حياة محمد العلياني

هل حرمان الأطفال من الإنترنت ليلا حل ناجع؟

الأربعاء - 16 أغسطس 2023

Wed - 16 Aug 2023

قال جون ديوي المفكر والتربوي: «يأتي زمن يتوجب فيه على الأطفال توسيع اطلاعهم على الأشياء الموجودة وجعلها أدق، وعليهم إدراك الغايات والعواقب بتحديد كاف لكي يواجهوا أفعالهم بوساطتها، وعليهم الاستحواذ على مهارات تقنية في انتقاء هذه الوسائل لتحقيق هذه الغايات وترتيبها»، فهل يقصد ديوي اكتساب مزيد من القدرة والتناغم مع الآخرين، ومزيد من المهارة في التواصل، وهو ما سيؤهله لتحمل مسؤولية نفسه في العالم الرقمي، خاصة أن الإنترنت أصبح جزءا أساسيا من حياة جميع البشر، بمن فيهم الأطفال.

من هنا، نتساءل: كيف نحمي أطفالنا من مخاطر التقنية الحديثة؟ وهل القانون الجديد الذي فرضته الصين يمنع القصّر من استخدام الإنترنت ليلا، الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما على هواتفهم الذكية، يمكن تطبيقه في العالم ككل؟، فيما سيصبح الوقت اليومي الذي يمضونه على الشبكة محدودا، بموجب قانون جديد لمكافحة الإدمان على الإنترنت، وينص القانون الذي يُفترض أن يدخل حيز التنفيذ في الثاني من سبتمبر، بعد جلسة استشارية عامة تنظيمية، على منع أي قاصر من استخدام الإنترنت عبر أي جهاز محمول بين الـ10 مساء والـ6 صباحا.

وذلك قد يعطي مزيدا من التوازن في مرحلة مهمة تفي بالغرض ذاته، والوصول إلى رعاية الهدف ووسيلة تنفيذه، سيُحّمل عبر الهواتف نظام يحد من الوقت اليومي الذي يمضيه القصر وهم يتصفحون شبكة الإنترنت عبر الهواتف الذكية، إذ يحق لمن تراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما باستخدام الإنترنت لساعتين، مقابل 40 دقيقة فقط للأطفال دون الثامنة، وهذه القواعد الجديدة التي اقترحتها إدارة الفضاء الالكتروني الصينية سيتم تنفيذها خلال وسائل تقنية هي من بين أكثر الإجراءات صرامة في العالم بهذا الجانب.

ما أريده هو أن أدافع عن قيمة التفكير العقلي الواعي المستبصر في الحياة اليومية، وأهمية شبكة الإنترنت في كثير من الاستخدامات، وتعزيز التفكير العلمي الذي يعد شيئا رائعا للأطفال، إذ يمكنهم استخدامه للبحث أيضا إضافة للعب، ومساعدتهم في أداء واجباتهم المدرسية، والاستحواذ على مهارات تقنية تحقق منافع لكل المراحل المبكرة واللاحقة في التواصل مع المعلمين والأطفال الآخرين، واستخدام الألعاب التفاعلية.

سيمضي بعض الباحثين في محاولتهم طمأنتنا إلى أن الطبيعة الانفعالية هي أمر جيد، وجدير بنوعية مستلزمات الوعي ونسبة الإحساس بالخطأ والصواب، فهل تتيح هذه الإجراءات الجديدة «إيجاد بيئة إنترنت آمنة وصحية للقصّر»؟

في المقابل، ثمة فظائع يرتكبها أفراد لا يهتمون كثيرا بالأخلاق، وأحد مظاهر ذلك القلق الذي يُنشر عن المثلية وانتهاك صريح للطفولة، وفي أعقاب هذه الإجراءات التي اتخذتها السلطات الصينية خلال السنوات الأخيرة للحد من استخدام القصّر للإنترنت، لمكافحة الغزو الفكري وأعمال العنف.

بما أن الأمر كذلك، فإن هذه المجالات قد جرى البحث فيها واكتسبت أهمية بالغة في حياتنا، وكان حاصل المتابعة الحثيثة للأبناء يفيد بأن قدرة الشخص على مواجهة كل التحديات التي فرضتها التقنيات على العالم، وفق تقييم الأهل والأقارب وتنظيم وهيكلة وقت الفراغ، تنتج تماثلا بين الرعاية والمراقبة والاهتمام، ولكن تظل هناك دائما استثناءات فردية وإفراط في الاستخدامات المتنوعة تؤخذ في الحسبان.

وتبعا لذلك، فإن طفل اليوم يقضي وقتا يفوق أي وقت مضى على مدى التاريخ البشري، محدقا في شاشة تعرض ألعاب فيديو ومواقع أخرى، وهي بلا شك تجربة طبيعية لم يسبق لها مثيل، فهل سيصبح الأطفال أصحاب الذكاء التكنولوجي كبارا قادرين على التعامل مع غيرهم من الأشخاص بنفس المرونة التي يتعاملون بها مع الحاسب؟.

وقال كثير إن الطفل عندما يقضي جل وقته محصورا في ظل عالم مثل هذا، سيحرم من المهارات اللازمة للتعامل مع الأشخاص.

مع كل يوم جديد، تأتينا الأنباء زاخرة بتقارير تؤكد أن ثمة دراسات جديرة بأن تنشر، إذ بوسع تأثيرات معينة تعالج كل الإشكالات على نحو مطرد إذا لم تخرج بعض دول العالم عن المألوف، وتنادي بالمثلية وتنشرها على وسائل الإعلام المخصصة للأطفال، وبث مشاهد العنف والإرهاب.

إنه لأمر مهم أن تبقى بيئة الطفل قيد الرعاية والاهتمام، فإن قليلا من الاهتمام يحدث فرقا عمليا في مقابل تأثيرات أخرى، ولمعالجة هذه المشكلة الخطيرة، وضعت المفوضية الأوروبية استراتيجية خاصة للتعامل معها، بهدف توفير بيئة آمنة للأطفال على الشبكة الدولية.

والأمم المتحدة وجهت أيضا دعوة للخبراء لخلق بيئة أكثر أمانا للأطفال، فهل تطبيق هذا القانون الجديد يجد أصداء أكبر في العالم أو لا ينظر إليه كحل من الحلول، ويطبق في الداخل الصيني فقط؟