برجس حمود البرجس

فيلم كواليس فاتورة

السبت - 26 أغسطس 2023

Sat - 26 Aug 2023

حضرنا الأسبوع الماضي الفيلم الوثائقي «كواليس فاتورة»، والذي أطلقته هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.

استعرض الفيلم قصص نجاح تطبيق منظومة الفوترة الالكترونية، ودورها في دعم الاقتصاد الوطني، وحمايته من ممارسات الاقتصاد الخفي والتستر التجاري، وبقية الشوائب التي تحارب المنافسة العادلة، ولا تحفظ حقوق المستهلك.

عملية الربط الالكتروني في منظومة الفوترة الالكترونية، والتي أكملت مرحلتها الأولى بنجاح وتميز، وهي عملية إصدار وحفظ الفواتير الكترونيا شاملة جميع متطلباتها، وبدأت مرحلتها الثانية - مرحلة الربط والتكامل - وهي الربط الالكتروني بين أنظمة المكلفين - البائع والمشتري - بطريقة مؤتمتة 100%، وهذه المرحلة تطبق على مراحل عدة مجزأة.

وبعد اكتمال هذه المرحلة ستكون جميع العمليات الشرائية الخاضعة لضريبة القيمة المضافة، سواء كانت لسلع أو خدمات، ستكون معروفة ومؤتمتة، وستتكامل مع بقية الأنظمة الأخرى لتكون حصنا منيعا لحماية الاقتصاد من جميع الممارسات، والتي تكوّن اقتصادها الخفي.

التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية وجاهزية بنيته التحتية، ومواكبة القطاع الخاص للتطورات الالكترونية، أسهمت جميعا في نجاح قصة منظومة الفوترة الالكترونية، والتي تعد صمام الأمان للحماية وضمانا لبناء اقتصاد يحمي التنافسية، والذي خلاله نطمح لتنمية اقتصاد مزدهر ومستدام وقابل للتوسع، وولّاد للفرص الوظيفية.

لم تكن لتفاصيل رؤية المملكة أن تنجح دون توفير عوامل مهمة، والتي منها «الفوترة الالكترونية»، وهي المسهم الأكبر لمعرفة مصدر ووجهة كل فاتورة تتم لعملية شرائية أو تعاقدية.

سلّط الفيلم الوثائقي الضوء على جميع المعطيات التي أسهمت في جعل المملكة أحد أسرع دول العالم في تطبيق مشروع «الفوترة الالكترونية»، إذ وصل عدد أنظمة الفوترة الالكترونية المرتبطة بمنصة فاتورة أكثر من 14 ألف نظام، وتمت مشاركة حوالي 500 مليون فاتورة الكترونية عبر المنصة.

أما عدد المنشآت التجارية الخاضعة لضريبة القيمة المضافة، والتي طبقت نظام الفوترة الالكترونية في مرحلته الأولى - الإصدار والحفظ - فقد تخطى عددها 300 ألف منشأة.

استعرض الفيلم - كواليس فاتورة - والذي امتدت مدته إلى 18 دقيقة، رحلة الريال من منشأ السلعة والخدمة ومرورها بالمستوردين والوكلاء وموزعي الجملة ومنافذ البيع، وحتى إعادة شرائها وبيعها حتى تصل إلى تاجر يمكن أن يبني عليها منتجات أخرى، وحتى الوصول إلى المستهلكين النهائيين.

رحلة الريال أو ربما نستطيع أن نسميها رحلة دوران الريال ومحطاته المختلفة، لا يمكن لأي نظام عالمي تتبعها ومعرفة دهاليزها الحميدة والضارة للبلد وسكانه ومستقبلهم، حتى أتى نظام «الفوترة الالكترونية» ليسهل عملية التتبع وأيضا معرفة حجم تحرك الأموال وضخامة الاقتصاد، لرسم مستقبله واستدامته، هذا استنتاج يستطيع الوصول إليه أي شخص يفهم عناصر الفاتورة الالكترونية ويشاهد الفيلم.

المواطن البسيط لا يستطيع ضمان حقوقه إلا بالفاتورة، فضلا عن حرصه على أن تكون فاتورة نظامية الكترونية مستوفاة الشروط. وفيلم «كواليس فاتورة»، والذي استهدف في تفاصيله شرائح مختلفة من المجتمع، وأيضا كان مترجما بشريط كتابي باللغة الإنجليزية، وضّح مثالا بسيطا لطالب جامعي اشترى جهاز تلفزيون بسعر مخفض، اشتراه بمدخرات ما يعادل تقريبا مكافأة شهرين، واكتشف بعد نقله لمسكنه بأن الجهاز متعطل، ثم حاول إرجاعه للبائع الذي أنكر بيعه أصلا، وبما أنه لا يحمل فاتورة فقد ضاعت حقوقه.

تأخذنا الأفكار هنا إلى ما هو أكبر من ذلك، ومدى خطورة تراكمات وأحجام بلد لا يطبق فرض نظام «فوترة الكترونية» متكاملة الأطراف.

رسائل مفيدة اختصرها الفيلم الوثائقي تجعلنا نتسائل: لماذا تطلب بعض المحلات من المشتري أن يدفع نقدا (كاش)؟ أليس الدفع الالكتروني أسهل وآمن لهم؟ أليست الفاتورة الالكترونية تسهل عليهم أعمالهم المحاسبية والتجارية؟

توضيحات مهمة شاهدناها في الفيلم، ويتضح للجميع بأن نظام الفوترة الالكترونية له فوائد كثيرة للجميع.

أما إيهام المشتري بأن البيع نقدا (كاش) يوفر له خصومات، فهذا ليس صحيحا، والحقيقة أن السيولة النقدية في يد المخالف والمجرم تكون سلاحا ومرتعا لأعمال جميعنا لا نتمنى وجودها في بلدنا، مثل: التستر التجاري، والاتجار بالبشر، وغسل الأموال، وتجارة المخدرات، وتجارة الأسلحة، وتهريب الأموال للخارج.

Barjasbh@