السعودية وإيران وعهد جديد
السبت - 26 أغسطس 2023
Sat - 26 Aug 2023
بات واضحا للمراقب الفطن أن المملكة العربية السعودية قد تغير نهجها السياسي، واختلفت زاوية الرؤية التي تنطلق منها حال رسم خارطتها على الصعيد السياسي والاقتصادي وصولا إلى الثقافي، وذلك منذ أن تولى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، دفة قيادتها، برعاية ومتابعة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله.
وفي قناعتي فقد مثل خطاب الأمير محمد بن سلمان في قمة جدة للأمن والتنمية في يوليو2022م بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقادة دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر، والعراق، والأردن، اللبنة الرئيسة الذي شكل ملامح وطبيعة المرحلة القادمة، وكان الأساس لرسم خارطة طريق واضحة يمكن تنفيذها.
حيث شدد سمو الأمير في كلمته على أهمية «تكثيف التعاون المشترك في إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي تقوم على احترام سيادة الدول وقيمها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام استقلالها وسلامة أراضيها، ودعا إيران باعتبارها دولة جارة يربطنا بشعبها روابط دينية وثقافية إلى التعاون مع دول المنطقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والوفاء بالتزاماتها في هذا الشأن، كما أكد بأن ازدهار المنطقة ورخاءها يتطلب الإسراع لإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية وفقا لمبادرات وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وأن اكتمال منظومة الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة يتطلب إيجاد حلول واقعية للأزمات الأخرى لا سيما في سوريا وليبيا بما يكفل إنهاء معاناة شعبيهما الشقيقين».
هكذا يكشف الخطاب عن ملامحه بشكل مباشر، ويرسم خارطة الطريق المستقبلية بصورة واضحة، ويؤكد وجوب الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية وفقا للمبادرة العربية لضمان تحقيق الازدهار والرخاء للمنطقة، كما يؤسس لفكرة سياسية مهمة وهي الالتزام بالحلول الواقعية كقاعدة لبناء استراتيجية سياسية من جهة، ومرتكزا للحوار مع الطرف الآخر، وهو ما شكل منطلقا للحوار مع الحكومة السورية والتي بموجبها أعيدت العلاقات السعودية السورية، وكان حضور الرئيس السوري للقمة العربية الأخيرة بمدينة جدة.
على أن ما يهمنا في هذا الخطاب كان في طبيعة الأسلوب الذي خص به سمو الأمير إيران، حيث وصفها بأنها «دولة جارة يربطنا بشعبها روابط دينية وثقافية»، وكأني به يريد أن يقول لهم: كفى خوضا في الحديث الفائت الذي قاد مفاصله المتشددون لدينا ولديكم، والذين حصروا علاقاتنا في ثنايا صراع مذهبي ما أنزل الله به من سلطان، ودعونا نركز وإياكم على ما بيننا من قواسم مشتركة رئيسة سواء على الصعيد الديني، حيث ننتمي جميعا إلى دين واحد، ونلتزم جميعا بأركان الإسلام الخمسة، كما تربطنا ثقافة مسلمة شكل مفاصلها عمق الارتباط الحضاري والاجتماعي بين ساحلي الخليج وصولا إلى باقي أرجاء الجزيرة العربية ووادي الرافدين.
هكذا، وانطلاقا من هذه المفاهيم، أنظر إلى طبيعة ونتيجة الحديث المطول الذي جرى بين سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان والذي استمر قرابة 90 دقيقة، وهو ما أعلنه الوزير الإيراني في تغريدته بعد اللقاء حين قال: «لقد اتفقنا على تعزيز الأمن والتنمية لجميع دول المنطقة»، مبينا بأن «العلاقات مع الرياض تسير في الاتجاه الصحيح، وأنه يمكن العمل على حل الموضوعات الإقليمية العالقة».
أشير إلى أننا قد اختطفنا ــ وطوال عقود سالفة ــ من قبل خطاب متشدد أطلق على نفسه اسم «الصحوة» وهو منها بعيد، فأرهقنا كمجتمع، وقطع ما بيننا من أواصر باسم الدين، بل ورسم جانبا كبيرا من خارطتنا الذهنية التي أثرت على رؤيتنا الثقافية والمجتمعية وصولا إلى السياسية في بعض المفاصل، على أن كل ذلك قد تغير مع الرؤية السعودية الجديدة التي تحررت من الفهم الخاطئ للدين، ونزعت تلك الأغلال المتشددة التي أسهمت في تأخير مشروعنا التنموي، وهو ما نرجو أن يدركه العالم اليوم، وتدركه إيران بوجه خاص، لنتمكن من تنمية العلاقات المشتركة بما تقتضيه المصلحة، بعيدا عن أي اصطفاف طائفي وتأجيج مذهبي. فهل إلى ذلك سبيل؟
zash113@
وفي قناعتي فقد مثل خطاب الأمير محمد بن سلمان في قمة جدة للأمن والتنمية في يوليو2022م بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقادة دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر، والعراق، والأردن، اللبنة الرئيسة الذي شكل ملامح وطبيعة المرحلة القادمة، وكان الأساس لرسم خارطة طريق واضحة يمكن تنفيذها.
حيث شدد سمو الأمير في كلمته على أهمية «تكثيف التعاون المشترك في إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي تقوم على احترام سيادة الدول وقيمها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام استقلالها وسلامة أراضيها، ودعا إيران باعتبارها دولة جارة يربطنا بشعبها روابط دينية وثقافية إلى التعاون مع دول المنطقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والوفاء بالتزاماتها في هذا الشأن، كما أكد بأن ازدهار المنطقة ورخاءها يتطلب الإسراع لإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية وفقا لمبادرات وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وأن اكتمال منظومة الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة يتطلب إيجاد حلول واقعية للأزمات الأخرى لا سيما في سوريا وليبيا بما يكفل إنهاء معاناة شعبيهما الشقيقين».
هكذا يكشف الخطاب عن ملامحه بشكل مباشر، ويرسم خارطة الطريق المستقبلية بصورة واضحة، ويؤكد وجوب الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية وفقا للمبادرة العربية لضمان تحقيق الازدهار والرخاء للمنطقة، كما يؤسس لفكرة سياسية مهمة وهي الالتزام بالحلول الواقعية كقاعدة لبناء استراتيجية سياسية من جهة، ومرتكزا للحوار مع الطرف الآخر، وهو ما شكل منطلقا للحوار مع الحكومة السورية والتي بموجبها أعيدت العلاقات السعودية السورية، وكان حضور الرئيس السوري للقمة العربية الأخيرة بمدينة جدة.
على أن ما يهمنا في هذا الخطاب كان في طبيعة الأسلوب الذي خص به سمو الأمير إيران، حيث وصفها بأنها «دولة جارة يربطنا بشعبها روابط دينية وثقافية»، وكأني به يريد أن يقول لهم: كفى خوضا في الحديث الفائت الذي قاد مفاصله المتشددون لدينا ولديكم، والذين حصروا علاقاتنا في ثنايا صراع مذهبي ما أنزل الله به من سلطان، ودعونا نركز وإياكم على ما بيننا من قواسم مشتركة رئيسة سواء على الصعيد الديني، حيث ننتمي جميعا إلى دين واحد، ونلتزم جميعا بأركان الإسلام الخمسة، كما تربطنا ثقافة مسلمة شكل مفاصلها عمق الارتباط الحضاري والاجتماعي بين ساحلي الخليج وصولا إلى باقي أرجاء الجزيرة العربية ووادي الرافدين.
هكذا، وانطلاقا من هذه المفاهيم، أنظر إلى طبيعة ونتيجة الحديث المطول الذي جرى بين سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان والذي استمر قرابة 90 دقيقة، وهو ما أعلنه الوزير الإيراني في تغريدته بعد اللقاء حين قال: «لقد اتفقنا على تعزيز الأمن والتنمية لجميع دول المنطقة»، مبينا بأن «العلاقات مع الرياض تسير في الاتجاه الصحيح، وأنه يمكن العمل على حل الموضوعات الإقليمية العالقة».
أشير إلى أننا قد اختطفنا ــ وطوال عقود سالفة ــ من قبل خطاب متشدد أطلق على نفسه اسم «الصحوة» وهو منها بعيد، فأرهقنا كمجتمع، وقطع ما بيننا من أواصر باسم الدين، بل ورسم جانبا كبيرا من خارطتنا الذهنية التي أثرت على رؤيتنا الثقافية والمجتمعية وصولا إلى السياسية في بعض المفاصل، على أن كل ذلك قد تغير مع الرؤية السعودية الجديدة التي تحررت من الفهم الخاطئ للدين، ونزعت تلك الأغلال المتشددة التي أسهمت في تأخير مشروعنا التنموي، وهو ما نرجو أن يدركه العالم اليوم، وتدركه إيران بوجه خاص، لنتمكن من تنمية العلاقات المشتركة بما تقتضيه المصلحة، بعيدا عن أي اصطفاف طائفي وتأجيج مذهبي. فهل إلى ذلك سبيل؟
zash113@