عمر العمري

كيف هي الروح المعنوية مع بداية العام الدراسي؟!

الأربعاء - 16 أغسطس 2023

Wed - 16 Aug 2023

أعتقد أن الروح المعنوية لمنسوبي الميدان التعليمي ليست في أحسن أحوالها، بسبب ما شهدته مهنة التعليم في الفترة الأخيرة، من تعديلات كبيرة وتعاميم وقرارات وتنبيهات ما قد يوازي ما صدر منذ نشأة التعليم بالمملكة وفقا لوجهة نظرهم، وهم يتحدثون هنا عن التغيرات الجوهرية في منظومة التعليم، بداية من قرار الفصول الدراسية الثلاثة، وتقليص إجازات المعلمين الرسمية، انتقالا بالمطالبة بالرخصة المهنية، والتهديد بإيقاف العلاوة السنوية في حالة عدم الحصول عليها، وتحديات النقل وقضاياه، وارتفاع أنصبة المعلمين، وآلية سد الاحتياج وفق دليل الاستثمار الأمثل لشاغلي الوظائف التعليمية، وزيادة عدد الطلاب في القاعات الدراسية (الفصول)، وتكليف مديري المدرسة بتدريس تخصصاتهم، مع التلويح في الأفق بتطبيق نظام «البصمة» لرصد حضور المعلمين في الميدان التربوي، في ظل أن المنتسبين لهذه المهنة حققوا نسب انضباط حضورية عالية تفوق نسبة 95% من إجمالي عددهم، وفق المجلس الوطني الأمريكي لجودة المعلم، وكانت الإجازة المرضية السبب الرئيس الذي ذكره المعلمون لغيابهم (إذ شكل 52% من حالات أعذار الغياب).

فهل الواقع - وأعتقد أن النسب لدينا متقاربة - يستدعي استجلاب التعامل وفق هذا النظام، وهل المطلوب من المعلم أن يكون حاضرا في نطاق مبنى المدرسة فقط، أم أنه يجب أن تعزز لديه المسؤولية ويستشعر الأمانة ويعطى الثقة والتقدير، ليبدأ بروح معنوية عالية في اتصال إنساني مع أبنائه الطلاب، وفق اتفاق ضمني وجدول محدد وحصة تعليمية معلومة الوقت والمنهج، وبمتابعة مستمرة ومعهودة من إدارات مدارسهم في الحضور والانصراف، وسير العملية التعليمية في القاعات الدراسية. نحن هنا نتحدث عن رجال وفق رتب جامعية وعلمية عالية، يستحقون الأكثر من كل أطياف المجتمع، من التقدير والاحترام (وهذا حاصل والحمدالله)، فالواجب علينا جميعا أن نعزز ذلك ونتشارك جميعا في إبراز دورهم النبيل ورسالتهم السامية.

أعتقد أن العمل على القشور يضعف الروح المعنوية في أي قطاع، في ظل غياب تعاميم أو قرارات في الجانب الآخر التحفيزي والمشجع والمعنوي، سواء أكانت هذه حوافز إدارية أو مالية أو برامج تطورية تدريبية حضورية - وليس وفق نظام دورات «عن بعد» التي قتلت المتعة في عالم الدورات، وأضعفت التواصل الإنساني فيها، وهو أساس أي عملية تعليمية وتطورية ومهارية - لزيادة مستويات الرضا الوظيفي لدى العاملين.

ويكتسب التعليم وأدواته أهميته من كونه المسؤول الوحيد على إعداد وصقل الكوادر البشرية، لتكون أكثر استعدادا لتلبية احتياجات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمساعدة في زيادة إنتاجية التعليم والانتفاع بالكفاءات المتوافرة (وبلا شك التحديات كبيرة)، كما تلعب الإدارة التربوية (وزارة التعليم وإدارتها العامة) دورا كبيرا في الاسهام في رفع الروح المعنوية بين العاملين في المؤسسات التعليمية المختلفة، والتأسيس للإدارة المدرسية التي تنفذ السياسات التربوية والتعليمية، وتحسن الاستثمار الأمثل للموارد البشرية، وتنظم جهودهم لتحقيق الأهداف المنشودة.

أكدت الدارسات العلمية أن المعلم سيبقى محور العملية التعليمية، وحجر الزاوية الذي يستند عليه في تحقيق الرسالة الوطنية للتعليم، وتعزى كمية إنتاج المعلم لمستوى الروح المعنوية التي يتمتع بها، فإذا شعر المعلم بأن القيادة المدرسية قادرة على فهم متطلباته والعمل معه وفق مبادئ الاحترام والمشاركة والتنظيم، وانسجام القرارات والتعاميم مع رسالته، كلما كان المعلم أكثر إنتاجا ورضا في عمله.

3OMRAL3MRI@