الإشراق، هل ينور حياتنا؟
الاثنين - 21 أغسطس 2023
Mon - 21 Aug 2023
يمكنني تعريف الإشراق بأنه تلك النفخة الروحية التي تصل للإنسان بفعل داخلي فتشرق نفسه بشيء مميز ورائع. بل يمكنني القول إن الإشراق يشمل حتى العلوم، والإبداع والفن، ويمكنني الاستعانة بالأمثلة السريعة لمعرفة الإشراق في داخل الإنسان، وأقول عنه إنه فعل روحي نفسي بالدرجة الأولى، لأنه تسقطه على كل ما حولك ويتسق بشكل كبير جدا مع توجهاتك.
فقارئ هذا المقال بمجرد الانتهاء منه، أو بالمنتصف فيه، تشرق من رأسه فكرة صغيرة تبدو في حالة توهج لحظي قوي، قد يترجمها أو يقيدها، وقد تتطور منه إلى شيء عملي وجميل، وقد تموت في لحظاتها كما ماتت مئات لحظات الإشراق السابقة، حتى العالم في المعمل، يظهر له أنه يسير في اتجاه صحيح، وفجأة وبلا سابق إنذار، وهو في سرير نومه أو هو في حمامه اليومي يأخذ حصته من النظافة اليومية؛ إذ بفكرة تشرق عليه قد تغير له خطة عمله العملي في المعمل، فإن لم يقيد الفكرة وتسيطر عليه هذه الفكرة المشرقة، فإنها ستطير، وإن قيدها فإنه قد تجعل من عمله اكتشافا مذهلا، وكذلك المعادلة الرياضية التي استعصت عن الحل، في عقل الرياضي الصغير، بمجرد أن يفيق من نومه يجد لها الحل، رغم أنه منذ أسابيع يفكر فيها، فكيف للحظة إشراق صغيرة أنقذت مشروعه الرياضي من الاستسلام بالفشل.
وصاحب اتخاذ القرارات، يفكر مليا كيف استمر على قراره غير الصائب طوال تلك الفترة من سنوات أو أشهر، لأنه في لحظة إشراق إداري أدرك أن ثمة حل آخر بمجرد اتخاذ القرار تغير كل شيء على صعيد مؤسسته أو شركته أو إدارته الصغيرة، ويمكن أن يضاف إليه الإشراق المادي والاقتصادي، وهو ما يمارسه التاجر من حيل تسويقية يتلاعب فيها بعقل المستهلك الصغير، فيمكنه جمع المال مقابل تغييرات بسيطة وغير مكلفة. لم تأت هذه الأفكار إلا من حالات الإشراق المادي الاقتصادي التي يمنح البعض لحظاتها، فيغير من وزن المنتج أو شكله أو طريقة التعامل معه أو طريقة إخراجه أو حتى لونه أو اسمه، بما يعطيه روحا مختلفة عما قبل تاركا أثرا على المستهلك، محققا الهدف الاقتصادي الذي ينتجه وهو تعظيم المال في يديه!.
أما الإشراق النفسي، فهو لحظات العودة للنفس التي يعود فيها المدمن من إدمانه إلى جادة الصواب، أو عندما يكتشف المكتئب أن علاج الاكتئاب في يده وحده وليست بيد أحد سواه، أو عندما يستبصر الإنسان نفسه وحاله بدون مساحيق الإنكار التي يغطي فيها وجه الحقيقة، تعتبر لحظة إشراق نفسي لا تتكرر. وتوبة المجرم من سلسلة جرائمه هي لحظات إشراق العدالة في رأسه، وكذلك السارق التي يتعوذ من سيطرة المال وهوس ظلم الناس، تعتبر لحظة إشراق اقتصادية عادلة لإنسان أدمن السرقة، وأولئك الناجون من ثنائية القطب أو التنمر أو الظلم الواقع عليهم من أعدائهم، إنما يعيشون لحظات الإشراق التي لن تتكر في حياتهم، عندما يقرر أن يكون علاجه بيده لا بيد غيره. كما أن من لحظات الإشراق النفسي، التألق وحب الحياة ومساعدة الآخرين وتقديم العون لهم، ومحبتهم والعدل والإنصاف في قضاياهم والابتسامة المجانية التي تمنح لكل من أحببنا ومن لم نحب، لأنه حق الآخرين علينا وليس منحة مجانية نقدمها للآخرين بلا سبب يذكر، بل السبب هو مصلحته الشخصية البحتة، لأن كل هذه الأعمال الخيرية اللطيفة تقدم له الإشراق على طبق من حب!.
إن الإشراق المسيحي، هو النور اللاهوتي الذي يقول به المسيحيون، والذي خلاله ظنوا أنهم عرفوا الحقيقة.
أما الإشراق الصوفي، فهو تلك اللحظات الإيجابية التي تشرق أرواحهم رضا بالله وقدره ومعرفته حق المعرفة، بينما يسمي أهل السنة تلك اللحظة الإشراقية بالفتح الرباني عليه، ويشيرون إلى ما قبلها بالاستعصاء (حتى إذا استعصت علي المسألة قمت لله فصليت ركعتين)، وهي الطريقة التي يصل بها الرجل السلفي للحظة الإشراق والصفاء حتى يفتح الله عليه من بركات الأرض والسماء.
أما أدوات الإشراق فهي كثيرة وغير محدودة، فقراءة كتاب قد تكون لحظة إشراق، ولحظات التأمل قد تكون هي فرصة الإشراق لديك، وقد يكون الإنصات لفكرة هي لحظة الإشراق، وآخرون تكون لحظات الإشراق لديهم هي نصيحة من شخص صادق لحظة تقبل.
أما بعضنا، فإن لحظات الإشراق لديه هي الصدمات التي لا تقتله لكنها تحييه. ولدى آخرين فإن لحظات الإشراق هي عند الفقر، أو عند تخلي الأحباب عنه، أو لحظات موت قريب له، أو لحظات الخسارات المؤلمة، او لحظات الفرح المخيفة.
لحظات الإشراق لا تعد ولا تحصى، ويجمعها شيء واحد هو الإشراق نفسه، بل إن الأمم تعيش لحظة إشراق عندما تقرر أن تتخلص من عبودية ما لتنهض من نيره، أو لحظة إشراق اقتصادية تنعتق من طرق السوق المحلية لطرق السوق العالمية في الزمن والوقت المناسب، والإشراق عموما لا قاعدة له سوى أنه نفحة روحية تصل للإنسان، فتشرق روحه وحياته من موت سابق!.
Halemalbaarrak@
فقارئ هذا المقال بمجرد الانتهاء منه، أو بالمنتصف فيه، تشرق من رأسه فكرة صغيرة تبدو في حالة توهج لحظي قوي، قد يترجمها أو يقيدها، وقد تتطور منه إلى شيء عملي وجميل، وقد تموت في لحظاتها كما ماتت مئات لحظات الإشراق السابقة، حتى العالم في المعمل، يظهر له أنه يسير في اتجاه صحيح، وفجأة وبلا سابق إنذار، وهو في سرير نومه أو هو في حمامه اليومي يأخذ حصته من النظافة اليومية؛ إذ بفكرة تشرق عليه قد تغير له خطة عمله العملي في المعمل، فإن لم يقيد الفكرة وتسيطر عليه هذه الفكرة المشرقة، فإنها ستطير، وإن قيدها فإنه قد تجعل من عمله اكتشافا مذهلا، وكذلك المعادلة الرياضية التي استعصت عن الحل، في عقل الرياضي الصغير، بمجرد أن يفيق من نومه يجد لها الحل، رغم أنه منذ أسابيع يفكر فيها، فكيف للحظة إشراق صغيرة أنقذت مشروعه الرياضي من الاستسلام بالفشل.
وصاحب اتخاذ القرارات، يفكر مليا كيف استمر على قراره غير الصائب طوال تلك الفترة من سنوات أو أشهر، لأنه في لحظة إشراق إداري أدرك أن ثمة حل آخر بمجرد اتخاذ القرار تغير كل شيء على صعيد مؤسسته أو شركته أو إدارته الصغيرة، ويمكن أن يضاف إليه الإشراق المادي والاقتصادي، وهو ما يمارسه التاجر من حيل تسويقية يتلاعب فيها بعقل المستهلك الصغير، فيمكنه جمع المال مقابل تغييرات بسيطة وغير مكلفة. لم تأت هذه الأفكار إلا من حالات الإشراق المادي الاقتصادي التي يمنح البعض لحظاتها، فيغير من وزن المنتج أو شكله أو طريقة التعامل معه أو طريقة إخراجه أو حتى لونه أو اسمه، بما يعطيه روحا مختلفة عما قبل تاركا أثرا على المستهلك، محققا الهدف الاقتصادي الذي ينتجه وهو تعظيم المال في يديه!.
أما الإشراق النفسي، فهو لحظات العودة للنفس التي يعود فيها المدمن من إدمانه إلى جادة الصواب، أو عندما يكتشف المكتئب أن علاج الاكتئاب في يده وحده وليست بيد أحد سواه، أو عندما يستبصر الإنسان نفسه وحاله بدون مساحيق الإنكار التي يغطي فيها وجه الحقيقة، تعتبر لحظة إشراق نفسي لا تتكرر. وتوبة المجرم من سلسلة جرائمه هي لحظات إشراق العدالة في رأسه، وكذلك السارق التي يتعوذ من سيطرة المال وهوس ظلم الناس، تعتبر لحظة إشراق اقتصادية عادلة لإنسان أدمن السرقة، وأولئك الناجون من ثنائية القطب أو التنمر أو الظلم الواقع عليهم من أعدائهم، إنما يعيشون لحظات الإشراق التي لن تتكر في حياتهم، عندما يقرر أن يكون علاجه بيده لا بيد غيره. كما أن من لحظات الإشراق النفسي، التألق وحب الحياة ومساعدة الآخرين وتقديم العون لهم، ومحبتهم والعدل والإنصاف في قضاياهم والابتسامة المجانية التي تمنح لكل من أحببنا ومن لم نحب، لأنه حق الآخرين علينا وليس منحة مجانية نقدمها للآخرين بلا سبب يذكر، بل السبب هو مصلحته الشخصية البحتة، لأن كل هذه الأعمال الخيرية اللطيفة تقدم له الإشراق على طبق من حب!.
إن الإشراق المسيحي، هو النور اللاهوتي الذي يقول به المسيحيون، والذي خلاله ظنوا أنهم عرفوا الحقيقة.
أما الإشراق الصوفي، فهو تلك اللحظات الإيجابية التي تشرق أرواحهم رضا بالله وقدره ومعرفته حق المعرفة، بينما يسمي أهل السنة تلك اللحظة الإشراقية بالفتح الرباني عليه، ويشيرون إلى ما قبلها بالاستعصاء (حتى إذا استعصت علي المسألة قمت لله فصليت ركعتين)، وهي الطريقة التي يصل بها الرجل السلفي للحظة الإشراق والصفاء حتى يفتح الله عليه من بركات الأرض والسماء.
أما أدوات الإشراق فهي كثيرة وغير محدودة، فقراءة كتاب قد تكون لحظة إشراق، ولحظات التأمل قد تكون هي فرصة الإشراق لديك، وقد يكون الإنصات لفكرة هي لحظة الإشراق، وآخرون تكون لحظات الإشراق لديهم هي نصيحة من شخص صادق لحظة تقبل.
أما بعضنا، فإن لحظات الإشراق لديه هي الصدمات التي لا تقتله لكنها تحييه. ولدى آخرين فإن لحظات الإشراق هي عند الفقر، أو عند تخلي الأحباب عنه، أو لحظات موت قريب له، أو لحظات الخسارات المؤلمة، او لحظات الفرح المخيفة.
لحظات الإشراق لا تعد ولا تحصى، ويجمعها شيء واحد هو الإشراق نفسه، بل إن الأمم تعيش لحظة إشراق عندما تقرر أن تتخلص من عبودية ما لتنهض من نيره، أو لحظة إشراق اقتصادية تنعتق من طرق السوق المحلية لطرق السوق العالمية في الزمن والوقت المناسب، والإشراق عموما لا قاعدة له سوى أنه نفحة روحية تصل للإنسان، فتشرق روحه وحياته من موت سابق!.
Halemalbaarrak@