خالد عمر حشوان

لماذا لا يتم تكييف ملاعب كرة القدم؟

الاحد - 20 أغسطس 2023

Sun - 20 Aug 2023

سؤال مهم أحببت أن أبدأ به مقالي عن هذا الموضوع المهم الذي يعانيه الجماهير واللاعبون وكل من يوجد في الملاعب، من مسؤولين ومنظمين وعمالة في فترة المباريات، خاصة في فصل الصيف التي نعانيها في دول الخليج، وتكون فيها الرطوبة في المناطق الساحلية في أعلى مستوياتها، وتؤثر على الحضور الجماهيري وأداء اللاعبين ومستوى المباراة عامة.

وقد لفت نظري تعليق أحد الإخوة الكرام في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بأن تكييف الملاعب أصبح أمرا حتميا، مما جعلني أناقش هذا الموضوع المهم مع ابن شقيقتي، المهندس المختص والحاصل على ماجستير في الهندسة الصناعية في هذا المجال، وفكرة استثمار الطاقة الشمسية في تكييف الملاعب لتوفير تكلفة الطاقة الكهربائية، والذي أفادني بمعلومات مهمة عن الطاقة الشمسية، وهي أن الشمس مصدر لغالب أنواع الطاقة، وأن هناك فرقا بين الطاقة الشمسية المركزة والطاقة الكهروضوئية، نلخصها في الآتي:

الطاقة الشمسية المركزة: هي التي تعتمد على استخدام المرايا أو العدسات، لتركيز مساحة كبيرة من ضوء الشمس على مساحة صغيرة لإنتاج الطاقة الكهربائية، عندما تحوّل الطاقة الشمسية إلى حرارة، والجدير بالذكر كمثال في هذا النوع من الطاقة هو «محطة شمس 1 في أبو ظبي»، والتي تعد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية المركزة في العالم، ويوفر 7% من احتياجات إمارة أبو ظبي من الطاقة المتجددة بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميغا واط، ويتم توليد الطاقة الكهربائية من حرارة الشمس وليس ضوء الشمس، خلافا لتكنولوجيا الألواح الكهروضوئية الشمسية، بل ويتفادى إطلاق 175 ألف طن سنويا من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل زراعة 1.5 مليون شجرة، أو إزالة 15 ألف سيارة من الطرقات.

الطاقة الكهروضوئية: تتمثل في تحويل جزيئات الضوء (الأشعة الشمسية) إلى طاقة كهربائية خلال ثلاثة أنواع من ألواح الطاقة الشمسية، وهي الأفضل من حيث الجودة مثل: ألواح السيليكون أحادية البلورة، وألواح السيليكون متعددة البلورات، والألواح الرقيقة، بحيث يتم اختيار التقنية المناسبة لكل مشروع حسب كمية الشمس المحتملة، والموقع الجغرافي والمتطلبات المالية، وتعد المصدر الأكثر تطورا في الوقت الحاضر، لأنها تعمل على مدار العام، وتحقق الاستقلال للطاقة، ولا تحتاج لعمليات صيانة معقدة، وهي مصدر مهم للطاقة المتجددة، وصديق للبيئة، وموفر لكثير من التكاليف.

كان لدولة قطر تجربة فعالة في مونديال قطر 2022 لتبريد الملاعب، إذ كانت تعمل آلية التبريد على توزيع ومرور الهواء المبرّد عبر مخارج أسفل مقاعد الجماهير وفوهات كبيرة لتبريد أرضية الملعب، ويتم سحب الهواء المبرد من قبل لتبريده مرة أخرى وتنقيته قبل الدفع به مجددا للملعب، على ألا تتجاوز درجة الحرارة 21 درجة مئوية، لتحويل الملعب إلى فقاعة هواء معزولة تماما، خلال مستشعرات مثبتة لعزل الملعب، والحيلولة دون التأثر بالأجواء الخارجية، مما يوفر أيضا بيئة مناخية مناسبة لعشب صحي خال من الأمراض الفطرية وغيرها، ويحمي اللاعبين من الإصابات التي يتعرضون لها في درجات الحرارة والبرودة الشديدتين، وتلبي هذه الآلية متطلبات الاستدامة، حيث تولد الطاقة من موقع عملاق للطاقة الشمسية في الصحراء خارج العاصمة الدوحة، ويعد استاد خليفة الدولي أول ملعب جرى تجهيزه بتقنية التبريد.

ملعب فانكدروف بالعاصمة السويسرية برن، هو أعظم من صرح رياضي وأكثر من محفل كروي، فهو ملعب متعدد الأغراض، حيث بني فوق سطحه محطة تستخدم الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتتكون من 12 ألف متر مربع من الخلايا الضوئية (7930 وحدة شمسية)، وبمقدورها إنتاج طاقة كهربائية تقدر بـ 1,34 مليون كيلو واط ساعة، وأصبحت المحطة منذ افتتاحها في 2005 معلما سياحيا يستقطب الكثير من عشاق التكنولوجيا الخضراء.

ويزور المحطة عشرات الآلاف من الزوار سنويا، رغبة منهم في الاستمتاع بالمنظر الخلاب للمنشأة التي يطلق عليها اسم «شمس»، وتمتد فوق سطح ملعب كرة القدم، ويقلل هذا الصرح من انبعاث 630 طنا من ثاني أكسيد الكربون سنويا.

وهناك ملاعب أخرى منها على سبيل الذكر لا الحصر «ملعب مينيرو بالبرازيل»، ثاني أكبر ملعب لديهم بعد ماراكانا، مجهز بنظام شمسي يبلغ ذروته 1.4 ميغاواط. و»استاد كاوشيونغ الياباني» أول ملعب تم تشغيله بتكنولوجيا الطاقة الشمسية بـ8844 لوحة شمسية.

أما الرسالة التي أرغب في توجيهها لوزارة الطاقة ووزارة الرياضة، هي دراسة هذا الموضوع الحساس، وإيجاد حلول عاجلة لتكييف وتبريد الملاعب، خاصة بعد النقلة النوعية المستحدثة في كرة القدم السعودية ومشروع الاستثمار وتخصيص الأندية، لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، وتنمية التعاون بين القطاع الرياضي والاستثماري والتنموي الخاص لزيادة إسهام القطاع الرياضي في الناتج المحلي، وزيادة القيمة السوقية والعلامة التجارية للأندية السعودية، وخلق فرص استثمارية جاذبة في القطاع الرياضي، ورفع الحركة التنافسية في المسابقات والمحافل الرياضة، لتحقيق أكبر درجات التميز الرياضي على الصعيد القاري والعالمي، وتطوير المرافق الرياضية لخلق بيئة جاذبة ومثالية.

HahswanO@