخضر واليابس وأبقت البؤس لمن يعمل معها.

أما الحلول فقد تميز فيها صندوق الاستثمارات العامة بإيجاد مثل الشركة الوطنية للخدمات الأمنية (سيف) والتي جعلت حتى دولة في تقدم وازدهار كقطر تحتاج إلى خدماتها الأمنية في كأس العالم لما لدى شبابنا السعودي من روح عالية في الالتزام وجودة الأداء في حال أن وجد مكانا حقيقيا له».

حماد القشانين

التوطين وحده لا يكفي

«أعتقد أن هذا القطاع مثله مثل العديد من القطاعات التي صدر قرار بتوطينها قبل وضع خطة تجعل منه ذا قيمة.

للأسف أصبحت هذه المهن حكرا على شريحة من المجتمع يغلب عليهم عدم الانضباط السلوكي، أو من ذوي الأعمار الكبيرة التي لا تستطيع تقديم أي إضافة.

ومن يستمع لأصحاب الأعمال ممن يتعاقدون مع شركات أمنية لتوفير أفراد للحراسات، عن المخالفات التي ترتكب منهم، فسيقرر الاستغناء عن هذه الخدمة، غير أنه ملزم بسلطة النظام أن يجلب لنفسه التعاسة.

الأكيد أنه بالإمكان استنساخ تجربة أرامكو مع الأمن الصناعي وإلزام الشركات العاملة في هذا المجال بها، حيث تحول هذا القطاع إلى علامة فارقة أجبرت العديد من القطاعات الحكومية على الاستعانة به.

والأهم أنه إذا استمررنا بالنظر لهذا القطاع باعتباره مكانا لجمع أصحاب الشهادات الدنيا أو العاطلين عن العمل، فسنكون قد حكمنا على هذا القطاع بالفشل، وإجبار الشركات على دفع مبالغ غير مستحقة لخدمة غير مستفاد منها».

موفق النويصر

هيئة الحراسات الأمنية المدنية الخاصة

«قطاع الحراسات الأمنية المدنية الخاصة يعد قطاعا حيويا ومهما في حماية وتنظيم مواقع المنشآت الخاصة وبالذات الحيوية منها، وهو معزز لمنظومة الأمن الداخلي الوطني دون شك، ومن المهم أن يكون على مستوى عال ومتوائم مع مستوى الأمن العام الحكومي، إلا أنه ومن خلال ما يكتب عن القطاع في وسائل الإعلام والتواصل المختلفة ومن خلال التقصي من بعض العاملين في القطاع كحراس أمن أو مشرفين أو منتسبين في إدارة شركات الحراسات الأمنية الخاصة، يظهر هناك ضعف في واقع الحراسات الأمنية المدنية الخاصة رغم وجود لائحة تنظيمية رسمية منذ سنوات طويلة، وهذا الضعف في جوانب مختلفة كضعف مستوى المهارات اللازمة لحراس الأمن، وضعف مستوى التأهيل والخبرات العملية، وضعف مستوى التدريب، وضعف مستوى الرواتب والحوافز الأخرى فضلا عن عدم انتظامها وضعف مستوى إدارة شراكات الحراسات الأمنية الخاصة، وضعف التزام أصحاب المنشآت الخاصة مع شركات الحراسات الأمنية، وأعتقد أن معالجة ضعف القطاع يسيرة جدا إذا ما أخذنا في الاعتبار حجم الفرص الوظيفية الهائلة التي يوفرها القطاع للمواطنين الشباب.

وقد تكون البداية المناسبة بإنشاء كيان وطني (هيئة أو مجلس مثلا أو خلافه) يعنى برسم استراتيجية وطنية لهذا القطاع وتقديم الدعم اللازم له على غرار ما تقدمه وزارة التجارة للقطاع الخاص، ثم تطوير نظام الحراسات الأمنية المدينة الخاصة وتضمينه لحدود الأجور والمزايا للعاملين في القطاع ونوع التدريب الأساسي الذي يجب أن يتلقاه العاملون في الحراسات الأمنية المدنية الخاصة، وهنا قد يكون من المناسب تلقي التدريب الأولى أو الأساسي في مراكز تدريب قوات الأمن العام لضمان التأهيل الأمني القوي وإكسابهم المهارات الكافية للقيام بمهام الحراسات على أكمل وجه في إطار شراكات بين وزارة الداخلية وقطاع الحراسات الأمنية المدنية الخاصة، ويستمر التدريب المهني بعد ذلك على رأس العمل في مراكز التدريب الخاصة التي تقدم دورات الأمن والسلامة بمختلف أنواعها ووفق نوع وطبيعة واحتياج المنشآت الخاصة، ومن الضروري رفع معايير وشروط منح التراخيص لشركات الحراسات الأمنية المدنية الخاصة ونوع تنظيماتها ونمط إدارتها ومراكزها التدريبية الخاصة بحيث تخضع لنظام حوكمة قوي يمكنها من أن تصبح شركات حراسة أمنية خاصة عالمية وليس محلية فقط.

وإذا ما نجحنا في جعل هذا القطاع جاذبا للعمل من خلال تنظيماته ومزاياه وجودة إدارته وحوكمته سينعكس ذلك على جوانب كثيرة أبرزها تخفيض نسب البطالة ورفع مستوى أمن المنشآت المدنية الخاصة وتحقيق الاستقرار النفسي والمادي لشريحة كبيرة من العاملين في القطاع».

طلال الشريف

التخصصية في التأهيل

«الحراسات الأمنية تلعب دورا مهما ومكملا لدور الجهات الأمنية الحكومية، ولكي يتم البناء على أسس سليمة فيجب إعداد بنية تحتية أمنية صلبة قابلة للاستمرار واعتبارها جزءا من الاستثمار، فالأمن يعتبر من الأرباح، ولكن غير المسجلة في دفاتر المحاسبة ولا أجندات المسؤولين، فالنظر لأمن وسلامة المنشأة يجب أن يكون كالنظر للإنتاجية والأرباح.

فما نلاحظه من حال معظم العاملين في الشركات الأمنية من تذمر عن قلة الرواتب مع ما يطالها من الحسومات والتأخير وانعدام البدلات والحوافز، وكذلك عدم مبالاة بعضهم الأمر الذي ينعكس على مظهره وقيافته وهو واجهة المنشأة التي يعمل بها حيث يكون في استقبال وتوديع العاملين والزوار.

لابد لوزارة الداخلية والهيئة العليا للأمن الصناعي ووزارة الموارد البشرية والجهات ذات العلاقة من التدخل لتصنيف هذه الشركات وتأهيلها ومراقبتها، وإنشاء أكاديميات لتأهيل وتدريب رجال الأمن وإعداد الوصف الوظيفي لكل فئات رجال الأمن وإصدار رخص مهنية لهم، وإلزام الشركات بحد أدنى للرواتب، وصرف بدل الأمن الصناعي أسوة بمن يعملون في مجال الأمن الصناعي في المنشآت والشركات الكبرى وتوحيد الزي.

كما ينبغي في التدريب والتأهيل مراعات التخصصات المختلفة حسب نوع المنشأة المزمع حراستها من سياحية وتعليمية ومصرفية وسكنية وخلافها.

وأنا أرى أن إشراف الهيئة العليا للأمن الصناعي المباشر على هذا القطاع كفيل بتصحيح الأوضاع، وجعل هذا القطاع بيئة جاذبة، وتحسين نظرة المجتمع لهذه الفئة».

عبدالله أحمد الزهراني

«من أهم الوظائف التي لم تحظ باهتمام من شركات التوظيف ولا حتى من قبل شركات التشغيل، وبقيت مهملة ومهمشة وتدفع مرتبات متدنية للعاملين فيها، بدون تحديد ساعات عمل يومية، فضلا عن غياب حقوقهم الوظيفية سواء إجازات سنوية أو علاوات أو ترقيات، كما أن عمر العمل في هذه الشركات قصير لا يستمر طويلا.

شركات الحراسات المحلية اعتمدت في توظيفها، على العسكريين المتقاعدين، ولهذا لا تمنح العاملين لديها أي مزايا وظيفية، سواء دورات تدريبية أو مهارات عمل، نظرا لمرتباتها المتدنية الضعيفة، التي لا تتجاوز من 3 إلى 4 آلاف وأحيانا تصل 5 آلاف، ولكن تحرمهم من بدل السكن والمواصلات والتأمين الطبي.

شهدت المهنة نموا في السنوات الأخيرة والطلب عليها ارتفع مع فرض الجهات الحكومية المزيد من الضوابط والشروط على المنشآت الخدمية وأهمية تواجد حراس أمن فيها، للأسف الشركات الأمنية تحصل على عقود بمبالغ عالية سواء لحراسات مراكز التسوق أو المباني التجارية وغيرها من المرافق، ولكن ما يصل للعاملين فيها الفتات.

وللأسف هذه الوظيفة لا تجد الاهتمام والتقدير من المجتمع، فكل مرفق تجاري يتطلب نوعا معينا للحراسات الأمنية، فحراس الأمن في البنوك يختلف عملهم عمن هم في مراكز التسوق أو المباني التجارية، لقد رأيت حراس أمن في الكثير من الدول، لديهم تدريب عال لمواجهة مختلف أنواع الظروف، وأيضا إدارة الحشود وتنظيم الحركة، مع مزيد من التدريب، وأيضا المظهر اللائق، فيما نجد أن الحراس لدينا ملابسهم متسخة، ومرتباتهم ضعيفة، ومظهرهم لا يقنعك أنه حارس أمن، وفي الواقع أن الموارد البشرية لم تعط لهذه المهنة أهمية وتقديرا، مثلما أعطت للكثير من المهن المزايا».

جمال بنون

تعزيز الانتماء الوظيفي

«من المعروف والمتعارف عليه أن لكل مهنة مسارا وظيفيا بدرجات أو مستويات أو مراتب يشجع العاملين على الاستمرار، ولكن هذا لا نشاهده في معظم وظائف الحراسات الأمنية التي مازالت تقبع ركودا في أسفل قائمة هذه المسارات من حيث المرتبات والدورات التطويرية والتأهيل مما يؤثر على الانتماء الوظيفي وهذه من أهم أسباب العزوف عن تلك الوظائف وجعلها ممرا للكثير لا يمكثون فيها سواء أشهر أو أيام.

يجب الاهتمام بوظائف الحراسات الأمنية؛ ليكون لها كيان وشأن وذلك بالتأهيل لها من خلال الدورات التدريبية وأيضا تطبيق مسار تدريجي حسب المؤهلات والقدرات والخبرات. وهنا لا أعني بالتأهيل فقط الدورات التدريبية النظرية بل لابد أن يكون للقوة البدنية أيضا مجال لأن هذه الوظائف تحتاج إلى ذلك».

دخيل سليمان المحمدي

«مجال حيوي ومهم كونه يمس شريحة لا يستهان بها في عددها واستعدادها للعمل في هذا النوع من الأعمال.

مواصفات الشخص المتقدم لمثل هذه الوطائف تتطلب نوعا من القوة الجسمانية والاستعداد البدني لممارسة أي أسلوب بدني رادع يسهم في استتباب الأمن في المنشأة ويحمي نظامها وعامليها ومستفيديها.

رواتب هذه الفئة متدنية والشركات الخاصة التي تدير مثل هذه المشاريع التوظيفية قد تجور عليهم وهذا يتطلب نظرة عدالة ومساواة ومواساة لهؤلاء الموظفين خاصة أنهم يقومون بأعمال أمنية تتطلب منهم الولاء الكامل للمهنة وللمؤسسة التي يتبعون لها».

علي المطوع

«الحراسات الأمنية.. إن صح التعبير هي مهنة من لا مهنة له سواء في البنوك أو الأسواق.. بمعنى أنها للمضطرين (ماديا، بعد التقاعد خاصة العسكريين، من لم يجد وظيفة من الشباب)، وتعتمد على حسن القيافة والصحة العامة.

ولو كان هناك شيء من المحفزات المادية والصحية والسكنية لكان التهافت عليها غير طبيعي. عكس الحراسات الأمنية للشركات الصناعية في مدينتي الجبيل وينبع فهي وظيفة جيدة ومطمع لكل شاب يريد سرعة التوظيف؛ نظرا لمناسبة الامتيازات».

عبدالرحمن الأحمدي