سعد باسلوم

اقتصاديات الطب التكميلي في ألمانيا

الأحد - 20 أغسطس 2023

Sun - 20 Aug 2023

كان لصناعة الطب التكميلي تأثير كبير على الاقتصاد الألماني، فوفقا لتقرير صادر عن وزارة الصحة الفيدرالية الألمانية، حققت الصناعة إيرادات بقيمة 1.3 مليار يورو في عام 2017، هذا الرقم زاد بعد ذلك بعامين ليمثل نموا بأكثر من 20% في ظرف أقل من عامين، هذه الأرقام وهذه الزيادات في المعدلات بقيم مرتفعة تعطيك فكرة جيدة عن مدى توسع وانتشار الطب التكميلي في ألمانيا وفي العالم كله، هذا ما رأيناه حقيقة في الهند بشكل جلي وفي مقالتنا هذه عن ألمانيا، وسنراه تباعا في المقالات المقبلة عن التجارب المختلفة والعديدة لدول أخرى في مجال الطب التكميلي، جدير بالتنويه هنا، إلى أن هذه الإيرادات قد أسهمت في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ووفرت الكثير من فرص العمل بنسبة مقبولة.

فيما يلي الأوجه المختلفة لتأثيرات الطب التكميلي على الاقتصاد الألماني:

الأدوية التكميلية / الأعشاب الطبية

تمتلك ألمانيا صناعة كبيرة من الأدوية العشبية، والتي تشمل زراعة الأعشاب ومعالجتها وتصنيعها، يعد السوق الألماني للأدوية العشبية من أكبر الأسواق في أوروبا، وتعد البلاد منتجا ومصدرا رئيسا للأدوية العشبية، تزرع العديد من الأعشاب المستخدمة في الأدوية العشبية في ألمانيا، مثل البابونج والنعناع وحشيشة الهر وغير ذلك، حيث يتم تنظيم زراعة النباتات الطبية من قبل وزارة الأغذية والزراعة الفيدرالية الألمانية، والتي تحدد معايير جودة وسلامة الأدوية العشبية، بالإضافة إلى زراعة الأعشاب، تستورد ألمانيا أيضا أعشابا من دول أخرى، فوفقا لتقرير صادر عن وزارة الأغذية والزراعة الفيدرالية الألمانية، استوردت ألمانيا حوالي 158 ألف طن من النباتات الطبية والعطرية في عام 2018، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 489 مليون يورو.

تعتبر صناعة الأدوية العشبية مصدر دخل مهم لألمانيا، فوفقا لتقرير صادر عن وزارة الأغذية والزراعة الفيدرالية الألمانية، بلغ حجم مبيعات صناعة الأدوية العشبية الألمانية حوالي 1.2 مليار يورو في عام 2018، حيث شكلت الصادرات حوالي 40% من إجمالي المبيعات.

الجدير بالذكر نمو سوق منتجات الأعشاب الطبيعية في ألمانيا بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث قفزت الأرباح التي حققتها صناعة الأدوية التكميلية وبلغت الإيرادات بنهاية الربع الأخير من العام 2019 زيادة قدرها أكثر من 1.6 مليار يورو في ألمانيا من خلال الصناعات المباشرة لهذه المنظومة التكاملية التكميلية وفقا لتقرير صادر عن وزارة الصحة الفيدرالية الألمانية، ويمثل هذا نموا بنسبة 23% مقارنة بما تم تحقيقه قبل ذلك بعامين.

وفقا لتقرير صادر عن الجمعية الألمانية لمصنعي الأدوية العشبية، بلغ حجم سوق منتجات الأعشاب الطبيعية في ألمانيا 1.2 مليار يورو في عام 2020 بالطبع إن هذا التراجع مفهوم بسبب جائحة كورونا وتأثيراتها الاقتصادية البالغة على مختلف الصناعات، ووجد التقرير أيضا أن هناك ما يقرب من 1500 مصنع لمنتجات الأعشاب الطبيعية في ألمانيا، ومعظمهم من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، حيث تهيمن منتجات الزكام والإنفلونزا على السوق، تليها منتجات مشاكل الجهاز الهضمي والإجهاد والأرق.

الوخز بالإبر

نما سوق خدمات الوخز بالإبر في ألمانيا بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، فوفقا لتقرير صادر عن جمعية الوخز بالإبر الألمانية، بلغ حجم سوق خدمات الوخز بالإبر في ألمانيا 250 مليون يورو في عام 2020، ويمثل هذا زيادة بنسبة 25% عن عام 2015، عندما كانت قيمة السوق تبلغ 200 مليون يورو، ووجد التقرير أيضا أن هناك ما يقرب من 7000 من أخصائيي الوخز بالإبر يمارسون العلاج بالوخز بالإبر في ألمانيا، ومعظمهم أطباء تلقوا تدريبا إضافيا في الوخز بالإبر، علما أن هناك عددا متزايدا من الممارسين غير الطبيين، مثل: المعالجين بالطبيعة، الذين يقدمون خدمات الوخز بالإبر أو ممارسي الوخز الإبري المختصين.

مجال السياحة العلاجية

كانت صناعة السياحة من المستفيدين الرئيسيين من نمو صناعة الطب التكميلي في ألمانيا، استثمرت الدولة في تطوير مدن المنتجعات الصحية والمراكز الصحية التي تقدم مجموعة من العلاجات التكميلية، مثل الوخز بالإبر والأدوية العشبية، وقد ساعد ذلك في جذب الزوار من جميع أنحاء العالم، وتعزيز صناعة السياحة والمساهمة في سمعة ألمانيا كوجهة للسياحة الطبية والاستشفائية.

غالبا ما تستخدم منتجات وعلاجات الطب التكميلي جنبا إلى جنب مع الطب التقليدي، مما يخلق سوقا لمنتجات الأدوية التكميلية في صناعة الأدوية كذلك، حيث أسهم تطوير منتجعات الاسترخاء والمراكز الصحية التي تقدم علاجات طبية تكميلية في نمو السياحة العلاجية والاستشفائية في ألمانيا.

تمكين رأس المال البشري وزيادة الاستثمار

تواصل صناعة الطب التكميلي توفير فرص العمل في ألمانيا، فوفقا للتقرير نفسه الصادر عن وزارة الصحة الفيدرالية الألمانية، توظف الصناعة حوالي 93 ألف شخص في ألمانيا، بزيادة قدرها 9% مقارنة بـ 85 ألف موظف في عام 2017، من جهة أخرى اجتذب نمو صناعة الطب التكميلي في ألمانيا استثمارات من مصادر محلية ودولية، فوفقا للتقرير نفسه، استثمرت الصناعة 125 مليون يورو في البحث والتطوير في عام 2019.

المملكة ورؤية 2030

تسعي المملكة من خلال توجهها ورؤيتها لما سيشكل من اقتصادها وآفاقها المستقبلية من خلال رؤية 2030 وتوجيهات سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى تفعيل آليات اقتصادية جديدة تحقق لها موارد ومداخيل ذات إضافة نوعية جديدة لاقتصادها الذي بدأ بالفعل ومنذ سنوات في اتخاذ مناحي مختلفة ومتنوعة وعدم الاعتمادية على النفط وحده كمورد رئيس للدخل في المملكة، إلا أن الرؤية لا تستند في كونها فقط اقتصادية بحتة، ولكنها تركز على عامل الإنسان والتمكين والإنتاج كذلك، وإذا ما نظرنا فيما نحن فيه في هذه السلسلة وما يبتغيه الطب التكميلي من خلق فرد سليم يكون قادر على الإنتاج فلا يمكن أن تتوافق أهدافنا أكثر مما تبتغيه رؤية سمو سيدي ولى العهد، كما أن تجارب الدول التي نستعرضها مرجع للانطلاق لنا في خلق اقتصاد الطب التكميلي السعودي خصوصا وأننا نملك كل العوامل الممكنة لتكون تجربتنا أكثر تفردا وتميزا.

SaadBaslom@