عبدالمعين عيد الأغا

طول ابني توقف!!

الأربعاء - 23 أغسطس 2023

Wed - 23 Aug 2023

زارت عيادتي أسرة برفقة ابنها، وكانت الشكوى حول توقف نمو طوله والبحث عن سبب ذلك ومدى إمكانية علاجه بعد أن تجاوز مرحلة البلوغ.

رأيت من المهم أن أتناول هذا الموضوع في هذه المساحة، لكون هذه الشكوى من أكثر التساؤلات التي تتردد على أطباء غدد الأطفال، إذ تعتبر إشكالية كبيرة لكونها تحرم الكثير من الأطفال فرصة العلاج الصحيح والوصول إلى «الطول المناسب» بسبب تأخر التشخيص وعدم حصولهم على العلاج في المرحلة المناسبة.

بشكل مبسط وحتى تكون الإجابة واضحة ومحددة لدى الجميع أشير إلى أنه يتم تشخيص الطفل في البداية من خلال إجراء أشعة الكف التي تكشف العمر العظمي وتبين فجوة العظم، فإذا كانت هذه الفجوة قد أغلقت تماما فإنه لا يمكن علاجه بإبر هرمون النمو نهائيا ويكون الحل أمامه عمليات التطويل جراحيا فقط، أما إذا كانت مفتوحة فإنه يجرى له تحليل الهرمون ومن ثم البدء في العلاج.

وحتى تكون المعلومة أوضح أكثر فإن هناك علاقة بين مرحلة البلوغ المبكر وقصر القامة لدى الطفل، وهنا يجب على الأسرة عدم تجاهل علاج أي طفل عند ملاحظة أن طوله توقف، فالهدف الرئيس من علاجه هو تمكين الطفل من النمو الصحيح؛ فأهم الأضرار السلبية للبلوغ المبكر المترتبة - كما أشرت - هي قصر القامة المستقبلي؛ حيث إنه خلال فترة البلوغ المبكر تكون القامة طويلة، والإغلاق السريع لفجوات العظم يمكن أن يؤدي إلى توقف النمو في وقت مبكر، وبالتالي قصر القامة لاحقا، فمن العوامل غير المرضية يعتبر التأخر الفسيولوجي للنمو والبلوغ شائعا ويكون سببه تأخر في إفراز الهرمونات من الغدة النخامية بأسباب فسيولوجية وليس بأسباب عضوية.

وفي الأونة الأخيرة زادت حالات البلوغ المبكر عند الأطفال وخصوصا لدى الإناث وهذه الحالات تستوجب معرفة المسببات والتدخل العلاجي إذا لزم من أجل أن ينمو الطفل بالشكل الصحيح، وتوجد عدة عوامل مؤثرة في البلوغ الطبيعي منها الوراثة التي لها دور في تحديد عمر البلوغ لدى الجنسين، إلى جانب العِرق؛ حيث إن بعض الشعوب تتأخر في البلوغ مثل اليابان أو الصين، وفي البعض الآخر يحدث البلوغ مبكرا مثل شعوب المناطق الحارة، كما تلعب البدانة دورا رئيسا في البلوغ المبكر، وخصوصا لدى الإناث؛ حيث إن الخلايا الدهنية تفرز ببتيد اللبتين الذي من شأنه تحفيز محور منطقة ما تحت المهاد - الغدة النخامية - الغدد التناسلية، العوامل البيئية تلعب دورا مهما في موعد بدء البلوغ لدى الإناث، مثل وجود هرمون الأستروجين النباتي في المحاصيل الزراعية، ومنتجات اللحوم الحيوانية، وكذلك الأستروجين الاصطناعي المتواجد في المنتجات البتروكيميائية مثل البلاستيك، والنايلون، وجميعها أدت إلى تغيير مواعيد البلوغ لدى الإناث بشكل ملحوظ، وأسهمت في حدوثه مبكرا؛ مما أصبح يشكل إزعاجا لكثير من العائلات.

أهم أهداف علاج هذه الحالات يتمثل في تقليل تطور علامات البلوغ وتقليل نضج العظام وزيادة الطول النهائي المتوقع للبالغين، العلاج النفسي والاجتماعي والسلوكي، مع التنويه إلى أنه قد يكون علاج استخدام إبر تأخير البلوغ بمفرده، أو مع هرمون النمو سويا اعتمادا على حساب الطول المستقبلي المتوقع عند إقفال فجوة النمو وكيفية تقدم عمر العظام.

الخلاصة: من الصعب اتخاذ أي إجراء لعلاج الأطفال قصار القامة بعد البلوغ بسبب انغلاق العظم أو مشارفة الانغلاق، لذا فأن خير نصيحة هي عدم تجاهل تشخيص الأطفال وعلاجهم في سن مبكرة، فكلما كان التدخل العلاجي مبكرا كانت النتائج أفضل وأجدى، ومن الأخطاء التي تجعل بعض الآباء يترددون في علاج أبنائهم قصار القامة التداعيات المغلوطة التي يتم ترويجها سواء من قبل أشخاص بشكل مباشر أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي حول تأثير هرمون النمو على صحتهم، والحقيقة أن كل تلك التداعيات لا أساس لها من الصحة.